محمد مندلاوي
أتذكر جيداً عام 2005 حين أقسم كل القادة العراقيون والكوردستانيون سنة وشيعة وكورد على قبول الدستور الاتحادي، الذي صوت عليه بنعم شعبي الكيان العراقي وإقليم جنوب كوردستان بنسبة 85%. لكن، كالعادة بعد مرور أقل من ساعة حنثت قادة الشيعة بالقسم، وقالوا: لدينا تحفظات على الدستور؟؟!!. وهذا التحفظ… يعني أنهم قبلوا بالدستور، لكن بشيء من الاحتراس؟ أي: أنهم في قادم الأيام سيفسرون مواد هذا الدستور خلاف الذي قصده المشرع!!. إن الأعوام التي تلت قبول الدستور تشهد على هذا الذي نقوله، لقد خرقت القيادات الشيعية الحاكمة عشرات المواد الدستورية وفي مقدمتها المادة 140 التي مضت على تاريخ المحدد لتطبيقها 13 سنة!!،
إلا أن الأشياع، كما أسلفت كعادتهم حنثوا بالقسم ولم يطبقوا أية مرحلة من مراحلها المادة المذكورة الثلاثة إلا وهي 1- التطبيع 2- الإحصاء 3- إجراء الاستفتاء. عزيزي القارئ، كل هذا يحدث بوضح النهار والمرجع الشيعي الأعلى، الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة تجده ساكتاً ولا يحرك ساكناً عن تهرب الأشياع عن تطبيق المادة الدستورية المذكورة، والسبب، لأنها تخص الكورد، وستعيد كركوك والمناطق الكوردية الأخرى السليبة إلى وطن الأم كوردستان. لقد انتقدهم العالم كثيراً عن التهرب لتطبيق هذه المادة والمواد الدستورية الأخرى، إلا أنهم لم ولن يولوا أي اهتمام للانتقادات التي وجهتها إليهم حتى المختصون في القانون الدستوري. وهكذا هي إيران الشيعية التي تسير على خطاه قادة أشياع العراق، حيث أن دستورها -إيران- يقول: يحق للقوميات الإيرانية أن يدرسوا أبنائهم بلغتهم القومية. لكن بعد أن مضى 41 عام على إعلان الحكم الإسلامي -الشيعي- لم ولن يسمحوا للكورد وغيرهم أن يدرسوا أبنائهم بلغتهم القومية.عزيزي المتابع، قبل عدة أعوام فتح أهل مدينة (إيلام) في شرق كوردستان مدرسة أهلية لدراسة لغتهم الأم، اللغة الكوردية، إلا أن النظام الإسلامي (الشيعي) بعد أن رأى أن أهل المدينة سجلوا أبنائهم بأعداد كثيرة في هذه المدرسة لم يتوقعها النظام قام بعد فترة وجيزة بإغلاقها؟؟!!. الشيء الآخر، أتذكر في بداية عودته إلى إيران خطب السيد الخميني للشعب وقال في خطابه: “نحن سنجعل التنقل بالأوتوبوس (مصلحة) بالمجان، وهكذا يكون الماء والكهرباء بالمجان، وقال أيضاً: نحن سنضمن لكم الدنيا والآخرة”. الخطبة باللغة الفارسية موجودة على الانترنيت لمن يريد مشاهدتها والاستماع إليها. لكن؛ بعد مرور 41 سنة على وجود النظام الشيعي لم ولن يتحقق شيء من هذا الذي قاله هذا السيد، آية الله العظمى الخميني؟؟. حقيقة لا أدري بعد أن فشل نظامه ولم يضمن الدنيا لهم، يا ترى كيف سيضمن لهم الآخرة!! مع أن القرآن خاطب النبي محمد في سورة الأحقاف آية 9: قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم… . لا أدري كيف أن السيد الخميني يضمن لهم الدنيا والآخرة معاً!! مع أنه لم يضمن لهم أي شيء من الذي قاله لا مادياً ملموساً، ولا معنوياً مجرداً؟. عزيزي القارئ، أن عموم الدول العربية والإسلامية دون استثناء لا تختلف بسياساتها الصبيانية عن كياني عراق وإيران، وذلك بإتباع سياسة ديماغوجية، كإطلاق يد الغوغائيين في الشارع لقيادة البلد!!، وتعطيل الدستور دون أن يعلنوا عنه!!، وعدم التقييد بتعهداتها الدولية التي قبلتها بمحض إرادتها و وقعت عليها في المحافل الدولية!!، وهكذا لم ولن تنفذ وعودها التي قطعتها على نفسها لشعبها!! الخ. لكن تجدهم حين يتكلمون عن احترام التعهدات يزعمون: لنا قاعدة فقهية مشهورة ” المؤمنون عند شروطهم” أي: إن المؤمن المسلم يجب أن يتقيد بالتعهدات التي قبلها على نفسه؟؟. يا ترى ماذا نسمي قتل السياسيين الكورد في البلدان الأوروبية؟؟!! كقاسملوا، وشرفكني، وقبلهما كريمة القاضي محمد، هل التزمت الجهة الإسلامية التي نفذت الجريمة المدانة على الأراضي الدول الغربية بقاعدة المؤمنون عند شروطهم؟؟!!.
عزيزي القارئ دعني أضع أمامك بعض أوجه المفارقة بين بلدان (الكفر) وبلدان العرب و المسلمين، لنرى مَن يلتزم بالشروط ومَن يضربها عرض الحائط: 1- قتل السياسيين والأدباء والشعراء اللاجئين إلى بلدان الغرب (الكافر) من قبل عملاء البلدان العربية و الإسلامية والمسلمة. وفي المقابل، هل قتلت البلدان الغربية أحد من مواطنيها لجأت إلى بلاد المسلمين؟؟ وهل يوجد في طول التاريخ وعرضه أن غربياً لجأ إلى البلدان العربية أو الإسلامية أو المسلمة؟؟ بالطبع لا. 2- الهجوم على السفارات والقنصليات والممثليات للبلدان الغربية في بلاد المسلمين. هل شاهد أحد ما أن الغربيين هجموا على سفارة ما للبلدان العربية أو المسلمة أو الإسلامية، بالطبع لا. 3- حرق الأعلام للبلدان الغربية أو وضعها على الأرض كي يداس عليها بالأقدام والأحذية!!. هل قامت البلدان الغربية (الكافرة) بوضع أعلام الدول العربية أو المسلمة أو الإسلامية على الأرض ووضعها تحت الأقدام، بالطبع لا وألف لا، لأنها دول بمعنى الكلمة وليست كيانات متهرئة كما هي كيانات العربية والإسلامية التي لا تحترم حتى أعلامها. 4- أخذ الرهائن من قبل عملاء الدول العربية والإسلامية وذبحهم بالسكاكين الصدئة، هل قام الغرب ( الكافر) بمثل هذه الأعمال الشنيعة التي يندى لها جبين الإنسان، بالطبع لا وألف لا، ولا توجد مثل هذه الأعمال البشعة في قواميسهم. 5- تنفيذ عمليات إرهابية في بلدان الغرب التي آوت ملايين اللاجئين من الدول العربية والإسلامية ووفرت لهم كل وسائل العيش الكريم، الذي لم ولن يوفره لهم بلدانهم المصدرة للبترول. لكن، تجد أن البلدان العربية والإسلامية يدحضون بين هؤلاء اللاجئين عملائهم لتخريب بلدان الغرب التي أشفقت عليهم وفتحت أبوابها لهم ووفرت لهم الأمن والأمان، إلا أن العادة بالبدن ما يغيره إلا الكفن.6- إن الدول العربية والإسلامية خارج نطاق القانون تؤسس ميليشيات مسلحة لتنفيذ مآربها التي لا تستطيع تنفيذها بالجيش والشرطة، هل توجد في الدول الغربية ميليشيات مسلحة تتبناها الدولة على غرار ميليشيات العربية والإسلامية كالحرس الثوري الإيراني، والحشد الشعبي العراقي، والحزب الله اللبناني، والحوثي في اليمن، والقاعدة، وداعش، وقبلها الحرس القومي المجرم، الذي سمي بعد مجيء البعث الثاني إلى السلطة بالجيش الشعبي المجرم الخ كلا وألف كلا. 7- استخدام الأسلحة المحرمة دولياً كقنابل النابالم، وغاز الخردل والسارين الخ هل استخدم الغرب بعد حرب العالمية الثانية مثل هذه القنابل المحرمة دولياً ضد العرب والمسلمين، بالطبع لا. 8- قطع المياه عن بعضهم البعض، مثال تركيا التي تقطع باستمرار المياه عن كل من العراق وسوريا، وهكذا إيران التي هي الأخرى تقطع المياه عن العراق الخ هل حدث أو يحدث شيء من هذا بين البلدان الغربية (الكافرة)، لم ولن يحدث مثل هذا أبدا. 9- مادة 140 في الدستور العراقي مر على عدم تنفيذه 13 سنة، بدل أن تعتذر السلطات الشيعية للكورد عن هذا التأخير يخرج علينا في شاشات التلفزة قزم اسمه حيدر عبادي يجتر بكل وقاحة قائلاً، بما معناه: لا يوجد شيء اسمه مادة 140 كركوك للجميع. هل المسئول الغربي يستطيع أن يتجاوز الدستور بهذه الصلافة؟؟ بلا أدنى شك لا. 10- رئيس الحكومة، المعرف دستورياً برئيس مجلس الوزراء، لا يتقيد بالدستور، ينفذ سياسة حزبه فقط، كما هو حزب الدعوة في العراق، وولاية الفقيه في إيران. لا تجد مثل هذه النماذج… في بلدان الغرب، التي يحكم فيها القانون ولا شيء غير القانون. 11- رؤساء الدولة والحكومة والوزراء يحنثون بالقاسم ولا أحد يحاسبهم على حنثهم، إذا حدث هذا في الغرب (الكافر) أو في دولة إسرائيل العبرية بعد ساعات وليس أيام يترك ذاك المخالف منصبه وينتظر محاكمته العادلة حتى يدفع ثمن جريمته ويقبع في السجن. 12- في البلدان العربية والإسلامية نظام جمهوري لكن وراثي!!! مثال سوريا تحت حكم الأب وثم الابن…، من سابع المستحيلات أن يحدث مثل هذا الفعل المخزي في البلدان الغربية.13- إسقاط الجنسية عن مواطنيها، مثلما قام نظام المجرم صدام حسين بإسقاط الجنسية العراقية عن نصف مليون كوردي فيلي وقتل الآلاف من أبنائهم بدم بارد، هل أن (الكافر) الغربي والإسرائيلي اليهودي يقوم بمثل هذه الجريمة النكراء؟؟ كلا ومليون كلا، بعد خمسة أعوام تقوم الدولة الغربية بمنح اللاجئ جنسية البلد ويصبح أحد مواطنيها، وإذا تزوجت منهم يمنحوك الجنسية بثلاث سنوات؟. 14- الكذب، تجده جزء حيوي في حياة المسلم في الشرق، بينما في الغرب، الكذب يعتبر الكذب من كبائر الذنوب. عزيزي القارئ، أن الغرب رغم علمانيته لا زال متأثراً بمفردات إيمانية نطق بها السيد المسيح: ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير.
كان هذا غيض من فيض مما تقوم بها الكيانات السياسية في الشرق؟ من خلافات، وجرائم، وأعمال دنيئة لا يقوم بها مدمن كحول في الغرب (الكافر)، وتتعفف عن فعلها عندهم امرأة مومس.
13 10 2020
شكراً على القراءة