في بحث متواضع (عن الحركة القومية الكوردية في غربي كوردستان) هو قيد الطبع، أخذت منهُ هذا المقطع، علّه يعبّر عن حالة الفرقة التي تعيشها الفصائل السياسية، و محاولات توحيد صفها في هذا الجزء.
سليم عمر
ذهنية العاملين في الوسط السياسي الكوردي في هذا الجزء نظرية أكثر منها عملية ، تهتمُّ بالقشور أكثر من اهتمامها بالجوهر، تجارب العمل المشترك لدى فصائل الحركة السياسية في هذا الجزء نادرة، إن لم نقل معدومة، في بعض الأحيان تناقشُ هذه الفصائل الموقفَ من حدث من الأحداث، و يطول بها النقاش، و عندما تتّفق على موقف موحّد منه يكون ذلك الاتفاق عديم الجدوى، لأن الحدث نفسه أصبح في طيّ النسيان، الفصائل التقليدية في هذا الجزء، تتحرك ببطْءٍ شديد، مواقفها و بياناتها غير ذي جدوى في أكثر الأحيان، فهي تأتي متأخرة، و تكون في الغالب ردة فعل لا أكثر،
حتى الآن لم تتحول هذه الحركة إلى صانعة للأحداث، أو أنها تكون مستعدة لمواجهة أيّ احتمال، و قد كان بناء التحالف نموذجا لهذه الذهنية السائدة في هذا الوسط (التحالف الديمقراطي الكوردي في سوريا – آذار 1986 )، أنفقْنا عاما كاملا أويزيد، حتى أنْهينا وثيقة من بضْعة صفحات، إن الانطباع السائد لدى العاملين في الحقل السياسي في هذا الجزء، أنهم يكتبون سِفْرا خالدا، يكون مرجعا للبشرية مدى الدهر، أنا لا أقول ببناء العلاقة بين الأطراف السياسية كيفما اتّفق، في كل الأحوال، يجب أن تُبنى على أسس واضحة، و لكن يجب أن يكون واضحا أيضا، أنها علاقات مرحلية، تتطلبها ظروف المرحلة، و تنتهي بانتهائها، أو تتطور بتطورها، و بدخول عناصر جديدة إليها، و أنها تظل سارية ما دامت المصلحة القومية و الوطنية تتطلب ذلك.
أنا أعتقد أن تعاملنا في هذه المسائل، يعود إلى قلّة التجربة، و عدم الجدّية في التحرك للتعامل مع الأحداث كما يجب، الحركات السياسية في العالم – و حتى المسلّحة منها – تتعامل بمرونة في مثل هذه القضايا، إنها تتفادى تعقيد الأمور ما أمكن، و هي تركّز على نقاط الاتّفاق أكثر من بحثها عن مسائل الخلاف، إن الحركات السياسية ذات الخبرة و التجربة تدرك بدقة طبيعة المرحلة، و لذلك فهي تقدّم المهم على الأهم، إنها لا ترى في عقود الشراكة وثائق مقدسة، يتوجب الالتزام بها أبد الآبدين، و لو أن الحركات السياسية في العالم حذتْ حذْو الحركة الكوردية التقليدية في هذا الجزء، لظلت تدور في فراغ لا ينتهي، و لعجزتْ عن التقدم خطوة واحدةً إلى الأمام، و في النهاية فإن الحركات السياسية عندما تلجأ إلى الشراكة، فلأنها تقف عاجزة عن النهوض بتنفيذ مشروع قومي أو وطني بشكل منفرد، أو أنها تشعر بثقل المسؤولية، و تنْأى بنفسها عن التفرد بمواجهة ذلك المشروع، و تحمِّل تبعاته.