صالح جعفر
بعيدا عن سياسات حكومات العالم المخلتفة لمواجهة وباء كورونا بدءا بالنصائح و الإرشادات و انتهاءا بفرض الإجراءات المختلفة، هناك التعامل الشعبي مع هذا الوباء الفتاك الذي انهك العالم بأسره. التعامل الشعبي او الجماهيري اختلف حسب ثقافة كل مجتمع و أحواله و موروثه الحضاري.
المجتمعات الغير متطورة و الخاضعة لهيمنة الفكر الديني و العشائري لا تستطيع التعامل العقلاني المطلوب مع مثل هذه الكوارث كتعاملها مع ازماتها الاجتماعية و الاقتصادية او السياسية .
لا شك ان الوعي الشعبي او الجماهيري هو نتيجة لسياسات السلطات الدينية و السياسة و الاجتماعية القائمة و انعكاس لها و لاكنها لا تعفيهم منها لكونهم يشكلون ارضية خصبة لتطبيق هذه السياسات بل و تشجيعهم لتطبيق المزيد منها .
لازال الكثيرين من الناس لا يصدقون وجود هذا الوباء و انتشارها السريع و خطورته على صحتهم رغم مشاهدتهم و معرفتهم بضحاياها و لا زال هناك من يصدق بان هذا الوباء هو مؤامرة من بعض القوى المستفيدة من انتشارها و هناك من يعتقد بانها عقوبة من الله بسبب ابتعاد الناس عن الدين و انتشار الفساد في الارض .
لكن الشريحة الكبيرة من هذه المجتمعات المتخلفة الرازحة تحت وطأة العادات و التقاليد القديمة هي الضحية الأكبر لهذا الوباء الذي ينتشر بين صفوفها ، رغم توجيهات القطاع الصحي و رغم جميع إجراءات الحكومات لا زال الاستهتار و الاستخفاف بهذا المرض هو السائد ، حيث الزيارات و حفلات الزواج و التعازي و الولائم و التجمعات العلنية و السرية قائمة و دارجة دون ادراك خطورتها على حياتهم و حياة الآخرين .
السبب في ذالك هو من يدعي الشجاعة و عدم الخوف من هذا الوباء و منهم من يتركها للنصيب و القدر و المكتوب على الجبين و منهم من ينحرج و يخجل من العادات السائدة و عدم القدرة على رفضها او التهرب منها خشية تعرضه للتوبيخ او المحاسبة او الانتقاص من المكانة الاجتماعية و نظرة المجتمع اليه.
بعد فشل التوجيه و الإرشاد و تطبيق الإجراءات لم يبقى سوى رادع الخوف و يبدو ان كورونا هي الوحيدة القادرة على ذلك و قد تنجح لوضع حد لثقافة الاستهتار و الاستخفاف و تجبرهم على الالتزام بما هو ممكن لتخفيف لعدد ضحايا هذا الوباء و لاكن بعد فقدان الكثير من الأهل و الاحبة .
08-11-2020