عزالدين ملا
منذ أيام بدأت الجولة الرابعة لـ اللجنة الدستورية بين وفدي، المعارضة السورية ووفد النظام في جنيف.
♦- اللجنة الدستورية المصغرة لمناقشة الدستور الجديد وكيفية تنفيذها.
♦- تم ترحيل جميع ملفات استانا إلى جنيف.
♦- تم ترحيل ملف اللاجئين عن طريق وفد النظام إلى جنيف لخلط أوراق اللجنة المصغرة.
♦- روسيا وإيران وتركيا تضغط عن طريق أدواتها في اللجنة الدستورية لعرقلة سير جلساتها.
♦- النظام يحاول سحب البساط من اللجنة الدستورية و المعارضة، وإلهائهما بأمور أخرى.
♦- اللجنة الدستورية تتابع أعمالها خلال جولاتها ومازال الوضع في عفرين وكري سبي وسري كانييه تحت سيطرة الاحتلال التركي والفصائل التابعة لها.
♦-اللجنة الدستورية تتابع أعمالها ومازال القصف مستمرا من قبل روسيا والنظام على مناطق إدلب ومحيطها.
1- ما رأيكم بكل ما يجري الآن في ظل تتابع أعمال اللجنة الدستورية؟
2- هل مناقشة الدستور تفضي إلى حلول في ظل تشابك مصالح الدول في سوريا؟ ولماذا؟
3- كيف يمكن لـ اللجنة الدستورية دراسة مواد الدستور في ظل كل هذه التداخل المصالحي في سوريا؟
4- هل يمكن دراسة الدستور الجديد، وعدة مناطق مثل عفرين وكري سبي وسري كانييه محتلة؟
5- هل القفز على جميع السلال ومناقشة سلة الدستور لغايات سياسية أم لا؟ ولماذا؟
قرارات اللجنة الدستورية ليست ملزمة
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، نافع عبدالله، بالقول: اصرار وفد الحكومة منذ الجلسة الأولى وحتى الجلسة الرابعة على مناقشة المبادئ الوطنية أولاً خصوصاً مكافحة الارهاب واعتبار كل من حمل السلاح بوجه الدولة على حد قول وفد النظام يعتبر ارهابياً والدعوة برفع الحصار الاقتصادي عن سوريا ودخول المساعدات الانسانية وتسليمها إلى النظام، وبعدها الانتقال الي مناقشة وبحث المضامين الدستورية الأخرى. المتمثلة ب سيادة الدولة والحريات والهوية الوطنية وغيرها. من الجلي والواضح هناك مضيعة للوقت من جانب النظام وحلفائه الروس والايرانيين وكسب الوقت حتى يتم موعد الانتخابات القادم والتمديد لبشار الأسد لفترة رئاسية جديدة، أما الجهود الدولية وفي مقدمتهم امريكا فتصب في عملية انجاز الدستور واتمام اعمال اللجان الثلاث والخروج بصيغة دستور جديد قبل موعد التمديد للنظام، وتطبيق السلال الأخرى من القرار الدولي ٢٢٥٤ كالانتقال السياسي والانتخابات تحت اشراف الامم المتحدة واطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المفقودين وإعادة الإعمار».
يتابع عبدلله: «الصراع والتناقضات السياسية داخل الساحة السورية وسير المفاوضات حول الدستور، النظام وحلفاؤه يحاولون تغيير مسار اللجنة الدستور إلى أمور ثانوية، لعدم وجود الرغبة أو ممارسة الضغوط الكافية من قبل الدول على النظام لمنعه من عرقلة انجاز الدستور وتطبيق القرارات الدولية، لا تقدم مأمول في عمل اللجنة الدستورية باستثناء بعض النقاط التي تدخل في مصلحة الدول المتحكمة بالملف السوري، وكان بالامكان على الأقل وكبادرة انسانية تنفيذ قرار إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين وعودة اللاجئين إلى ديارهم مع توفير شروط العودة الآمنة دون تعرضهم إلى المسألة أو الملاحقات».
يضيف عبدالله: «ان عملية دراسة الدستور وأعمال اللجنة الدستورية تواجه صعوبات جمة ولكن ليس هناك رغبة بالأساس لدى النظام وحلفائه لدراسة مواد الدستور وإلا ما علاقة مكافحة الارهاب بكتابة دستور جديد يفضي إلى بناء نظام اتحادي ديمقراطي برلماني تعددي أساسه اللامركزية السياسية، يتمتع جميع المكونات بحقوقهم الدستورية».
يعتقد عبدالله: «ان مسألة دراسة الدستور وتطبيق القرارات الشرعية الدولية جنيف ١ والقرار ٢٢٥٤ وغيرها تفسح المجال لعودة الأرض إلى اصحابها وخاصة عفرين وكري سبي وسري كانييه، ولكن تضارب المصالح بين اطراف الصراع تعرقل عمل اللجنة الدستورية».
يختم عبدالله: «جاءت موافقة النظام السوري وحليفه الروسي على تشكيل اللجنة الدستورية كأحد الوسائل المعرقلة من قبلهما للحل السياسي وعدم مناقشة او تطبيق السلال ريثما يحققان التغييرات المراد تثبيتها على الارض بالوسائل العسكرية، كون قرارات اللجنة الدستورية ليست ملزمة بسبب اشتراط الرجوع للمرجعيات الداعمة للوفود والأهم هو عدم تحديد موعد لانجاز أعمالها وهذا يدل على عدم خروج اللجنة من معمعة دراسة الدستور. هناك شرط موافقة إجماع أعضاء الكتل الثلاثة لإقرار مسودة الدستور أو موافقة 75% من الأعضاء وهو شرط تعجيزي يصعب الخروج منه والانتقال إلى السلال الأخرى».
الدستور بوابة للدخول الى الحل السوري وليس هو الحل
تحدث المستشار القانوني، موسى موسى، بالقول: «منذ انطلاق المظاهرات والاحتجاجات في سوريا آذار ٢٠١١)، وضع النظام نصب عينه القمع والتنكيل بالمتظاهرين رغم سلميتهم، ولَم تتوقف آلته العسكرية في القتل والتدمير والاعتقالات التعسفية الى اليوم، مروراً بمرحلة مفاوضات جنيف الى مرحلة انعقاد دورات اللجنة الدستورية التي انتهت منذ أيام دورتها الرابعة، فالقتل والتدمير وتدخل الميليشيات الخارجية والاحتلالات العسكرية لأراضي سوريا والتواجد العسكري الدولي على أراضيها، وكل ذلك أمام أعين المجتمع الدولي الذي أصدر عدة قرارات من مجلس الأمن والجمعية العامة الدوليْيَنْ، وكأن المجتمع الدولي لا يهمه مصلحة الشعب السوري بقدر ما ينصب كل منهم أفخاخه أمام الآخر لشل حركته والتفرد بالصيد السوري الثمين، فالآلة العسكرية السورية المدعومة من حلفائه الدوليين والإقليميين كانت في حركة تدميرية أثناء انعقاد مفاوضات جنيف أيضاً، وأثناء لقاءات استانا ومؤتمر سوتشي ومؤتمرات أصدقاء الشعب السوري، وجدير بالذكر إن قرارات مجلس الأمن، وبيان جنيف التي وضعت مساراً للحل السوري ضُرِبَتْ بعرض الحائط تحت هدير الأسلحة الثقيلة ووابل النيران على الشعب السوري، ناهيك عن الاعتقالات التعسفية وحركة النزوح والتهجير والقتل الممنهج في أقبية معتقلاته، بدعم دولي وإقليمي ودون أن تعترضه بقية أعضاء المجتمع الدولي وخاصة قوات التحالف الدولية التي ترى بأم عينيها كل ما يحصل من انتهاكات النظام، فلم تستطع الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات ودورات انعقاد اللجنة الدستورية أن تضع حداً لهذا كله، وهذا ما يشير بأن النظام لم يمارس هذه الانتهاكات دون أن يكون مدعوماً دوليا وإقليمياً.
ان انتهاكات النظام وقمعه وتدميره للشعب لم يقتصر على السلاح وحده، فقد مارس وفده في دورات اللجنة الدستورية أساليب ملتوية حيناً وصراحة احياناً أخرى للوقوع بين وفد المعارضة من خلال مداخلات أعضائه وكان آخرها- حتى تاريخه- اتهام المكون الكوردي في سوريا بتحالفه الامريكي الاسرائيلي وبالانفصال، وبإحداث الضجيج رداً على جملة نطقها الممثل الكوردي السيد كاميران حاجو في بداية مداخلته باللغة الكوردية رداً على ما جاء في إحدى مداخلات وفد الحكومة بشأن التحالف الكوردي الامريكي الصهيوني وبشأن التعدد القومي ولغة المكوّنات».
يتابع موسى: «الدستور، وكما صرّح المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون أكثر من مرة بأنه بوابة للدخول الى الحل السوري وليس هو الحل، وفي هذا الصدد تسعى المعارضة لتفعيل السلال الثلاث الأخرى، التي أعلن عنها سابقاً السيد ديمستورا، أثناء الدورة الرابعة من مفاوضات جنيف في شباط ٢٠١٧ التي انعقدت عقب التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في نهاية كانون الاول/ ديسمبر ٢٠١٦، هذا إذا ما تكللت جهود المعارضة في تحقيق ذلك بالنجاح.
لهذا ان مناقشة الدستور ليست إلا بوابة للحل في سوريا- إذا ما سارت واكتملت في مسارها الصحيح- ولا يكتمل ذلك الحل إلا بتفعيل السلال الثلاث الأخرى وما يعقبها من حلول للمستجدات، ولكن التباطؤ وعدم الوصول الى نتائج إجابية في المسار الدستوري نتيجة عبث وفد الحكومة- حسب تسميته الرسمية- وعدم اكتراثه بالجدية، في ظل عدم وجود جدول زمني لوضع مسودة الدستور الجديد، جعلت المعارضة والشعب السوري على قناعة بأن النظام مازال محمياً من حلفائه وإن استمراره مازال محققاً إن لم يحدث هناك مستجدات سياسية على الصعيد الدولي والإقليمي، لأن المصالح الدولية والإقليمية لم تتبلور بَعدْ ولَم تنفرز بتوافق وتفاهمات في ظل عدم تحرك دولي أحادي لفرض حلٍ للأزمة».
يرى موسى: «أن الدخول في صُلب المضامين الدستورية ومناقشة بنوده مازال يجد أمامه الكثير من العوائق من طرف وفد الحكومة، فلم تكتمل مناقشة ما كان مدرجاً في جدول أعمال الدورة الثالثة – الأسس والمبادئ الوطنية- كما فرضها وفد الحكومة، فتم التوافق بين الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية السيدين هادي البحرة واحمد الكزبري وبتيسير من المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون بناءً على ولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة الدستورية بأن تكون جدول أعمال الدورة الرابعة متابعة مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية التي لم تكتمل مناقشتها في الدورة السابقة، على أن تخص الدورة الخامسة المزمع عقدها في /٢٥/ كانون الثاني/ يناير ٢٠٢١، وبهذا تعتبر الدورة الخامسة بدايةً للدخول في صلب الدستور ومناقشة المضامين الدستورية بعد أن كانت الدورات الأربع السابقة تضييعاً للوقت وتمييعاً لجدية المسار الدستوري الذي مارسه وفد الحكومة من خلال وضع العراقيل احياناً وبحجة عدم تخويله بالتشريع حيناً آخر وتغيير مسار المناقشات الدستورية- كما حدث في الدورة الرابعة- الى مواضيع أخرى مثل إدانة الاٍرهاب والاحتلال وموضوع اللاجئين ورفع العقوبات عن سوريا، كل ذلك تهرباً من الدخول في مناقشات دستورية قد تفضي الى نتائج إيجابية لولا تهكم ومهاترات وعبث وفد الحكومة، وكل هذا يجعل من وفد المعارضة – كما يقول الدكتور عبدالحكيم بشار نائب رئيس الائتلاف وعضو اللجنة الدستورية الموسعة- “أن الانطباع السائد في الائتلاف هو ضرورة تحمل عبث وفد الحكومة وصولاً للدورة الخامسة التي من المزمع أن تناقش فيه المضامين الدستورية”، بدءاً من مقدمة الدستور ومروراً بأبوابه وفصوله الى الخاتمة، ولذلك سعى وفد المعارضة الى تحويل المناقشات والمواضيع السياسية لوفد الحكومة الى المضامين الدستورية».
يؤكد موسى: «ان سلة الدستور هي إحدى السلال الأربع التي كشف عنها السيد ديمستورا في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، وهي سلة منفصلة عن كافة الأحداث والاحتلالات ووجود الجيوش والميليشيات الأجنبية على الأراضي السورية، وهي بوابة للحل، وليس الحل كله كما أعلنها مراراً المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون، ومسيرتها غير متوقفة -كما هو مقرر لها- على ما يحدث في سوريا من مآسٍ ونكبات، وغير متوقفة على بعض الاحتلالات سواء في عفرين أو غيرها من المناطق لأن سوريا كلها محتلة، والمسار الدستوري انطلق وفقاً لميثاق الامم المتحدة ومبادئه ومقاصده، وكل ما اتخذه مجلس الامن من قرارات ذات صلة، والمبادئ الاثني عشر الأساسية والحية التي أفرزها مسار جنيف، وتفعيلاً للبيان الختامي لمؤتمر سوتشي كإسهام في مسار جنيف، بدعم الدول الراعية لمؤتمر سوتشي بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الامم المتحدة من خلال مبعوثه الأممي السيد غير بيدرسون، ستتابع اللجنة الدستورية مسارها دون أن يكون لوضع عفرين أو رأس العين أو ادلب أو غيرها قوة وقفها عن مسارها كونها تسير بقرار أممي، وقد عمد النظام السوري الى عرقلة سير اعمال اللجنة في أكثر مناسبة، حيث لم يكن النظام مقتنعاً بمفاوضات جنيف عام ٢٠١٢ كوسيلة للحل، ولَم يقبل بشار الأسد بالمسار الدستوري منذ بدايته ولكنه قَبَلَها على مضض بضغط روسي عندما استدعاه الرئيس الروسي على متن طائرة شحن في أيار ٢٠١٨ الى سوتشي التي ركزت مؤتمر استانا فيها على السير في المسار الدستوري، وما زال يسعى وفده في اللجنة الدستورية الى افراغ الاجتماعات من مضمونه وتمرير جلساتها من دون تحقيق أي إنجاز ايجابي، وقد نجح في مسعاه حتى الآن، لذلك تكون الدورة الخامسة نقطة التحول إذا ما كُتِبَ لها النجاح».
يختم موسى: «حقيقة تم القفز على بقية السلال الثلاثة واختزلت جميعها في سلة الدستور بعد التفاهمات الدولية التي كانت انطلاقتها إحدى مخرجات مؤتمر سوتشي ٢٠١٨ برعاية ضامني مسار استانا، وبعد توقف مفاوضات جنيف وتفعيل المسار الدستوري يسعى وفد المعارضة في اللجنة الدستورية الى تفعيل مسار جنيف بالتوازي مع المسار الدستوري من دون الوصول الى تفاهمات في هذا الصدد حتى الآن، وكان تعطيل مسار جنيف سياسياً لصالح مسار استانا بضمان روسي ايراني تركي وبتوافق وتفاهم اممي وأمريكي بالتأكيد، وكله لصالح النظام السوري واستمرارية بقائه، نتيجة التشابك في المصالح الدولية وعدم فرزها وعدم قدرة الشعب السوري على إفراز قيادة سياسية حكيمة قادرة على إدارة الأزمة، ومن ثم قيادة البلاد قيادة راشدة، فكان الحفاظ- حسب رؤية الدول النافذة- على هذا النظام الى أن يتم تقاسم الكعكة السورية، وهذا ما أدى الى عدم تبلور حل سياسي للأزمة السورية الى الآن».
صعوبة في اختيار أولويات مبادئ الدستور العامة
تحدث مسؤول المكتب الإعلام المركزي في المجلس الوطني الكوردي، بهجت شيخو، بالقول: «كما تعلمون بأن اللجنة الدستورية هي إحدى السلات الرئيسية المكملة لمجمل العملية السياسية السورية والتي انبثقت تحت اشراف ورعاية الامم المتحدة بموجب قرار 2254 لأنهاء الصراع واحداث حكومة وطنية مؤقتة كاملة الصلاحية تشرف من خلالها على انتخابات حرة ونزيهة وباشراف دولي وعودة آمنة للمهجرين والكشف عن المفقودين واطلاق سراح المعتقلين وإعادة الأعمار وغيرها من الأمور الهامة التي حدثت خلال الفترات السابقة من سنوات الصراع وقد تكون بحاجة للأصلاح السريع ويأتي هذه الجولات المتكررة لهذا الغرض.
وباعتقادي لم تكن الجولة الرابعة من اعمال اللجنة الدستورية افضل من مثيلاتها السابقة اثر استمرار وفد النظام لكسب الوقت ولاتباع سياسة التعنت والمراوغة لمستحقات المرحلة وذلك لعدم خوضه النقاشات الجادة للبنود الأساسية من جدول العمل المقرر بينما وفد المعارضة اعتبر ما يدرجه ايضا من قضايا هي مرتبطة بشكل جوهري بملف الدستور».
يتابع شيخو: «من دون شك للعامل الدولي وخاصة القوى العظمى تأثير مباشر على الأزمة السورية وحاليا يمكننا القول بأنه لا يوجد لديهم نوايا جادة في ايجاد تسوية على ارض الواقع.
كما ان للعامل الذاتي السوري دور فعال في حل الأزمة لذا في الوقت الراهن بتصوري لا يمكن الاعتماد على مناقشة الدستور وحده لإيجاد فرص مناسبة لحل الأزمة السورية ما لم يترافق بتفعيل العملية التفاوضية لانتاج حكومة وطنية تمثل كافة مكونات الشعب السوري».
يضيف شيخو: «يعتبر الدستور عادة من اهم ما يرتكز عليها كيان الدولة ويحمي سيادتها اما الدولة السورية الآن تعتبر بحكم امر الواقع مقسمة ويخضع كل قسم الى نفوذ دولة ما وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا في انجاز دستور يمثل مصالح الكل.
في الحقيقة هناك صعوبة تامة في اختيار أولويات للمبادئ الدستورية العامة وترجيح بند على بند آخر دون توافق دولي وهذا ما يلاحظ تماما التعثر المسيطر على مبدأ جلسات الحوار لكتابة الدستور. لذى أرى في هذه المرحلة لا يمكن التفاؤل بانجاز دستور من قبل اللجنة الدستورية ما لم تصل الدول الفاعلة الى تسوية وهذا مستبعد الى حدا ما الآن أو قد نشاهد في المستقبل عدة دساتير لمناطق سورية مختلفة».
يرى شيخو: «أن اللجنة الدستورية احد مخرجات العملية السياسية الأساسية للتسوية السورية تحت رعاية واشراف الأمم المتحدة وكل الدول ذات الشأن بسوريا من ناحية، ومن ناحية أخرى يتم التعامل بهذا الشأن ضمن أطر مبادئ عامة أقرَّتها الأمم المتحدة كالسيادة السورية الكاملة على كامل ترابها، وهذا يعني ان تم انجاز الدستور وما يليه من السلال سيتم انسحاب كامل للقوات الأجنبية من كافة الاراضي السورية ومنها القوات التركية، اما مثلا بالنسبة للأنتخابات على الدستور او غيره فستشارك كل المناطق السورية تحت رعاية الأمم المتحدة».
رائحة السمسرة تفوح
تحدث المستشار القانوني، درويش ميركان، بالقول: «بنهاية الجولة الرابعة في جنيف من شهر آذار عام 2017 أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الإتفاق على جدول أعمال بين وفد المعارضة ووفد النظام للجولة المقبلة، وجرى الحديث عن السلال الأربع: السلة الأولى هي إنشاء حكومة جديرة بالثقة وشاملة للجميع غير طائفية والسلة الثانية صياغة دستور جديد اما السلة الثالثة للانتخابات الحرة النزيهة والسلة الرابعة أضيفت بناء على طلب وفد النظام والمتعلقة بمكافحة الإرهاب. وأعتقد أن المبعوث الأممي حينها فرض هذه الاستراتيجية بمناقشة السلال الأربع بشكل متوازي بعد إصرار طرف المعارضة بمناقشة سلة الحكم أولا لتوافقها مع نص القرار الأممي 2254 لعام 2015 الصادر عن مجلس الأمن الدولي وإصرار وفد النظام على مناقشة سلة الإرهاب أولا بحجة أن الإرهاب يحجب أي فرصة لنجاح السلال الأخرى. في الجولة السادسة من جنيف طرح المبعوث الأممي إنشاء آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية محاولا القفز على باقي السلال وإيجاد حل لحالة الجمود التي افتعلها النظام في الجولات السابقة ولايزال».
يتابع ميركان: «منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية بجنيف في تشرين أول 2019 ولتاريخ الدورة الرابعة التي انتهت منذ بضعة أيام لم يتم تحقيق أي تقدم يذكر نتيجة تهرب وفد النظام من المناقشات الجدية تارة والزج بمواضيع لاعلاقة للدستور المستقبلي بها تارة أخرى. والاستراتيجية التي يمارسها النظام منذ اجتماعات جنيف الأولى هو اللعب على وتر الزمن والمماطلة قدر الإمكان حتى تاريخ الانتخابات الرئاسية القادمة بعام 2021، وهذا مايتردد على ألسنة مسؤولي النظام بأن اللجنة الدستورية لا زمن لها ولا علاقة لها بانتخابات 2021، أضف إلى ذلك الدعم الروسي اللامحدود سياسيا وعسكرياً وتحويل دفة الحل من جنيف إلى اسيتانا مروراً بسوتشي وبعد انتهاء الطبخة إعادتها جاهزة إلى جنيف مرة أخرى لتلقى الشرعية الدولية».
يضيف ميركان: «آمال وتوقعات النظام السوري قد تتبدد بعد تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص بسوريا جويل رايبون الذي عين خلفا لجيمس جيفري حيث زار تركيا ومصر في الشهر المنصرم والتقى بالمعارضة السورية حيث شدد على فرض عقوبات إضافية على نظام الأسد واشادته بالعقوبات الأوربية وتأكيده على الحل وفق القرار الأممي 2254، وأن أي انتخابات رئاسية قادمة لاشرعية لها بدون مظلة دولية.
يختم ميركان: كل هذا السجال الدولي حول اللجنة الدستورية ولاتزال سوريا رهينة القوى العاملة على الأرض السورية قاطبة، في وقت تفوح رائحة السمسرة هذه الأيام بين الروس والاتراك حول مدينة عين عيسى وما حولها في صفقة أقرب ما تكون لصفقة عفربن ورأس العين وأمام قسد خيار المقاومة التي تبدو حالة انتحارية أمام القوة العسكرية التركية والصمت الدولي سيما من الحلفاء، أو تسليم المدينة للنظام وهو الخيار الأقل مرارة تجنباً لتجربة عفربن المريرة. لكن الملفت هو اهتمام الإدارة الأمريكية الحالية بالملف السوري في ظل الجمود السابق وحتى قبل تسلم جون بايدن مفاتيح البيت الأبيض، ربما يشكل ذلك دفعا جديا للحل السياسي بعيدا عن المصالح الدولية وإنهاء المأساة السورية التي فاقت وفق تعبير الأمم المتحدة أي مأساة اخرى بعد الحرب العالمية الثانية».
الخاتمة:
انتهت الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية دون نتيجة، فقط تم تحديد موعد الجولة الخامسة، يدل على عدم وجود رغبة دولية لإنهاء معاناة السوريين، والنظام يحاول مضيعة الوقت حتى حلول موعد الانتخابات الرئاسية.