عودة الزرداشتية إلى شمال العراق رغم أن معتنقيها يوصمون بالعار !!

شارلوت برونو وكاوا عمر – رويترز 
الترجمة عن الإنكليزية منال الحسيني  
آرام مهدي، كردي عراقي تحول مؤخرًا من الإسلام إلى الزرادشتية، يقف أمام الكاميرا وهو يحمل قلادة تمثل زرادشت، في دهوك، العراق، 19 سبتمبر، 2020.
يضع آرام مهدي قلادة “فروهر” تحت قميصه بعناية ليذكر نفسه بالمبادئ الزرادشتية الأساسية التي تمثلها: الكلمات الطيبة، الأفكار الطيبة والعمل الصالح.
ولد ونشأ آرام الكردي في أسرة مسلمة محافظة في مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق شبه المستقل ويبلغ من العمر 31 عامًا, يخشى ارتداء رمز الزرادشتية علانية.
يتذكر أن أصدقائه كانوا يطلقون عليه لقب “الملا” ، وهو يتنقل بين الصور القديمة التي تظهره وهو يصلي في مسجد محلي . بدأ  التواصل الاجتماعي معه يتضاءل عندما قرر أن ينأى بنفسه عن الإسلام ويتبع تعاليم زرادشت الذي أسّس الزرادشتية قبل حوالي 3500 عام في إيران القديمة.
انتشرت الزرداشتية بشكل واسع حتى وصلت الهند، وكانت الدين الرسمي لثلاث سلالات فارسية حاكمة حتى القرن السابع الميلادي.  لكنها سرعان ما تراجعت مع ظهور الإسلام واختفت من  العراق كليا.
لكن شهدت الزرادشتية، في المنطقة الكردية في البلاد،  انتعاشًا غير متوقع بعد احتلال تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف مساحات شاسعة من شمال العراق وفرضه عقيدة الإسلام بشكل وحشي واضطهاده للأقليات الدينية.
“بدأت أسأل نفسي هل إسلامهم هو الإسلام الصحيح أم الإسلام الذي علمني إياه والداي؟”  قال مهدي.
وبحسب آوات طيب، الرئيسة المشتركة لجمعية ياسنا فإنه تم تسجيل حوالي 15 ألف شخص في المنظمة حتى الآن بعد ترويجها للزرادشتية في كردستان منذ عام 2014 وهي كذلك ممثلة لهذه العقيدة لدى حكومة كردستان. 
وتقول السيدة طيب، إن معظمهم من الأكراد الذين تحولوا من الإسلام ، لكن العرب والمسيحيين أيضاً انضموا إلى هذه الحركة.
على الرغم من أن الحكومة الكردية الإقليمية اعترفت رسميًا بالزرادشتية في عام 2015، إلا أن المتحولين من الإسلام لايزالون مسجلين كمسلمين في الحكومة العراقية المركزية، وهو أمر لا تتوقع  السيدة طيب أن يتغير في وقت قريب.
قال مهدي وهو يقود سيارته نحو فرع ياسنا الذي تم إنشاؤه حديثًا في دهوك، إنه يأمل في العثور على مجتمع جديد من المتحولين الذين يشبهونه في التفكير.
سألته رئيسة الفرع، هيلان شيا، عما إذا كان سيلتزم بالمبادئ الأساسية المتمثلة في احترام الطبيعة وعناصرها الأربعة وهي الهواء، الماء، النار والتراب والبشرية قبل تسجيله رسميًا كعضو.
 إن التركيز على البيئة والتعايش السلمي هما من العناصر الأساسية التي تجذب الشباب من الخلفيات المحافظة إلى العقيدة القديمة.
 لكن الزرادشتيين في دهوك لا يزال لديهم بعض الطريق ليقطعوه كي يكسبوا  قبولًا عالميًا – فقد وصف بعض الشيوخ المحليين الزرادشتيين على وسائل التواصل الاجتماعي على أنّهم  كفرة.
قال مهدي وهو يتجول في كهف تشارستين(تشارستون) المحلي المكون من أربعة أعمدة، إنه يحلم أن يمارس يومًا ما طقوس عقيدته الجديدة هنا.
وقال مدير دائرة آثار دهوك، حسن قاسم، إن الكهف كان مكانًا للعبادة الزرادشتية في الماضي، لكنه أضاف أن الكهف، وهو موقع أثري مصنف، لم يعد من الممكن استخدامه الآن على هذا النحو.
ولإنه لا مكان لممارسة طقوسهم ، يأمل الزرادشتيون في دهوك أن يزدادوا عددا ويتمكنوا من فتح معبد لهم في مكان آخر.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…