الشائع في روزآفا أثناء الحقبة السوفيتية

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
قبل الدخول في الشائع لدينا أثناء العهد السوفيتي، علينا توضيح بعض الأمور؛ حتى يتكون لدى القارئ الكريم تصور ما عن تلك الأجواء.
انتهت المرحلة اللينينة في الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية بفترة. وكانت من مبادئها تحرير العمال والشعوب من نير الإمبريالية. انتهاؤها بدأ بإعلان السوفييت مبدأ التعايش السلمي، أي لا حرب ضد الإمبريالية، سيعيشان في سلم ووئام. أضرت هذه النقلة بالشيوعيين والكرد. حيث حول السوفييت شيوعييه إلى خدم لأنظمة جنرالات العسكر الانقلابيين، متبعين خطة اختطاف الدول التي نصبها الغرب على شعوب العالم الثالث تبعا لمصالحها. هنا لم يعد مهما أن يكون النظام المختطف مضطهِدا لشعوبها أم لا، المهم أن يجري في فلك السوفييت. وهكذا أصبحت مصر تقدمية في ظل الناصرية، والبعث السوري والعراقي اعتبرا ركنا مهما من أركان التقدمية في الشرق الأوسط، وكذلك قذافي صاحب الكتاب الأخضر…
كان ناصر يلاحق الشيوعيين ويزجهم في السجون، مع إذابتهم في المذيبات، بينما كان السوفييت يحتضنه بحرارة بالغة، وبعثيي العراق أقاموا المجازر للشيوعيين، وبعثيي سوريا لم يكون أرحم من ناصر في حقهم. وشملت ضررها القضية الكردية أيضا، وحصل هذا بمساعدة من مُخَدِّمِي البعث. يكمن هذا الخطر بالدرجة الأولى في شرخ حراك التحرر الكردي إلى فيئتين فئة تدعو إلى الاشتراكية السوفييتية! -ولا نعلم عن المصانع شيئا- وتحارب الملاكين، وميسوري الحال، والمتدينين، والقوميين الكرد… والأخرى متمسكة باعتدال بالدين وبالقومية؛ فالبعث نفسه قد قضى على الإقطاع، أي ملاكي الأراضي لمصلحته المادية. 
كيف تضررت قضيتنا من الشيوعية السوفيتية؟
عمل النظام ومعه مُخَدِّمُه السوفييتي من الشيوعيين على جرّ الكرد الزراعيين الرعويين إلى الصراع الطبقي المنادى به سوفيتيا. وتحول نضالنا إلى الدعوة للتخلص من هيمنة الآغاوات علينا. هذه الدعوة عمليا طبقها النظام، وقضت عليهم؛ لصالح جنرالاته وأشياعه ليحلبوا الشعب، وينهبوا الدولة. ولم يقتصر هذا التحليب على السوريين وحدهم، بل تعداهم إلى المنظومة السوفيتية، حيث أغدق السوفييت بالسلاح المنتج بعرق شعوب منظومته على الحفنة الحاكمة، لتراكم ثروتها، ولِما لا؟ لقد أعفوا من شراء الأسلحة. ولم يقصر الخليج أيضا في سكب الأموال عليهم بحجة الصمود والتصدي؛ في حين كانت إسرائيل تضم الأراضي المكسوبة في حرب الأيام الستة إليها.
فالزراعي الرعوي الكردي صار ينادي بالصراع الطبقي بدلا من الإلمام بتخلفه والتخلص منه، وتكتله في وحدة متماسكة؛ مكتسبا الخبرة بمحتليه والعلم بنقاط ضعفه وقوته، وكذلك بالدول المعنية بالمنطقة ومعرفة مصالحها ونمط تعاملها؛ حتى يكون قادرا على مواجهة محتليه.
سنتوسع أكثر في العدد القادم.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…