كفاح محمود كريم
Kmk_info@yahoo.com
Kmk_info@yahoo.com
خلال سنوات الحرب القاسية مع إيران ابتلع الحزب القائد أحزاب الزينة أو(علسها) كما تقول الدارجة العراقية وانتفت الحاجة لأحزاب الزينة الملساء والتي بدت أكثر رخاوة وربما تبخرت تدريجيا أو اندمجت اندماجا قذافيا بعد منح أعضائها نفس درجات الرفاق في حزب الأمة العربية المجيدة، حيث برزت أمور أكثر زينة وبهرجة للمشهد السياسي والاجتماعي العراقي في دولة الانتصار على العدو الفارسي المجوسي الإمبريالي الى آخر قائمة التسميات التي أنتجتها دوائر إعلام وفكر النظام القائد ضد معارضيه حتى وان كانوا ملائكة أو ممن يتغدون ويتعشون مع الأنبياء والرسل، والتي ما زالت تستخدم بجدارة من تلاميذ ومريدي القائد الضرورة حتى يومنا هذا.
وكما ذكرت فقد برزت أشياء وأمور أكثر إثارة من أحزاب الزينة في تلك الفترة ألا وهي أنواط الشجاعة وأوسمة كثرت أسماؤها ومناسباتها حتى لم نعد نفرق بين واحدة وأخرى، كانت تعطى وتمنح بـ ( الصواني أو الكواني ) إضافة الى الرتب التي كانت تمنح كل رأس شهرٍ أو كل ستة أشهرٍ، بحيث كنت ترى الجيش العراقي الجدا باسل وهو يتزين بشباب لم ( تخط شواربهم بعد ) وهم يحملون رتبة لواء أو عميد أو عقيد كما يفعل الآن مقلدي النظام السابق ومريدي القائد الضرورة.
وطبعا الزينة على طريقة رفاقنا المناضلين (كلش) لم تكن في الأحزاب والرتب فقط، فقد ابتكروا أياما لتزيين السنة العراقية بحيث تكون الأعياد والمناسبات مقاربة لعدد أيام السنة الكبيسة أو الحبيسة وبحيث لا يستطيع العراقي ( حك رأسه ) من الفرح والأعياد، فذاك يوم للشرطة والآخر للنخوة وهناك للميلاد وبقربه للبيعة وبصفه يوم الأيام وهكذا كان العراقيون يرقصون على أنغام وطن شد على الأفق جناحا منذ مطلع الفجر وحتى الليل الأخير من اليوم!.
واستمرت تلك الأيام والأعياد بالتكاثر والتوالد حتى جاءت الحواسم في نيسان 2003 لتنهي حقبة مزينة بالدماء وأشلاء الضحايا وأنغام الأكاذيب والشعارات الفارغة وعساكر البهرجة والانكشاريات الشعبية و( الكشخات ) المزرية التي ابتكرها نظام من أكثر نظم العالم تخلفا وبدائية طيلة أكثر من ثلاثين عاما عجاف.
لكنها تلك الثقافة البائسة والتربية المنحرفة لم تسقط مع سقوط تلك التجربة المريرة في العلاقات مع معطيات الحياة في حقولها المختلفة في عراق يتدحرج الى الأعلى تارة ويتسلق الى الحضيض تارة أخرى، فعادت فايروساتها تنشط من جديد منذ الأشهر الأولى لسقوط النظام وتنمو بشكل مضطرد خارج أجواء المختبرات هذه المرة لتخرج من أقبية مخابرات دول الجوار باجمعها دونما استثناء لأحد، ولتتكون أحزاب زينة جديدة تم تدجين أفرادها في عواصم الدق والرقص على أنغام ذبح العراقيين وسرقة خزائنهم، فامتلأت مشاهد السياسة الجديدة في العراق بأحزاب لا للزينة فحسب وإنما للتوحش والتقهقر والقباحة، وامتلأت مدن العراق بمقرات أحزاب وأسماء أمناء عامين ومكاتب سياسية رنانة تم صنعها وفبركتها في ما تبقى من تنظيمات حزب الطليعة الأوحد ورجال مخابراته واستخباراته ممن انقطعت بهم السبل بين الشعارات التي كانوا يتناولونها صبح مساء وما حصل لهم ولنظامهم خلال اقل من عشرة أيام من دولة تم بناؤها في أكثر من ثلاثين عاما، إضافة الى سقط المتاع الذين أنتجهم ذلك النظام البائس سواء ما أطلق سراحهم قبل سقوطه فيما سمي بعمليات ( تبييض السجون ) أو ما تم تربيتهم وإعدادهم من داخل العراق ومن خارجه لتحويل العراق الى حفنة تراب كما تعهد الرئيس الضرورة في تدمير العراق أرضا وشعبا إذا ما سقط هو ونظامه.
وبعد سنوات من سقوط وانهيار ذلك النظام ما زالت تلك الثقافة البائسة تفعل فعلتها في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي وقد أفرزت فيما أفرزته سلوكا منافقا ومزدوجا في التعاطي مع العملية السياسية فأصبحت هناك أحزابا تعمل في قاعات البرلمان بينما تنشط مؤسساتها الأخرى ليلا وحتى نهارا ( بالتلثم ) في التخريب والاختطاف والاغتصاب للمال والبشر وإشاعة الفوضى والإرهاب في أبشع عمليات القتل والتعذيب التي تجري في دهاليز مقراتها أو حتى في كثير من بيوت الله والشعب من خلال قواتها المسلحة ( الجيش الشعبي ومستنسخاته وان اختلفت التسميات ) ومجاهديها العظماء وكتائب ميليشياتها المنفلتة.
إن ما يحدث اليوم وطيلة السنوات الماضية ما هو إلا نتاج تلك الفترة المظلمة من تاريخ هذا البلد وتربية ذلك النظام لعدة أجيال من الناس الذين ينفذون اليوم ما تعلموه خلال أكثر من 35 عاما وشاهدوه وهم أطفال وفتية وشباب، ابتدءاَ من كرنفالات الإعدام التي كان ينفذها النظام في الشوارع والساحات العامة وكيل الاتهامات الكاذبة جزافا لكل من يعارضه وانتهاء بتلك المشاهد البائسة والقاتلة من ( صور من المعركة ) التي كانت تبث يوميا ولثماني سنوات متصلة وتظهر آلاف الجثث الممزقة الأشلاء أو عمليات دفنها بالبلدوزرات على أنغام الأناشيد الوطنية، الى تسطيح عقول ووعي الناس بتصنيع أحزاب وجمعيات للرقص أوقات الحاجة لها من ما كان يسميه النظام بالاتحادات والنقابات المهنية والفرق الفنية التي لا هم لها ولا غم إلا التغني بالقائد الذي لا مثيل له في الدنيا وربما لو بقوا عدة سنوات أخر لقالوا انه متعهد الآخرة أيضا.
إن ما يحدث اليوم وطيلة السنوات التي مرت بعد سقوط النظام ما هو إلا نتاج تراكمات من التربية الخطأ التي تصل في كثير من مفاصلها الى الخطيئة والسلوك المنحرف في تعليم وإشاعة الكذب والخوف والتدليس والاستكانة والقسوة وتحليل وإباحة المحرمات في المال والأعراف وإرعاب الناس باعداءٍ مفترضين لا وجود لهم إلا في مخيلة ذلك النظام الذي أراد بواسطتهم إشغال الملايين عن الإبداع والإنتاج، كما ساهم النظام من خلال برامجه الإعلامية والتربوية من إلغاء وتحطيم مفهوم المواطنة العراقية وذلك من خلال إذابتها بمفاهيم شوفينية ووهمية أساسها العرق والمذهب الواحد، على حساب تهميش وإلغاء الملايين من أبناء العراق الشيعة والكورد والكلدان والتركمان وبقية الأعراق والأديان بإذابتهم في بودقة الأمة العربية والوطن العربي.
إن سقوط النظام لم يسقط ثقافته وتبعات تربيته وسلوكيات أفراده وعقود من تراكمات التلقين والتصرف الببغائي والكيل بمكاييل وليس بمكيالين، فهم أي ما أنتجه النظام مما نشاهده اليوم ذوو أوجه وألوان حرباوية وأشكال هلامية وملساء تصلح للزينة وللقبح وتمارس كل الأدوار الانتهازية والوصولية وخصوصا ما كان له علاقة بالحملة الوطنية للأيمان والذبح والتفخيخ والابقاء على كل ما له علاقة بالنظام السابق وقراراته وقوانينه وبدائيته، من خلال إشاعة اليأس والتشكيك في قدرة العراقيين على بناء تجربتهم الديمقراطية
وطبعا الزينة على طريقة رفاقنا المناضلين (كلش) لم تكن في الأحزاب والرتب فقط، فقد ابتكروا أياما لتزيين السنة العراقية بحيث تكون الأعياد والمناسبات مقاربة لعدد أيام السنة الكبيسة أو الحبيسة وبحيث لا يستطيع العراقي ( حك رأسه ) من الفرح والأعياد، فذاك يوم للشرطة والآخر للنخوة وهناك للميلاد وبقربه للبيعة وبصفه يوم الأيام وهكذا كان العراقيون يرقصون على أنغام وطن شد على الأفق جناحا منذ مطلع الفجر وحتى الليل الأخير من اليوم!.
واستمرت تلك الأيام والأعياد بالتكاثر والتوالد حتى جاءت الحواسم في نيسان 2003 لتنهي حقبة مزينة بالدماء وأشلاء الضحايا وأنغام الأكاذيب والشعارات الفارغة وعساكر البهرجة والانكشاريات الشعبية و( الكشخات ) المزرية التي ابتكرها نظام من أكثر نظم العالم تخلفا وبدائية طيلة أكثر من ثلاثين عاما عجاف.
لكنها تلك الثقافة البائسة والتربية المنحرفة لم تسقط مع سقوط تلك التجربة المريرة في العلاقات مع معطيات الحياة في حقولها المختلفة في عراق يتدحرج الى الأعلى تارة ويتسلق الى الحضيض تارة أخرى، فعادت فايروساتها تنشط من جديد منذ الأشهر الأولى لسقوط النظام وتنمو بشكل مضطرد خارج أجواء المختبرات هذه المرة لتخرج من أقبية مخابرات دول الجوار باجمعها دونما استثناء لأحد، ولتتكون أحزاب زينة جديدة تم تدجين أفرادها في عواصم الدق والرقص على أنغام ذبح العراقيين وسرقة خزائنهم، فامتلأت مشاهد السياسة الجديدة في العراق بأحزاب لا للزينة فحسب وإنما للتوحش والتقهقر والقباحة، وامتلأت مدن العراق بمقرات أحزاب وأسماء أمناء عامين ومكاتب سياسية رنانة تم صنعها وفبركتها في ما تبقى من تنظيمات حزب الطليعة الأوحد ورجال مخابراته واستخباراته ممن انقطعت بهم السبل بين الشعارات التي كانوا يتناولونها صبح مساء وما حصل لهم ولنظامهم خلال اقل من عشرة أيام من دولة تم بناؤها في أكثر من ثلاثين عاما، إضافة الى سقط المتاع الذين أنتجهم ذلك النظام البائس سواء ما أطلق سراحهم قبل سقوطه فيما سمي بعمليات ( تبييض السجون ) أو ما تم تربيتهم وإعدادهم من داخل العراق ومن خارجه لتحويل العراق الى حفنة تراب كما تعهد الرئيس الضرورة في تدمير العراق أرضا وشعبا إذا ما سقط هو ونظامه.
وبعد سنوات من سقوط وانهيار ذلك النظام ما زالت تلك الثقافة البائسة تفعل فعلتها في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي وقد أفرزت فيما أفرزته سلوكا منافقا ومزدوجا في التعاطي مع العملية السياسية فأصبحت هناك أحزابا تعمل في قاعات البرلمان بينما تنشط مؤسساتها الأخرى ليلا وحتى نهارا ( بالتلثم ) في التخريب والاختطاف والاغتصاب للمال والبشر وإشاعة الفوضى والإرهاب في أبشع عمليات القتل والتعذيب التي تجري في دهاليز مقراتها أو حتى في كثير من بيوت الله والشعب من خلال قواتها المسلحة ( الجيش الشعبي ومستنسخاته وان اختلفت التسميات ) ومجاهديها العظماء وكتائب ميليشياتها المنفلتة.
إن ما يحدث اليوم وطيلة السنوات الماضية ما هو إلا نتاج تلك الفترة المظلمة من تاريخ هذا البلد وتربية ذلك النظام لعدة أجيال من الناس الذين ينفذون اليوم ما تعلموه خلال أكثر من 35 عاما وشاهدوه وهم أطفال وفتية وشباب، ابتدءاَ من كرنفالات الإعدام التي كان ينفذها النظام في الشوارع والساحات العامة وكيل الاتهامات الكاذبة جزافا لكل من يعارضه وانتهاء بتلك المشاهد البائسة والقاتلة من ( صور من المعركة ) التي كانت تبث يوميا ولثماني سنوات متصلة وتظهر آلاف الجثث الممزقة الأشلاء أو عمليات دفنها بالبلدوزرات على أنغام الأناشيد الوطنية، الى تسطيح عقول ووعي الناس بتصنيع أحزاب وجمعيات للرقص أوقات الحاجة لها من ما كان يسميه النظام بالاتحادات والنقابات المهنية والفرق الفنية التي لا هم لها ولا غم إلا التغني بالقائد الذي لا مثيل له في الدنيا وربما لو بقوا عدة سنوات أخر لقالوا انه متعهد الآخرة أيضا.
إن ما يحدث اليوم وطيلة السنوات التي مرت بعد سقوط النظام ما هو إلا نتاج تراكمات من التربية الخطأ التي تصل في كثير من مفاصلها الى الخطيئة والسلوك المنحرف في تعليم وإشاعة الكذب والخوف والتدليس والاستكانة والقسوة وتحليل وإباحة المحرمات في المال والأعراف وإرعاب الناس باعداءٍ مفترضين لا وجود لهم إلا في مخيلة ذلك النظام الذي أراد بواسطتهم إشغال الملايين عن الإبداع والإنتاج، كما ساهم النظام من خلال برامجه الإعلامية والتربوية من إلغاء وتحطيم مفهوم المواطنة العراقية وذلك من خلال إذابتها بمفاهيم شوفينية ووهمية أساسها العرق والمذهب الواحد، على حساب تهميش وإلغاء الملايين من أبناء العراق الشيعة والكورد والكلدان والتركمان وبقية الأعراق والأديان بإذابتهم في بودقة الأمة العربية والوطن العربي.
إن سقوط النظام لم يسقط ثقافته وتبعات تربيته وسلوكيات أفراده وعقود من تراكمات التلقين والتصرف الببغائي والكيل بمكاييل وليس بمكيالين، فهم أي ما أنتجه النظام مما نشاهده اليوم ذوو أوجه وألوان حرباوية وأشكال هلامية وملساء تصلح للزينة وللقبح وتمارس كل الأدوار الانتهازية والوصولية وخصوصا ما كان له علاقة بالحملة الوطنية للأيمان والذبح والتفخيخ والابقاء على كل ما له علاقة بالنظام السابق وقراراته وقوانينه وبدائيته، من خلال إشاعة اليأس والتشكيك في قدرة العراقيين على بناء تجربتهم الديمقراطية