المعارضة وإدعاء الحفاظ على وحدة سوريا (هيئة الائتلاف ورئيسها الحالي نموذجاً)

قهرمان مرعان آغا
 في مقاربة تاريخية لم تزل مفاعيل أحداثها مستمرة بفصولها المأساوية ، يتكرر الموقف من الإدعاء بوحدة العراق بعد سقوط الدكتاتورية في بغداد 2003 من قبل معظم الأطراف الإقليمية والمحلية ، بنسخة (نيغاتيف) لفيلم وثائقي بإخراج فعلي على الأرض ، بالنسبة للمشهد السوري ولكن بوجود سلطة النظام في دمشق وفي أغلب المناطق ، فالدول ذاتها والميليشيات المحلية المرتبطة معها وكذلك هيئات المعارضة السياسية والعسكرية ، تفعل ذات الفعل الذي حدث قبل عقدين من الزمن في العراق ، لمنع التغيير السياسي الحقيقي بدعوى الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً .؟
 الأنظمة الغاصبة لكوردستان ، المتمثلة  بمحور الشر المسمى بـ ( المقاومة ) ، أدارت بمهنية التفجيرات والعمليات الانتحارية ، لِما كانت تسمى (بالمقاومة العراقية) لمحاربة المشروع الأمريكي في المنطقة ، فيما دعمت تركيا تيارات متطرفة وراقبت سير الأوضاع ، في معظم المناطق السنية ، لحين ظهور تنظيم (داعش) الإرهابي على أمل عودة السلطة للسنة/النظام السابق ، في ذات الحين كان المشروع الإيراني قد تخطى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف باتجاه عمق الصحراء والبادية ، حيث الأنبار (الفلوجة) و الموصل ، الحاضرة التاريخية لأهل السنة وكان الهدف يتمحور بالتوازي مع ذلك منع تجربة إقليم كوردستان من التطور والاستقرار. 
 تكرر المشهد في سوريا بدعم إيراني منذ البداية وبوجود تركي علني ودعم مباشر للميليشيات التي تأتمر بأمرها ، حيث تتالت عمليات التبادل والمقايضة ، بعد التدخل الروسي في معظم مناطق ريف دمشق بدءاً من داريا و انتهاءً  بالغوطة ، وصولاُ إلى حمص ومن ثم حلب ، الحاضرة التاريخية الكبرى ، فالمشروع الإيراني القومي الفارسي بوشاحه الأسود الطائفي الصفوي، أصبح متغولاً في المنطقة على حساب ( شيعته ) العرب بموازاة المشروع القومي التركي العنصري ، بطربوشه الأحمر المَذهبي و بحكم إرثه الاستعماري العثماني للمنطقة على حساب ( سنته ) من العرب وبالنتيجة تمكنت تركيا من احتواء المعارضة العسكرية والسياسية السورية وأصبحت تستخدمها وبالاتفاق مع روسيا وأمريكا بموجب صفقات وتبادل منفعة ، لتوسيع مناطق نفوذها وبالتالي حدودها الدولية ومجالها الحيوي ، من خلال احتلال مناطق غرب كوردستان ، في عفرين ، كرى سبي ، سه رى كانيه ، بدعوى منع قيام كيان كوردستاني في الجزء الملحق بسوريا . 
 ـ المعارضة (هيئة الائتلاف السوري ورئيسها الحالي….) النسخة المقلَّدة من النظام .
يمكن تلخيص الدور المشبوه لهيئة الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة ، الذي أوجده لنفسه من خلال الارتهان الكلي للسياسات التركية في سوريا والمنطقة ، من خلال دفع قواته العسكرية ( الجيش الوطني ) كإدلاء ومرتزقة أمام الجيش التركي لاحتلال مناطق على امتداد الحدود السياسية في شمال وشمال شرق سوريا  والتي تعتبر من الجغرافية الطبيعية والسياسية للجزء الكوردستاني الملحق بسوريا ، كإقليم له خصوصيته الثقافية والتاريخية وارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الكوردي في هذه المناطق من قتل وتغييب وغصب وتغيير ديموغرافي تحت إمرة دولة الاحتلال التركي . 
ولاستكمال هذا الدور سياسياً  ، فإن الرئيس الحالي للهيئة السياسية للائتلاف / نصر الحريري ، دعا الجامعة العربية إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة ما يشكله سلطة حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال شرق سوريا من تهديد لوحدة الأراضي السورية . فهذا الشخص استلم رئاسة الائتلاف نتيجة صراع الأضداد في الملف السوري بين تركيا وقطر من جهة والسعودية ومصر ودول الخليج من جهة أخرى ، وبعد أن أصبح غير مرغوب به من الجانب السعودي كرئيس لهيئة التفاوض والذي جيء به سابقاً بدعم سعودي في مؤتمر رياض 2 /2017 بدلاً من رياض حجاب , حيث أعترض على تغييره بعد استنفاذه لدورتين في رئاسة هيئة التفاوض للمعارضة،عندما دعت المملكة العربية السعودية لاجتماع الهيئة الكترونياً في ديسمبر/ك1/2019 لانتخاب رئيس جديد للهيئة ، بإدعاء أن ذلك سيتم بمشاركة أعضاء مستقلين جُدد عيّنتهم السعودية لحضور الاجتماع وأنّ الاجتماع مخالف للنظام الداخلي للهيئة وأنّ التدخل السعودي تمثل امتهان لكرامة السوريين ومحاولة فرض الوصاية عليهم والسوريين وحدهم من يقررون الانتخابات من عَدمِها وأن هذا التصرف يُهدد وحدة هيئة التفاوض . (..هذا جزء من ما ورد في رسالته لأعضاء هيئة التفاوض وهي منشورة في معظم المواقع الإلكترونية ) وتم تأجيل انتخاب رئيس جديد لهيئة التفاوض لغاية شهر حزيران /2020 ، ليؤكد للجانب التركي ولاءه و لهذا تم مكافأته من قبل تركيا في منصبه الجديد ، لكنه تناسى الوصاية التركية ، لهذا فإن أمثال هؤلاء بإمكانهم تغيير جلودهم حسب مصالحهم الشخصية والانتقال من محور إلى آخر دون اعتبار للقيم و لمصالح السوريين ، يدفعهم أهوائهم و حبهم للسلطة والاستئثار بها ، دون رادع أخلاقي أو وطني  . حيث يأتي طلبه من الجامعة العربية في إطار مسعى تركي ، كرد فعل سابق من معظم قضايا المنطقة والتي اتخذت منه الجامعة ، الموقف المعارض والمدان لمجمل سياسات تركيا تجاه الدول العربية وبخاصة في سوريا والعراق وليبيا ، حيث أدانت الغزو التركي لشمال سوريا و كذلك اتفاق ترسيم الحدود البحرية  والتدخل العسكري في ليبيا والغزو العسكري لمناطق إقليم كوردستان / العراق ، ومن المفترض أن يكون رد الجامعة متضمناً الحقائق على الأرض :
ـ لا يحق لرئيس الائتلاف / نصر الحريري ، الدفع بدعوى وحدة الأراضي السورية وقد ساهم جيشه (الوطني) وساعد عسكريا دولة أجنبية وهي تركيا على احتلال مناطق شاسعة من الأرض في سوريا التي هي عضو في الجامعة العربية .
ـ الجيش الوطني العائد للائتلاف وباقي الميليشيات الإرهابية التابعة لتركيا ومعظم المؤسسات والهيئات السياسية والمدنية التي تعمل في المناطق المحتلة من قبل الجيش التركي تعمل تحت راية الدولة المحتلة وعلمها الوطني وتأتمر بأوامر سلطاته العسكرية ومؤسساته السياسية والثقافية والمالية . 
ـ الهيئة السياسية للائتلاف وجيشه الوطني ساهم في اقتطاع جزء من الأرض السورية وإلحاقها بدولة أخرى وهي تركيا وهذا ما يؤكده بنود الدستور السوري الحالي والسابق وكانت هذه التهمة الباطلة تشكل بالنسبة للمناضلين والمعتقلين الكورد في سجون نظام الأسد جزءاً من تشديد العقوبة ، علماً أنَّ محددات مطالب الشعب الكوردي وحركته السياسية في أقصىاها , لم يقترب من التغيير ولا فصل الحدود السياسية الحالية للدولة السورية وهي تنحصر ضمن جغرافيتها وحدودها السياسية في إطار حق تقرير المصير والعيش المشترك في ظل دولة اتحادية لامركزية.  
ـ يساهم الائتلاف بشكل أو بآخر، سواء بترتيبٍ أو بتغاضٍ على تجنيد السوريين سواء في مناطق الاحتلال التركي أو اللاجئين في تركيا ، كمرتزقة يعملون في الخارج لصالح المشروع التركي التوسعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . كونه يعمل تحت الوصاية التركية وقد ساهم مع الجيش التركي في احتلال أجزاء من وطنه وهذا ينسحب بطبيعة الحال على الدول الأخرى .
ـ أحد أهم مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارض ، المجلس الوطني الكوردي الذي يتفاوض مع  حزب الإتحاد الديمقراطي بهدف الشراكة في إدارة مناطق النفوذ الأمريكي في شمال وشمال شرق سوريا وقد توصل الجانبان إلى اتفاق سياسي ، يشمل مستقبل غرب كوردستان/كوردستان سوريا والموقف من النظام والمعارضة والعلاقة مع دول الجوار وقضايا أخرى مشتركة ، ستفضي في نهاية الأمر لتشكيل مرجعية سياسية مع باقي المكونات في شرق الفرات . وبالمقابل فإن المجلس الوطني الكوردي غير قادر بالاستمرار حتى النهاية في تناغمه السلبي بين النقيضين ، حيث أصبح يفقد مع الزمن الكثير من مقومات تمثيله ومصداقيته  بين أبناء الشعب الكوردي ولم يعد هناك أي مبرر لوجوده ضمن هيئة الائتلاف  ، كونه  متمثل وفق شخصيته الاعتبارية في هيئة التفاوض للمعارضة السورية .
ـ إذا كان استمرار وجود المجلس الكوردي في هيئة الائتلاف ، بقصد المشاركة السياسية لرسم مستقبل سوريا أو الاصطفاف ضمن محاور إقليمية محددة فإن التوجهين قد استنفذا عملياً مفاعيلهما ، على اعتبار أن المجلس كما اشرنا سابقاً مشارك في العملية السياسية في صفوف المعارضة ، سواء في هيئة التفاوض أو اللجنة الدستورية بتمثيله الخاص خارج إطار الائتلاف ، وكذلك لم يعد لمختلف القوى والحكومات والدول الضعيفة التي انساقت خلف المحور التركي من دور ، فأصبحت تركيا متضخمة الأنا ، تمارس التغول و الاحتواء في مواجهة أصدقائها قبل خصومها وهي ساعية في مشروعها التوسعي في المنطقة وخارجها ، بحيث أصبحت تصرفاتها محل إدانة المجتمع الدولي بسبب جنوحها تحت ظل حزب العدالة والتنمية نحو الديكتاتورية وإثارة القلاقل في معظم الملفات الساخنة في العالم .  
يجب تذكير رئيس هيئة الائتلاف الحالي /نصر الحريري وغيره من الذين يستأثرون المناصب بالمنازعة والأنانية حسب رغبة المحاور الإقليمية المتصارعة حول القضية السورية ، بأنكم خذلتم تضحيات الناس وأرواح شهداء الثورة السورية وأهدافهم في الحرية والكرامة وهم يهتفون علو المآذن نشيد الثورة [ الله أكبر] وأنكم غدرتم بكرامة أهل شرارتها الأولى حيث حوران ودرعا خصوصاً وهم يهتفون بأعلى أصواتهم  ( الموت ولا المذلَّة ) .
 09/09/2020   في

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…