طريق السلام يمرُ عبر اربيل .!

نادر دوغاتي 

اربعة عشر قرنا لم يتمكن الشيعة وعبر مراحل الصراع هذه من الاخذ بثأر الحسين من بني امية وصولاً الى مرحلة سقوط نظام صدام المقبور عام 2003 و استلام الشيعة مقاليد السلطة في هذا البلد، اي فترة حكم المالكي الطائفي البغيض بالتحديد الذي سخر كل قوته لضرب السنة في وسط وغرب العراق بيد من حديد وبشتى الوسائل و بإشراف و تخطيط مباشر من اسياده الإيرانيين، ورغم كل هذه الحملة الشرسة، فشل مخططه ولم يتمكن من تحقيق اهدافه وكانت النتيجة هي ولادة تنظيم (الدولة الارهابية في العراق و الشام -داعش) مما ادى الى سقوط مدينة (نينوى – الموصل ) و احتلالها من قبل هذا التنظيم الارهابي و بتواطؤ و تآمر من المالكي نفسه دون قتال او حتى اطلاق رصاصة واحدة، متهماً بذلك ساسة وقادة السنة بالتخاذل والتآمر على الدولة حسب تصريحاته عبر وسايل الاعلام، والحقيقة من وراء كل هذا المخطط هو تهديد الكورد وضربهم ومحاصرتهم. ولم يتوقف تآمر المالكي الى هذا الحد بل قام بدعم نظام الاسد العلوي (الشيعي) السوري من الجهة الاخرى لخلق عدوٍ آخر للمعارضة السورية . 
رغم كل هذا التآمر على الكورد، كانت كوردستان دائما وما تزال ملاذاً و ملجأً آمناً لقادة وساسة الشيعة عندما كانوا مطاردين وملاحقين من قبل النظام البعثي العفلقي البائد حتى سقوطه، و مدينة اربيل عاصمة إقليم كوردستان التي احتضنتهم منذ العام 2003 اي سقوط و انهيار نظام البعث البغيض احتضنت قادة السنة كما اسلفنا من تسلط وعنجهية و تهديد النظام الطائفي الشيعي في بغداد وخاصة فترة حكم المالكي الدكتاتوري. ورغم احتضان الكورد لهؤلاء (سنة – شيعة) وتوفير الحماية والامان لهم ! لكنهم وللاسف نكثوا كل وعودهم وتخلوا عن مواقفهم التي كانوا يعبرون عنها دوماً بانهم يساندون و يتضامنون مع الكورد و في النهاية كشفوا عن حقيقتهم و إدعاءاتهم الزائفة تجاه الكورد . 
في خضم كل هذه الاحداث الساخنة بقي الكورد على حياد و لم يتحالفوا مع جهة ضد اخرى (السنة و الشيعة) لا في العراق و لا حتى في شؤون دول الجوار (إيران – تركيا – سوريا ) بل الكورد كانوا دائما عامل استقرار و سلام في العراق و المنطقة حيث ساهموا في كتابة دستور جديد للعراق يضمن فيه حق الجميع و هو اساس لحل كافة المشاكل و بناء دولة الشراكة و المواطنة الحقيقية و الدليل على ذلك هو مبادرة الرئيس مسعود بارزاني عام  2010 و كذلك مبادرة الرئيس بارزاني لإحلال السلام في تركيا . 
إذن ماذا تريد بغداد و طهران و انقرة من اربيل التي غدت عاصمة السلام و الاستقرار، و ما الذي يريدونه من مدينة (شنگال) المنكوبة الجريحة التي ما زالت تئن تحت الجراح التي لم تندمل حتى الآن بعد احتلالها من قبل تنظيم الدولة الإرهابية ( داعش ) عام 2014 ، لا بل تحويلها الى ممر لتوسيع رقعة الهلال الشيعي. 
ندائي الى ابناء جلدتي في شنگال هو ان يدركوا بان معضلة شنگال لا تحل في بغداد و طهران و لا في اية عاصمة و دولة اخرى دون العودة الى اربيل، نعم هناك الكثير من ابناء جلدتنا لم يدخروا جهداً لإيصال صوت الايزيديين الى الاروقة الدولية عندما تعرضوا للجينوسايد من قبل دولة الإرهاب في العراق و الشام ، و نحن نثمن جهودهم و هي مشكورة بلا شك . لكن مشكلتنا لن تجد لها حلاً دون العودة الى عاصمة السلام اربيل لانها مفتاح الحل و بذلك نكون قد تجنبنا الانقسام في البيت الإيزيدي وحافظنا على قرارنا الموحد. 
العراق فقد الشرعية ولم تعد توجد هناك ابسط مقومات الدولة منذ ان سقط نظام البعث البغيض عام 2003 حيث اصبح فريسة لسلطة الميليشيات والمافيا والذي تحول نتيجة هذا التسلط البغيض الى ساحة لتصفية حسابات  ايران الإقليمية و الدولية الى درجة جعله مطية لنظام الملالي وولاية الفقيه في ايران لتتحكم بنظامه السياسي والاقتصادي و الجغرافي و حتى الاجتماعي حيث انتشار الفقر و الدمار و الخراب في كل مكان من هذا البلد و بالتالي نهب ثرواته التي وصلت الى مليارات الدولارات . 
اخيراً و ليس آخراً….. طريق السلام يمر عبر اربيل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ما يلاحظ من صمت من قبل المثقف السوري أمام التحولات العميقة التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة يمثل في حقيقته ظاهرة لافتة، تكشف عن حجم التعقيد الذي يكتنف المشهد السوري. هذا الصمت- ولا أقصد الخطاب التهليلي الببغاوي- الصمت الذي قد يراه بعضنا خياراً واعياً بينما يجده آخرون منا نتيجة ضغوط وقيود، وهو لم يكن مجرد فعل فردي، بل…

خليل مصطفى منذ 13 عاماً ونخب كورد سوريا (المثقفون المُستقلون) لا زالوا يسألون: عن سبب عدم وحدة أحزابهُم السياسية.؟ وعن سبب ديمومة الخصومة بين زعماء أحزابهم.؟ يقول الله تعالى (عن المشركين): ( ما ينظُرُون إلا صيحة واحدة تأخُذُهُم وهم يَخِصِّمُون. يس 49 ). التفسير (التأويل): 1 ــ ما ينظُرُون: ما ينتظرُون إلا صعقة (نفخة) إسرافيل تضربهم فجأة، فيموتون في مكانهم….

بوتان زيباري في زوايا المشهد السوري المعقّد، تتشابك الخيوط بين أيدٍ كثيرة، بعضها ينسج الحكايات بدماء الأبرياء، والبعض الآخر يصفّق للقتلة كأنهم أبطال ميثولوجيون خرجوا من أساطير الحرب. في قلب هذا العبث، يقف أكثر من خمسة آلاف مقاتل أجنبي ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، وكأنهم غيوم داكنة جلبتها رياح التاريخ المشؤوم. هؤلاء لم يأتوا ليحملوا زيتون الشام في أيديهم…

اكرم حسين تستدعي الإجابة عن سؤال أيُّ سوريا نُريد؟ صياغة رؤية واضحة وشاملة تُعالج الجذور العميقة للأزمة السورية ، وتُقدّم نموذجاً لدولة حديثة تُلبي تطلعات جميع السوريين ، بحيث تستند هذه الرؤية إلى أسس الشراكة الوطنية، والتعددية السياسية، والمساواة الاجتماعية، وتجاوز إرث الاستبداد والصراعات التي مزّقت النسيج المجتمعي على مدار أكثر من عقد. لأن سوريا الجديدة يجب أن تبدأ…