هيجان العنف في الخطاب اللغوي

  

صلاح الدين بلال* 
  
هذه المقالة المكثفة رسالة كل خطاب يدفعه الهيجان ليكون سيد اللغة و يائس العقل وهرجا غرائزيا .


  
ان الخيارات المبدعة قادمة من اجواء فضاءات متحررة تصنعها عوامل داخلية عبر مجموعة من التجارب والممارسات الانسانية التي يتمركز فيها دور العقل اولا , ويضغي عليها ملامح المنطق ومكتسيه لأجتهادات جمالية وقدرات ذاتية وبيئة تتوافر فيها عناصر حماية الجهد الفكري والخلق الأبداعي بعيدا عن الغرائز العشوائية ونزعات العقلية القبلية وعن اصدار أحكام مسبقة تكفيرية .
ولا يضمن أستمرار هذا الخلق وجعله تراثا تقوم عليه المجتمعات في بنائها لمستقبلها اذا كانت تسبح في خدمة سلطان جائر أو حاكم فاجر , أو قوانين تحد من قدراتنا العقلية وحرية مناقشتها لجدوى وجودنا , التي قد تكمن في داخلنا وان تمنع من طرح ملاحظاتنا أو تجاربنا لتفسير حدود معرفتنا وسلوكنا ومعرفة مكائن الخير والشر في أعماقنا وارتباطها بمحيطنا أو ثقافتنا .

هناك أعتقاد شاسع ان الانسان ذو طابع تدميري وقد نقر بذلك اذا كان محيطه تتحكم بها خيارات عشوائية وتبرز فيه خلل في بنيتة الاجتماعية مما قد يورث الطابع ذو السلوك ” الحيواني ” التدميري على حساب البناء المعرفي والتميز الانساني والنمو الابداعي , مما يعكس ضررا كبيرا في البنية العقلية والاحكام الفكرية والاخلاقية وحتى شكل الخطاب اللغوي وتصبح البديهيات أفكار , والمسلمات أحكام والحريات قمع والعقلانية أرهاب , ان تحليل بعض المحطات المظلمة في أي مجتمع هو خير وسيلة لأفساح الطريق لأفكار تنويرية بأن تدفع بالجموع البشرية الى تبني سلوك أكثر عقلاني وطرق أرحب ديمقراطية .

ان الشعوب التي لا تضع العوائق في طريق نهضتها الفكرية قادرة على تسطير صفحات تاريخها بمداد معرفي لا ينضب .

ان حدوث انهيارات كبيرة حصلت في تاريخ المجتمعات في المنطقة والتي أودت الى حدوث شرخ في بنيانه وخلل في انتمائه ومبادئه ومعتقداته لا يعطي الحق لمن يحاول منعنا في مناقشة وفهم عوامل ذلك الأنهيار وأسبابه ومتابعة أثاره التي تطفو بعضا من صورها الدموية يوميا في وسائل الاعلام والاخبار.

فأحداث تغير في سياقات شاملة ومتعددة يجب ان تشمل بالضرورة كل الشرائح الأجتماعية والاختلافات العرقية و الثقافية و الدينية والمذهبية و الابداعية .

وأذا رغبنا بذلك فعلينا أعادة نبش تاريخنا وحاضرنا وأن لانسمح لخيارات الطغيان التدميري وهيجان العنف الطائش والافكار المدمرة أن تحاصرنا في جزر منعزلة وتمنعنا عن الأحتكاك مع الآخر المجاور والمختلف عنا بما نحمله من معارفنا وتاريخنا وأرائنا المختلفة في اللغة والمسميات المتقاربة معرفيا والمتوحدة أنسانيا .

  

صلاح الدين بلال

المانيا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…

نظام مير محمدي* في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت…