إبراهيم شتلو
إنتشرت في السنوات الأخيرة، ومع إتساع أدبيات و مظاهر الإسلام السياسي في مجتمعات الجاليات العربية في أوربا تصرفات سلبية تجاه أبناء الجالية الكردية في ألمانيا تنم عن الحقد والتمييز القومي ومعاداة المغتربين ذو الأصول الكردية.
إذ يتعرض الشخص الكردي إلى مساءلات إستفزازية تستنكر عليه كونه ذو قومية خاصة رغم أنه مسلم والحديث عن مسألة الإنتساب القومي والإسلام توجه دائما من قبل المهاجر العربي. إذ يقول للكردي:
يا أخي أنت مو مسلم خلاص ليش بتقول أنك كردي يا أخي قول أنا مسلم والحمد لله. نحن كلنا مسلمين نتكلم عربي. ليش تتكلمون كردي؟
هذا السؤال أعاد بذاكرتي إلى أيام حُكم الوحدة السورية – المصرية 1959/1960/ حيث كان وزير داخلية الإقليم الشمالي – سوريا – آنذاك المَدعو عبد الحميد السّراج مُؤسس فروع المُخابرات وأجهزة مراقبة الشعب ومنها فرع الأمن السياسي والذي كان يُعرف بالشعبة السياسية ومُخترع نظرية خُطورة الوجود الكُردي على القومية العَربية وصاحب المُبادرة الأولى – منذ إستقلال سوريا – بزرع مقرات وفروع لأجهزة الأمن في مدن المناطق الكوردية والأحياء التي يسكنها الأكراد في حلب ودمشق وحماه ، وإطلاق يد مخافر الدرك والشرطة في المناطق الكوردية وإصدار قرارات بحظر كل مايمت للقومية الكوردية وشخصية المواطن الكوردي بصلة والعمل بكل حقد وتخطيط وبجميع الوسائل والمستويات على تعريب المناطق الكُوردية وذلك بإيجاد وتطبيق استراتيجية أمنية مُحكَمة الدقة وعلى نطاق واسع تعدّت حُدود المناطق الكوردية إلى المُدن الأخرى وَحيثما يَتواجَد طُلاّب أو مُعلمين ومُدّرسين ومُستخدمين أو مُوظّفين وعمالا أكرادا لمُراقبتهم وتعقّبهم في حركاتهم وكل سكناتهم بغرض إستشفاف أفكارهم ولقمع كل مايمت للشّعب الكُردي وشخصية الإنسان الكُردي في سوريا بصلة
إذ أصبَح التحدّث باللّغة الكردية يُشكّل خَطَرا على أمن البلاد وَوَحدتها وبالتالي محظورا يُعرّض مَن يُمارسها إلى الفصل من المَدرسة أو الجامعة وحتى العَمَل وإقتناء مطبوعة باللّغة الكُردية جريمة تؤدي بصاحبها إلى أقبية التحقيق والتعذيب في حي العزيزية بحلب والزج في زنزانات سجن المزة في دمشق حيث أسّس فروعا للأمن السياسي والمُخابرات في المُدُن الكُردية مثل عفرين وكوباني وعاموده والقامشلي وديريك وتل كوجر واختاروا على رأسها أكثرالعناصرمن أجهزة الدرك و الشرطة والأمن تَخلّفا وعُنصرية وشَراسة وحقدا وشذوذا وأقلّهم تَمدنا وثقافة بعد شحن عقولهم بمعلومات سلبية مغلوطة عن الشعب الكوردي لكي يكونوا هؤلاء الموظفين والمستخدمين على إستعداد ومهيئين لتنفيذ القوانين والأوامر والتعليمات الجائرة ضد المواطن الكوردي مع منحهم فرص الإرتقاء في وظائفهم وترقية رتبهم الأمنية والعسكرية تقديرا لإمعانهم في ممارسة الضغط والإرهاب على الإنسان الكردي
ومن الأساليب المُتّبعة أيضا كان أنّه من صَلاحية كلّ مُوظف أو مُستخدم في أيّة دائرة حُكومية وأيضا المَدارس والمَعاهد والجامعات التجسّس والتَسّلط على كُلّ مُواطن ذوأصول كردية وكان لرجال الدرك الخيالة والشرطة السيّارة يتمتعون بصلاحيات واسعة لممارسة سلطاتهم كما اعتاد رجالُ الدّرك أثناء قيامهم بمهام الدّورية في القرى أن ينادوا على فتيان وصبية القرية وحيثما يُصادفوهم على مَشارف القرية وساحاتها ويُوجّهوا إليهم السؤال الآتي:
أنتَ كُردي أم مُسلم؟
إبراهيم شتلو
وَكان للدركي ومزاجه أن يَستشّف من جَواب الصبّي البرئ مَدى الشُعور القَومي الكُردي لديه وبالتالي يقدّر إحتمال إرتباط والد وأهل هذا الصبي بالحَركَة القومية الكُردية
: فإذا كان جَواب الصبي
أنا مُسلم. كان يُترَك هذا الصبي وحاله.
أما إذا كان جوابه: أنا كُردي أو: أنا كُردي مُسلم فكان هذا الصبي يَخضَع للتّمحيص والتّدقيق والسُؤال عن إسم والده وموقع بيته ويتم إصطحابه إلى بيت المُختار ليطلب حضور والده وأشقائه لأخذ بياناتهم الشخصية وكثيرا ماكان يتم إصطحابهم موجودا إلى المخفر للتّحقيق وغالبا يكون مصيرهم التحويل إلى الشّعبة السّياسية وأقبية التحقيق البغيضة.
فَهل ياتُرى أنّه يجب أن نُعاقب على يد مَن هُم يدّعون كَونهم مُسلمين وهؤلاء هم ينادون بالإسلام فقط في المناسبات التي تتَطرّق إلى الشّعب الكُردي بينما هُم في الواقع لايمارسون ما يمت للدين الإسلامي وتعاليمه الإنسانية السمحاء بأية صلة حقيقية فعلية بل يلبسون عباءة الإسلآم ظاهرا ويخفون إضطهاد الشعوب الإسلامية ، وعبوديتها لفرض هيمنتهم هم فقط على ماعداهم من المسلمين وينكرون عليهم هويتهم و يذوبون هويتهم في بوتقة التتريك والتفريس والتعريب بخبث وإلتواء على مبادئ الأديان السماوية التي تقوم على مبدأ:
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا،إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، لافرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
أم أن صلة الرحم بين العرب ومسلمي ميانمار هي أقرب منها إلى صلة الشعوب العربية بالشعب الكردي المسلم؟. فهل الأندونيسي المسلم عربي لكونه مسلما؟ وهل البنغلاديشي والباكستاني والأفغاني…عربي لكونه مسلم؟
لماذا يطلبون منا أن ننادي جهرا بأننا ضد إسرائيل وبأن نقف مع الشعب الفلسطيني ومطالب منظماته الفتحية والحماسية دون قيد أو شرط في حين أرسلت هذه المنظمات الفلسطينية عشرات الآلاف من فصائلها المسلحة لدعم جحافل السفاح صدام في حرب الإبادة ضد شعب كردستان في الثمانينات؟
لماذا لا تساهم بلدان البترول العربي بأموالها وشركاتها وإمكانياتها المادية الضخمة في إعادة إعمار كوباني وإعانة سكانها للعودة إلى دورهم وقراهم التي هدمها ودمرها إرهابيو ما يعرف باتنظيم دولة العراق والشام الإسلامية؟
أو لم تكن كوباني مدينة مسلمة ومواطنوها الكورد مسلمون وكانوا ضحية عدوان الإرهابيين وشذاذ الآفاق من محموعات ترفع شعار: لا إله إلا الله….الذين كان من بين هؤلاء الإرهابيين المئات بل الآلاف الذين ينحدرون من مجتمعات دول البترول العربي؟
لماذا لا تتلقى معسكرات اللاجئين في كردستان المساعدات من المؤسسات والجمعيات الخيرية العربية؟ وإن قدمت فإنه بالشئ اليسير القليل وتأتي متأخرة جدا؟
لماذا تتسارع بلدان البترول العربي إلى تقديم معونات الإغاثة إلى الأناس المتضررين من الحروب الأهلية والهاربين من التقتيل والدمار في بورما والفيليبين وغيرها شعوب أقصى العالم بينما يتطلع مئات الآلاف من المهجرين الأكراد المسلمين وهم أقرب إليهم جوارا وجغرافيا إلى السماء رافعين أيديهم يدعون الخالق جل وعلا إلى إنقاذهم من الإبادة والتشرد والعطش والجوع والبرد، أو ليس الأقربون أولون بالمعروف؟
في حين يفرضون على الكردي أن يكون مسلما على الطريقة العربية أي : أنت مسلم يعني أنت عربي ولكن يعاقب إذا أضاف تعبيرا عن إنتمائه الذي من به عليه الخالق عز وجل على كونه كرديا؟
والسؤال الذي لم ألقى له جوابا منطقيا محقا له حتى اليوم هو:
لماذا يجافي العرب جيرانهم الأكراد، ولماذا ينكرون عليهم حقهم الطبيعي في تمتعهم بحقوقهم القومية ويعادونهم ويحاربوهم بكل ما أوتي لهم من وسائل وهم إخوانهم في الدين وجيرانهم في الجغرافيا ؟
لماذا ينكرون علينا التحدث بلغتنا، لماذا يتم إغلاق فرص الحياة في وجوهنا لمجرد أن إسمنا حنان و منان وآزاد و آرين وسيابند وباور، و سربست وإيبو ؟
لماذا يحرم علينا الإحتفال بأعيادنا القومية؟
لماذا تسن القوانين التي تحظر التعلم باللغة الكوردية في المدارس والدوائر العامة ؟
رغم أننا نحن الأكراد وقفنا إلى جانبهم بل وأكثر من ذلك حاربنا الأوربيين – الحروب الصليبية – في سبيل الحفاظ على كيانهم ووجودهم كدين وقومية معا ولو لا إستجابتنا – صلاح الدين الأيوبي – لنداء إستغاثاتهم لما كان لهم وجود عربي وإسلامي في شرق البحر الأبيض على الأقل، وماكان لأحد أن يخاطب هذا اليوم بإسمه:
محمد ، أحمد محمود ، حسن ، علي ، مصطفى،..بل كان سيكون بدى عنه: ريشارد و فرديناند..و لويس…و جورج…- مع إحترامي لحرمة الأسماء – ثم أليس الفضل لكل مالكم من كرامة وما تتباهون به اليوم من تاريخ وتفاخرون من تراث ومنذ تسعماءة عام أليس كل ما تعتزون به دفع ثمنه الفرسان الكورد ومن فضل أجدادنا الكورد؟
أليست هذه الحقائق التاريخية صحيحة يا عرب الإسلام؟
ولكن العربي ولمجرد سماعه لكوني كردي النسب يستقوي وينفش ريشه غضبا ويبدي إمتعاضه وتحفظه بل ولا يخفي عدم رضاه لمجرد وصول عبارة أنا كردي إلى مسامعه.
لماذا ياجيراننا، لماذا يامن لبينا نداء إستغاثتكم وأسرعنا لنجدتكم وحررناكم واستعدنا لكم شرفكم ودينكم وكرامتكم؟
وعلى سبيل المثال : يدعوك المهاجر العربي بكل صلافه إلى التنكر لكرديتك ويخاطبك قائلا:
يا أخي أنت كردي فأنت عربي طبعا ألست مسلما؟. بل ويجاهر بعداء الكردي ويدعو إلى مقاطعة المطعم الكردي والمخبز الكردي والبقال الكردي…ويهدد زميله و زميلته المترجمة بل ويشهر به/ بها بأنه لايدين بالإسلام…وينعته بالمجوسي لأنه كردي لاتشتري من عنده…إنهم من عبدة النار…
طبعا يخاطبك العربي بعبارة: أخي لريثما تخدعك عبارة الأخوة لكي تنهار وتستسلم وتتنكر لأصلك وليستخدم كلمة: مسلم لجاما في رأس الكردي.
إنه يبدوأن إخوتنا العرب قد تناولوا هذه المرة وفي بلدان أوربا حيث يعيشون في بحبوحة الرفاه الإقتصادي ويستغلون حرية الديمقراطية الغربية واحترامهم لحقوق الإنسان ليستغلوا ذلك وليقوموا بتعرية حقيقة غباء العنصرية المعشعشة في رؤوسهم والتي تهدف إلى التسلط ممزوجة بجرعة كبيرة مميتة من سُمَ إسلام الإمبراطورية العثمانية الجديدة وفخ عقائدية سلطان طورانستان المستبد الذي يفسد عقولهم وينخر في جسد بلدانهم ويهدف إلى هلاكهم على طريقة فرق تسد وهم لايفقهون.
هذا باختصار، وللحديث بقية.
Kurdisch&Islamic Studies
22.11.2020