الكرد والحداثة العفلقية

 وليد حاج عبدالقادر / دبي 
منذ دخول اتفاق سايكس بيكو مرحلة التنفيذ، ومع اللمسات الأولى لتشكل الخرائط التي تعرضت لمتغيرات كثيرة غير عابئة بمصير الشعوب وتمزقها من جهة، وايضا المقايضات التي فرضت ذاتها دوليا من جهة أخرى، خاصة بعد تغيير نمط السياسة العالمية ومعها آلية الصراعات التي ادت ايضا الى صياغة معاهدات وتحالفات أطاحت بصيغة سايكس بيكو ضمنا وإن أبقتها كإطار، حيث كان الكرد وظلوا من ضحاياها الأساس، ومع تبلور ملامح الدول المحدثة بتركيباتها، وسعي بعض من الكرد لصياغة موائمة سياسية – انتمائية صريحة أثرت – خاصة في سوريا – وأدت الى إفشال مشاريع عديدة، إلا أن متواليات الأحداث وضعت الغالبية العظمى من الكرد تحت سقف الظلم والغبن وسياسة الإلغاء الوجودي الذي أخذ يتمنهج وبفظاعة شديدة، وهنا ومن دون الإسترسال المفرط، لابد لنا من التساؤل عن ما هو المطلوب من الشعب الكردي وتحديدا من بعض الكتبة المأزومين وبشحنة توتر عال تجاه الكرد !! والقضية الكردية ؟ 
أولئك الذين اصبح هاجسهم الوحيد إنكار أي وجود تاريخي – جغرافي للكرد ؟ في استمرار ممض لمنهجية عفلق وجماعته ، وكترسيخ لمنهجيات نظم الإستبداد والانقلابات العسكرية ، على الرغم من كل المتغيرات سواءا  في  داخل بنى المجتمعات والأمم من رقي وعصرنة تسعى لتتوائم مع تطور المعلوماتية المتجددة دائما ، ومع ذلك ! لازلنا نلاحظ  في سوريا ، أن بعضهم يصر على امرين ، لابل وقد يدمجهما نطا في ثلاثة او اربعة أحاجي ، حيث يجتزئ التسلسل التاريخي وتطور الاحداث بمتتالياتها ويظن بان التاريخ هو ما يستقطعه هو قصا ولصقا ، امر بات ينمي ، لابل يفصح عن عقدة مركبة من عقد كثيرة نمت في بنيته السايكولوجية وبات همه الأوحد اصطياد الهفوات والبناء عليها في خطل وتسويف ينم عن عقل جاهل تكلس فيه الحقد فيلتقط الارقام الهوجاء المتسربة من دوائر صناعة الإستبداد وممارسي الشوفينية ، كذاك الذي يدين كل ممارسات الإستعمار الفرنسي ويوثق استنادا الى وثيقة مجهولة منسوبة للانتداب الفرنسي ويدين تنازلها – فرنسا – عن لواء اسكندرون بحجة انها ارض تركية ، بينما يعتبر الإلحاقات الأخرى ملكية خاصة مقدسة ! هذا الأمر الذي يثير كثيرا من التساؤلات حول تركيبة الوعي المتراكم ونوعه في ذهنية بعضهم والمؤمنين حتى الثمالة بما اسسته نظم الانقلابات العسكرية التي كانت قد تشبعت أصلا وارتكزت على مفاهيم قومية شوفينية وتسعى – الآن – من جديد الى العودة بعفلق والأرسوزي لابل والى المرحلة الأموية كنقطة البداية – الإنطلاقة في تشكل مفهوم الدولة العربية من جهة ونسج ذات المنهج بميكانيكية مفرطة وذلك بمزج ديني – قومي وبنسب تتداخل بين الحالتين ، يزداد معيارية احدهما على الآخر حسب الضرورة ! ولكن شريطة الا تصلا مطلقا الى حالة واد احدهما للآخر ، هذا الامر الذي تغير مع الزمن خاصة بعد الإحتلالين التركي والفارسي – وان كانت هناك تيارات عديدة في الطرفين لازالوا يحلمون بإعادة إحياء تلك الامبراطوريتين – وهذا الأمر بحد ذاته انتج إشكالية تعريفية وكقضية خلافية في التوصيف اي : هل سيطرة الدولتين تاريخيا بعيد الإسلام هو فتح فارسي وعثماني ؟ أم احتلال ؟. هذا الأمر الذي سيطرح قضية رئيسية أخرى ، والتي تفرض علينا الواقعية السياسية لقرائتها في سياقها التاريخي ، واعني بها تقدم الجيوش الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وما تلى ذلك خاصة بعد الإستيلاء على الموصل ، وما يسميه كتاب تاريخ السير مثل الطبري والبلاذري وغيرهم بالفتوحات التي امتدت شمالا حتى فتح الثغور ، وبالتالي هبات ومنح عمر بن الخطاب لأمراء جيشه وقادته والقبائل التي كانت في  قوام الجيش ، حيث بسط لهم املاك عديدة تحت مسمى الإقطاع والمشاع . ومع كل التغريبات التاريخية ، وعلى الرغم من بقاء الجغرافيتين الطبيعية بشقيها السياسي والبشري الى مابعد الحرب الاولى ومخرجاتها ، إلا انه – ومن جديد – لازال بعض من غلاة العصبويين يصرون وبعناوين باهتة فيسعون وبكل قوة الى ذات الهيمنة وبنزعة عنصرية مقززة ؟ .. طروحات لم تستطع مطلقا ان ترتقي الى حجم النضالات المجتمعية من جهة ووضوح الغايات المتضادة بالمطلق مع الحتمية المعاصرة والمتجهة صوب تنويرية اكبر لن تستطيع كل التوجهات التي لاتزال تتغذى من شرنقة البعث ومضخات التوجيه المعنوي السياسي ومقولة مواطن عربي سوري – كمثال – هذا الأمر الذي ما ولن نستغربه من اناس يقولون امرا ويصرون على الإبقاء ، لابل وكفيتو يصممون على شرعنة ومصداقية كل الخطوات العنصرية التي مورست بحق الشعب الكردي وباتت حتى إعادة اسماء القرى والبلدات الكردية إليها تكريد لها .. والآن وباختصار شديد : ستبقى هي ذاتها الأسئلة التي ستطرح ذاتها : لطالما هناك من ينفي عن الآخر  اصالته التي استمدها من التاريخ والجغرافيا والإرث ومركبات تشكل الوعي الثقافي الذي يستمد من تراث وارث المنطقة فيتفضل علينا واحدهم ويقلص فينا لا التعداد السكاني بقدر هيمنته الجبرية بالإنتماء الجغرافي و .. يدعو الى دولة مواطنة ؟ وهنا – قد – نكون سذجا في المصطلحات سوى التعابير كما قسمات بعضهم التي تفشل دائما حتى بتقليد النعامة في إخفاء وجهها … و : اولئك هم من يحتاج الى اعادة ثقتنا بهم مشفوعة بمبدأي الشراكة والأصالة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…