أدناه بعض النقد، أرجو ألا يزعل أحد!

حسين جلبي
ابتعدت عن مواقع التواصل الاجتماعي الكُردية مؤخراً، وأغلقت تقريباً الصفحة العامة في حياتي لأسباب كثيرة منها ضيق الوقت، خاصةً مع وجود مشاريع كتابة تؤخرها التفاصيل اليومية، لذلك لا أعلم تقريباً عما يجري من استعراضات ومنازلات كُردية عديمة الجدوى والتأثير هناك، كونها تبقى حبيسة تلك الصفحات، ولا أحد يلتفت إليها أو يأخذها على محمل الجد، خاصةً ممن هم خارجها، الذين لا يعلم معظمهم عنها شيئاً.
لكن صديقاً ألَّح عليَّ منذ أيام، لمتابعة برنامج على قناة تلفزيونية كُردية على الفايسبوك. وهذه القنوات هي موضة بدأها الكُرد منذ فترة وتكاثرت كالفطر، مثل موضة الأحزاب والتنسيقيات واتحادات الكتاب والصحفيين والمواقع الإلكترونية والبثات المباشرة والأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب وصالونات الحلاقة والرئيس المشترك، سرعان ما تنقلب وبالاً وتخلق النفور، قبل أن يلمس المرء فائدة.
المهم، بعد مشاهدتي الحلقة (بدأت يدي تحكني)، وفكرت بالكتابة عنها ثم تراجعت، ثم فكرت ثانية وتراجعت مرة أُخرى، وهكذا دخلت في دوامة، لأن التجربة تقول بأن الصدق في التعبير في الوسط الكُردي بغرض التصويب، ومهما كان حجم الموضوع، معناه حصاداً من النقمة والعداوة ونعتك بشتى الأوصاف وكأنك عدوٌّ لدود، أما السكوت فهو علامة الرضا عن الشيء، وبقائك بالتالي في صف الأصحاب والأحباب. لكنني لم أكن راضياً عما شاهدت، وبما أن البرنامج يبث على العام وقد أضعت ساعتين من الوقت في متابعته، كانتا بمثابة جلد الذات، وخرجت منه خالي الوفاض، فمن حقي أن أكتب عنه.
الحلقة التي شاهدتها على القناة المشار إليها، كانت أول مشاهدة لي للقناة، أما الانطباع الأولي الذي تكون عندي وأثبتته المتابعة، فهو عدم وجود تحضير من قبل المحاور للموضوع وعدم وجود أسئلة حقيقية يغطي بها برنامجه، عدم وجود مَحاوِر للبرنامج، عدم إلمام المقدم بأبعاد موضوعه وبالتالي عدم التدرج في طرحه، إذ لا مقدمة لموضوع الحلقة ولا نقاش معمق لجوهره ولا خاتمة له، بطريقة يمكن أن تجذب المشاهد وتصل به إلى نتيجة، كما لم يكن هناك ضبط للوقت وكأن الغاية هي تعبئة الحلقة كيفما كان، وتم الاعتماد على تعليقات المتداخلين عبر الفايسبوك في تغطية النقص في الأسئلة، وتحويلها للضيوف للتعليق عليها بدورهم، وهذا الأمر وإن لم يحل عيوب الحلقة كلها، ربما باستثناء مساعدة المقدم في معرفة تقنية قبول المداخلات، إلا أنه ساعد في بقاء البرنامج صامداً مدة ساعتين، رغم أنه كان يمكن اختصاره في أقل من عشر دقائق.
الشيء الآخر الذي لفت انتباهي، هو طريقة ظهور بعض الضيوف وتصرفاتهم خلال البرنامج، حيث جلس البعض وراح يتحدث بطريقة (بيتية)، لا علاقة لها بالظهور كما يُفترض على شاشة ومخاطبة مشاهدين، وراح البعض يغادر بين الحين والآخر الكادر ويترك مكانه فارغاً أمام الكاميرا، ثم يعود ليتابع ما يجري (أتوقع بأن الذهاب كان للحمام أو ربما لشيء آخر أجهله). إن ظهور المرء على شاشة مهما كان وضعها، حتى إذا كانت بثاً مباشراً لأصدقاء صفحته، يفرض عليه سلوكيات معينة، منها التحضير النفسي والجسدي والحفاظ على المستوى، لأنه لا يعود موجوداً ضمن جدران بيته، بل يصبح ضيفاً على بيوت الآخرين.
في الواقع لم أصل إلى نتيجة من متابعة البرنامج، خرجت من المشاهدة مثلما دخلت إليها، ولم أتعرف علاوة على ذلك إلى هوية القناة رغم وجود اسم لها، وكأنني ذلك الفيسبوكي الذي يشكل الفيسبوك محور حياته، وتشكل صفحات أصدقائه مصدره الوحيد، يدخلها ويقرأها من الألف إلى الياء، يهنئ هذا ويعزي ذاك ويمدح هذا ويلعن ذاك، ثم ينسى كل شيء بمجرد إغلاق جهازه. أعود وأُكرر: لم تُطرح أسئلة حول موضوع الحلقة ولم تقدم أجوبة شافية حوله، وإذا كانت هناك بعض الاقتراحات التي ظهرت من متابعين، لا أعلم فيما إذا كانت القناة ستكتب محضراً بها، وستقدم بها اقتراحاً أو ستفعل شيئاً ما، ليس من أجل تقديم حل جذري للمواضيع التي تعالجها فحسب، بل للارتقاء بسويتها احتراماً لمشاهديها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…