أردوغان وظواهر العقوبات

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
ما يجري على الساحة الدولية تعكسها بعض مقالات كتابنا الكرام. وهذه الانعكاسات أحيانا لا تلامس جوهر الأمور فيها، وتسبب تصورا مغلوطا لدى القراء. معرفة جوهر الجاري هو ما يستفيد منه القراء، وتوسع من فهم الحالي بشكله الصحيح. هذا ما يجب أن نتوخاه جميعا؛ عندما نسعى لتزويد قرائنا بالمجريات. 
فالكردي مهما كان مشربه فهو يواجه المقتسمين. وعليه أن يكون جديرا بمواجهتم، وأي تسليح لهم أقل من سلاح المقتسم هو انتصار للأخير علينا. إذا كنا جادين في مقارعته علينا الحرص كل الحرص للعمل من أجل رفع مستوى الفرد الكردي، ليكون قادرا في المناسبات الضرورية الفوز بالمطلوب. والملاحظ إن بعضا منا لا يعير هذا الجانب الأهمية المرجوة.
لنأخذ فقرة من مقال الأستاذ د. ولات ح محمد المعنون بـ«ترامب وأردوغان…»، في هذه الفقرة يشعرنا إن أردوغان سيخسر الكثير برحيل ترامب، وأن الأخير أباح له حتى توسع بحدود لولاه لما كان لأردوغان ذلك. 
في هذه الجزئية حقيقة، لكنها ليست كل الحقيقة. فالعقوبات التي يُفترض تطبيقها عليه قام بها ترامب منذ أمد، وزعزع الليرة التركية، لكنها هزت أوربا من الأعماق، حيث طالبت الأخيرة ترامب بإلغائها. وتوقفت عند ذلك الحد! سبب هلع أوربا وكف ترامب عن تطبيقها ضروري إحاطة القارئ به، حتى لا يكون مطلق التفكير، وعندما يصادفه أمر من هذا القبيل أن تتبادر إلى ذهنه الاحتمالات المتوقعة، وليس دفعه أن يكون محدود الرؤية، حبيس ما قيل له أو قرأ عنه من قبل شخص قد يكون مغرضا. درءا لمقاصد أمثال هؤلاء المغرضين؛ علينا دفعه نحو توسيع مداركه ليكون ندا ناجحا في مواجهة المقتسم.
لنعود إلى أردوغان مجددا. كم من مرة حاول الاتحاد الأوربي تطبيق العقوبات بحقه ولم يفلح! علينا أن نبين للقارئ سبب ذلك، وليس تطيب خاطرنا أو إقناع ذاتنا والقراء سدى إن أردوغان سيخسر، وستمحقه العقوبات الأوربية أو الأميركية؟ كفانا مساعدة أردوغان وأمثاله بإطاعة نوازعنا بعيدا عن الحقيقة والواقع.
لماذا لا تفلح أوربا أو أميركا في تطبيق العقوبات عليه؟ بكل بساطة أهم الأسباب هي استثمار أردوغان لأموال الشركات الأوربية والأميركية في تركيا مقابل نسب من الأرباح مع تشغيل الأيدي العاملة التركية. واستثمارات إسبانيا الفقيرة فيها بثمانين مليار دولار، وتتراوح استثمارات الدول الأوربية الأخرى بالمليارات من اليورو. إذا طبقوا العقوبات على أردوغان؛ إنما يطبقونها على شركاتهم. هل لأوربا أن تعاقب نفسها؟ واتحادها هو اتحاد اقتصادي بالدرجة الأولى! 
لنكن رحماء بقرائنا، ونساعدهم في توسيع مداركهم وإبعادهم عن التفكير المطلق المضر أبلغ الضر.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…