في الحسكة : العشائر تتجاوز القانون والمنطق!!

حسن برو

كثرة المشاكل الاجتماعية في الآونة الأخيرة في محافظة الحسكة ومنها ،المشاجرات الجماعية التي يشترك فيها عدد من الأشخاص ويقسم هؤلاء الأشخاص إلى أربعة أقسام والقسم الأول : يدخل القبر، والذي يكون الضحية الأولى، و يدخل القسم الثاني منهم السجن والقسم الثالث المشافي لمعالجة جراحة والقسم الرابع يهرب خشية من الانتقام الذي يرتبط بمجتمعنا العشائري المتخلف حيث نجد بأن العائلة والعشيرة تحدد حياة العشيرة والعائلة الأخرى
أي أن عشيرة المجني عليه بمجموعها تصبح عدوة لعشيرة الجاني بمجموعها ليتحول مصير مجموعة من الأفراد مرتبطاً بمصير العشيرة والتي ربما يتزعمها رجل متمسك إلى أبعد الدرجات بالتقاليد والأعراف البالية أكثر مما يتمسك بالقانون وضرورة أن يحاسب شخصاً بذاته جزاء أفعاله وما اقترفته يداه ، وبذلك يمتد الاتهام الذي يجب أن تلعب المؤسسات القضائية دورها في الجريمة والعقاب وتحدد أشخاصهم إلى كل فرد من العشيرة حتى الأطفال الصغار في المدارس والنساء في بيوتهن ليدفع مجموعة كبيرة من الأفراد ثمن جريمة أرتكبها فرد أو أفراد شاذين منها، ويتحكم بمصير المجموعتين أناس لا علاقة لهم البتة بالموضوع ، وفي محافظة الحسكة تكون نوعية هذه المشاكل في أوجها ولأتفه الأسباب منها (مشاجرة أطفال وتتحول إلى مشاجرة جماعية أو منافسة في سباق بين سيارات بمسيرة عرس، أو بمزاورة شابين طائشين ومراهقين لبعضهما البعض،……إلخ) وهنا تبدأ مسيرة العذاب لأفراد ليس لهم علاقة بالمشاجرة أو أسبابها ولكنهم يتحملون نتائجها رغماً عنهم) لأن العادات والأعراف البالية تحكم علاقاتهم بدلاً من القانون، وهنا سنتكلم عن بعض المشاكل التي حصلت في مدينة رأس العين، حيث تمت مشاجرات جماعية بين عشائر وعوائل وأدت إلى عقوبات جماعية، قبل ثلاث سنوات تقريباً حصلت مشاجرة في رأس العين بين شاب من عشيرة الديوان الكردية وآل الأومري وبنتيجتها قتل شاب في مقتبل العمر نتيجة هجومه على محلات الأومري وكانت نتيجتها إغلاق أكثر من (ثماني محلات وأكبر سوبر ماركت في رأس العين وهو سوبر ماركت الأومري) وهجرة حوالي (100) شخص من المدينة تاركين أموالهم وبيوتهم ومحلاتهم مغلقة إلى الآن وهاجروا إلى الحسكة والقامشلي وبالرغم من حصول الصلح بين عشيرة الديوان وآل الأومري إلا أنهم إلى الآن ممنوعين من العودة للمدينة وفتح محلاتهم ومتابعة أعمالهم.
وفي مشاجرة أخرى يوم 28/10/2006 بين عائلتين كرديتين (آل قوقيان وآل شيخو) قتل الشاب علاء شيخو نتيجتها وأصيب ثلاث أشخاص آخرين وعلى إثرها تم توقيف المشتركين بالمشاجرة ، إلا أن القصة لم تنتهي هنا بل أصبح كل من العائلتين تتربص بالأخرى ، وتحاول الانتقام ونتيجة هذه التربصات تم توقيف أشخاص آخرين و البعض منهم ليس له أي علاقة بموضوع المشاجرة الأولى ، وتم إغلاق أكثر من (15) محل في وسط المدينة العائدة لآل قوقيان وهجرة العديد من العوائل إلى دمشق واللاذقية حتى أنه توفي أحد أفراد هذه العائلة بحادث سير في دمشق وهو يبحث عن عمل، وشاب أخر أصيب في اللاذقية برأسه وهو يسبح في شاطئها وهو شبه مشلول الآن، وبالرغم من التدخل المستمر من وجهاء المدينة ومثقفيها وشخصياتها وأحزابها وعشائرها لحل الخلاف بين العائلتين وحصر المشكلة بين أصحاب المشكلة الحقيقيين إلا أن التمسك بالعادات البالية وعدم الرضوخ للغة العقل والقانون وسعت من نتائجها لتمتد إلى أكثر من (150) شخص من فقراء عشيرة الجناة (آل قوقيان) وحرمانهم من لقمة عيشهم في المدينة ليتحولوا إلى عاطلين عن العمل بعدما كان الكثير منهم فاعلين فيها ، وهنا يحق لنا أن نسأل عدة أسئلة ملحة
أولها: هل من الصحة أن نبقى مرتهنين لعادات عشائرية بالية أكل عليها الدهر وشرب؟
ثانيها: إلى متى يتحكم أشخاص …بمصير مجموعة من الناس ويوجهونهم كمجموعة من القطيع؟
ثالثها: لماذا لايأخذ القانون مجراه في مثل هذه الحالات ؟ ولماذا وضع القانون أصلاً؟
رابعها : من المستفيد من استمرار هذه الخلافات والعلاقات ؟
خامسها : هل تبذل السلطات المحلية جهودها لحل هذه الخلافات وتحصر مشكلتها في المشتركين فيها؟
ما المنطق وما القانون الذي يحكمنا ونحن في الألفية الثالثة؟
——-
 كلنا شركاء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…