خالد بهلوي
عندما تتعرض الانظمة الشمولية لضغوطات من شعوبها التي استاءت من الفساد والجوع والقبضة الأمنية، لم تجد طريقها للتعبير عن غضبها سوى بالمظاهرات للمطالبة بأبسط متطلبات الحياة، يكون رد المسؤولون الالتفاف عليهم بتفسير هذه المظاهرات بقالب محضر مسبق قالب المؤامرة حتى يسهل عليهم قمع التظاهر والاحتجاجات والاستمرار في سلطتهم وفرض سيطرتهم على شعوبهم المغلوب على امرهم.
أن أنظمة الحكم في البلدان العربية اكثرها أنظمة شمولية تتبنى نظرية المؤامرة باستمرار او تخلق عدوا وهميا مثل الإرهاب لتعلق عليها فشلها في كل المجالات، ولتستمر في حكمها وتهرب من استحقاقات الديمقراطية خوفا من محاسبة اركان نظامها الفاسدة، كما أن قالب المؤامرة تسمح بقمع المعارضين واتهامهم بالخيانة وسجن قياداتهم أو حتى تصفيتهم في غياهب سجونها بضمير مرتاح دون الشعور ولو بالحد الأدنى من قيم ومثل الانسانية
اعتادت الشعوب العربية تفسير كل حدث ليس لمصلحتها بانها مؤامرة تحاك ضدها، لأنها تعفيهم من عناء البحث عن الأسباب ومسؤولية كشف الحقائق وتعطيهم الترخيص بأغلاق الملفات وعدم محاسبة أحد وتمنحهم الشعور بأنهم ضحايا لأعداء متآمرين،
عندما يقع حدث ما، يبحث الناس عن تفسير مقنع له، لا يجدون من المسؤولين والجهات الرسمية سوى تفسيرات بعيدة عن الحقيقة. لأنهم يلجؤون مباشرة إلى قالب المؤامرة كما يحدث في سوريا منذ عشر سنوات. بان هناك مؤامرة كونية ضد النظام الشمولي ويظهر النظام نفسه انه ضحية الإرهاب والإرهابيين، دون ان يسأل نفسه لماذا ثار الشعب بأكثريته الساحقة ضده، فبدلا ان يقوم بالإصلاحات اللازمة ويعيد ثقة جماهيره يقوم بقمع كل من يقف ضده ويتهمهم بأنهم متآمرون مع الخارج وارهابيون.
وبالنسبة لمنظري المؤامرة، فإن جماهير بلدانهم عبارة عن جهلة تابعين، لا حول لهم ولا قوة. وهم فقط يملكون المعرفة والحقيقة والقوة المطلقة ويسهرون ليلا لإيجاد أفضل الطرق لقمع المعارضين والمتظاهرين.
في عالم اليوم نجد أن الكثير من الحكام تروج لنظريات المؤامرة وتزداد حماسا في نشرها، ونظرياتهم التآمريه مليئة بالخيال وقدرة على تمييع الحدث والظهور بأنهم مستهدفون لكونهم يحملون لواء الديموقراطية، يتناسون انهم أنظمة شمولية سواء ادعوا العلمانية والعقيدة الدينية،
هؤلاء يسخرون كل شيء لتحقيق أهدافهم ومصالحهم: حتى المؤسسات الدينية. في مجتمعاتهم لا يعلم بالحقائق الصحيحة إلا قله صاحبة الامتيازات او الحاشية الضيقة حول العائلة المالكة للسلطة. لأنها تخفي الحقائق الأساسية البسيطة عن مواطنيها وتعزلهم عن عملية صنع القرار التي تمس حياتهم فيمض الناس خلف المجهول لهذا تصبح نظرية المؤامرة المتنفس الوحيد للسلطة لإسكات الشعب وأنها بريئة من كل التهم وهي ضحية المؤامرة الكونية.
أن الثورات الشعبية ضد الإخفاقات والفساد المنتشر طولا وعرضا في أوطانهم يعتبره الحكام مؤامرة غربية صهيونية او مؤامرة كونية، كما لا يسلم الأشخاص المتظاهرين المطالبين بأبسط حقوق المواطنة والعيش بكرامة كاي انسان من نفس الاتهامات. لذلك وجدت القوى السياسية الحاكمة العاجزة الفاسدة وسيلة سهله ورخيصة، تعتقد انها تستطيع إقناع شعوبها بان هناك مؤامرة وبأنهم مستهدفون وضحايا الإرهاب والإرهابيين.