حزب الاتحاد الديمقراطي من التاسيس الى الذكرى الرابعة: محطات ومواقف..

  زوهات كوباني

تاسس حزب الاتحاد الديمقراطي بتاريخ 20-9-2003 خلال مؤتمر دام ستة ايام نوقش فيه الكثير من المسائل والقضايا الاستراتيجية التي تخص المنطقة وكردستان وسورية.

هذا ولكون تاسيس الحزب يعتبر خطوة نوعية جديدة توقف كثيرا على النموذج التنظيمي القادر على الرد على متطلبات المرحلة من اجل تحقيق اهداف الشعب الكردي في الحرية والديمقراطية والمساواة.
وهذا ما فرض ضرورة الوصول الى منسقية المجتمع الديمقراطي الذي يشمل جميع الفئات والشرائح المجتمعية والتي ستكون بمثابة هيئة  تدير المجتمع من خلال ممثلي منظماتها المدنية والاجتماعية والشبيبة والثقافية والاعلامية والحقوقية والسياسية.

وقد تألفت الهيئة التنسقية من حزب الإتحاد الديمقراطي ب ي د وحركة الشبيبة وحركة المراة ومؤسسة الاعلام والنشر الى جانب حركة الثقافة.

وهذا يظهر بان الحزب ومنذ تاسيسه امام مهام تنظيمية ونضالية جدية ، ونموذج تنظيمي حديث يواكب العصر ويرد على متطلبات المجتمع من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتدريبية والتوعوية.

وللرد على هذه المهام كان لا بد من اخذ النماذج التنظيمية للاحزاب في القرن العشرين بعين الاعتبار، والتي تجعل من الحزب هو الهدف والسلطة والمركز الى جعل الحزب يلعب دوره في المجال السياسي وابعاده من التحكم بجميع معضلات المجتمع ووضرورة ظهور المنظمات المجتمعية والثقافية والاعلامية والاقتصادية والبيئية، التي مهامها لا تقل عن مهام الحزب وربما ستتقدم عليها اكثر في الكثير من النواحي وهذه المنظمات مع الحزب تشكل منسقية المجتمع الديمقراطي الايكولوجي .

وبما ان ترسيخ النماذج التنظيمية المعاصرة يتطلب مرحلة من اجل التجربة والاختبار فهي عرضة للتغييرات والتطورات كونها تفكر دائما بابداع الشكل الامثل والافضل للتنظيم من اجل المجتمع والشعب، هذا اذا كان المجتمع المراد تطبيق نموذج التنظيم المعاصر فيه كردستان المعروفة ببنيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فضلاً عن سياسات الدول المهيمنة على كردستان من حيث الانكار والعنف والتعريب والتجهيل والتجويع والتهديد.

لذلك يظهر كل ذلك جدية وصعوبة المهام المرحلية التي تاسس الحزب من اجلها والتي يتطلب كوادر عقائدية مؤمنة مبدعة وخلاقة تستطيع التغلب على هذه الظروف الصعبة وتحقيق المهام في التنظيم والبناء من جديد من على جميع الصعد.

لذلك كان من احد المهام الرئيسية امام الحزب هو انشاء الكوادر المؤمنة وفق المنهجية الحديثة والبراديغما الجديدة خلال تدريبات سياسية مكثفة ومعمقة من اجل التمكن من تطبيق هذه المشاريع المعاصرة الذي قدمه الحزب في بداية تاسيسه ، لان اي تنظيم مهما كان مشاريعه وبرامجه متقدمة ومعاصرة اذا لم تكن في متناولها كوادر خلاقة مبدعة على تطبيق هذه المشاريع فلن يكتب لها النجاح فتجارب الشعوب والحركات السياسية والاجتماعية خير مدرسة في هذا الصدد .

الى جانب هذا كان امام الحزب مهمة اخرى وهو تطويرالنشاط العملي الديمقراطي التي يختلف اساليبه وطبيعته عن النشاطات العملية في مرحلة ثورة الانبعاث ، وهذه النشاطات ستغلب عليها الطابع العلني والديمقراطي والحقوقي لان المهمة الاساسية هو بناء المجتمع وفق النموذج المعاصر، فالنشاط  يتجاوز المراحل المنصرمة التي التي كان ينحصر في الميدان السياسي وسيتجاوز الى الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتدريبي والبيئي  والبنائي.

اضافة الى قضايا التحديث والتغيير والبناء الجديد هذه ، تعرض الحزب في بداياته الى مؤامرة خيانية كبيرة استهدفت الحزب على يد مجموعة خائنة ارادت فصل الحزب عن حركة الحرية الكردستانية متنكرة للماضي والميراث والقيم العظيمة التي تشكلت عبر نضالات كبيرة وتضحيات عظيمة وجهود لا محدودة تندر امثلتها في العالم وذلك بالتعاون من الاجهزة الامنية السورية والاقليمية.

وهذه النزعة الخيانية ادت الى استشهاد مجموعة قيادية للحزب في منطقة الموصل وهم شيلان وفؤاد وزكريا وجوان وجميل.

ولان قوة التنظيم  في مراحله التاسيسية يظهر من خلال كوادره الطليعية ، يفهم تصفية الكوادر الطليعية للحزب في مرحلة البداية الى جانب هجمات الدولة الشرسة التي ادت الى اعتقال المئات من مؤيدي وكوادر الحركة وطبقت بحقهم اشد انواع التعذيب الوحشية حتى اسفر عن استشهاد الكثيرين تحت التعذيب من امثال ابو جودي.

هذا الهجمات التي صعدت وخاصة بعد انتفاضة الثاني عشر من اذار – ارادت السلطات الامنية من خلالها دس الفتنة بين الكرد والعرب وتحطيم ارادتهم السياسية لسد الطريق امام التطورات الجديدة التي كانت تحدث في المنطقة عامة وفي كردسان خاصة – والتي لعب الحزب فيها دورا طليعيا  متبنيا دماء الشهداء وداعيا الشعب الى تبني الشهداء وعدم ترك قامشلو وحدها لتلف شرارة الانتفاضة  جميع المناطق الكردية بما فيها المدن السورية حلب ودمشق.

كل هذا كان بمثابة امتحان صعب امام الحزب تطلبت المرحلة خوضه بنجاح وقد نجح الحزب في هذه المحطات بالمقاومة في السجون حتى الشهادة وتصعيد النضال المبدئي الدؤوب والتشبث بالقيم والميراث النضالي دون تقديم اية تنازل عن مصالح الشعب الكردي ، جاعلاً من ضرب المؤامرة مرحلة نضالية جديدة تحقق في التحول الحزبي والجماهيري والمؤسساتي باعلى مستوياتها.

وظهر هذا التحول الجماهيري في نوروز عامي 2004 – 2005 والتحول الحزبي والبناء من جديد في المؤتمر الثاني الذي انعقد في شباط 2005 وسط كل هذه الهجمات والمؤامرات متخذاً نهج الرفيق ابو جودي الذي دشن مرحلة المقاومة في السجون السورية تجاه الاستسلام والخنوع ونهج الرفيقة شيلان ورفاقها الاربعة شهداء مجزرة الموصل الذين اثبتوا انه لا يمكن لشيء من ثنيهم عن النضال رغم تلقيهم رسائل التهديد والقتل من قبل الكثير من الجهات المتؤامرة الخائنة.

لقد خرج حزب الاتحاد الديمقراطي من المؤتمر الثاني بعد ان قيم الاوضاع التي تمر بها المنطقة وسورية وحركة الحرية الكردستانية والحزب بشكل خاص بقرارات صائبة وروح ومعنويات قوية منبعها الرفاق الشهداء وجعلت من تبني الشهداء مقياسا لحقيقة المناضل الحزبي ونجاحه في المهام والوظائف المرحلية التاريخية.

اصبحت مرحلة ما بعد المؤتمر الثاني مرحلة التحول الحزبي والبناء من جديد وتاسيس المنظمات المجتمعية للجماهير الكردستانية من خلال بناء تنظيمي اتحاد ستارا وتنظيم الشبيبة وحركة الاعلام وحركة الثقافة والكثير من المنظمات المدنية والحقوقية بحيث دٌشن لمرحلة خلق المنظمات الحقيقية والواقعية للشعب وفق احتياجاته المطلوبة وعلى جميع الصعد الى جانب التوسع والانتشار بين الجماهير الكردية والنزول الى الشارع الكردي جاعلا من نفسه طليعة في الممارسة العملية والقيام بتنظيم النشاطات الجماهيرية وتنظيم المسيرات المنتشرة الكبيرة والصغيرة الى جانب التظاهرات الكبيرة مكتسبة بطابعها الحقيقي.

وكان هذه خطوة متقدمة وكبيرة من مسيرة الحزب الاتحاد الديمقراطي في  مرحلة مابعد المؤتمر الثاني.

وبهذه الخطوات التي كانت لا تعرف الكلل والتعب ومع وصول هذه المؤسسات والتنظيمات المدنية والنسائية والبيئية والصحية والشبابية والثقافية والاعلامية وتنظيم اخوة الشعوب ومؤسسة عوائل الشهداء ولجان الصلح الى هويتها التنظيمية، كان لا بد من الوصول الى نموذج تنظيمي متقدم تستطيع فيه احتضان جميع مؤسسات والمنظمات الجماهيرية للرد على مطالب المجتمع والشعب  السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية والادارية والحقوقية تمثل في منظومة مجتمع غربي كردستان ، والتي اعلن الحزب انضمامه اليها بعد مؤتمره الثالث الذي انعقد في اذار 2007.

كل هذا يٌظهر بان حزب الاتحاد الديمقراطي خلال هذه المرحلة القصيرة من عمرها وهو عمر الطفولة اربع سنوات استطاع تحقيق الكثير من التطورات رغم الصعوبات والمؤامرات التي تعرضت له في مسيرته الصعبة والشاقة ، واذا كان قد استطاع تحقيق هذه التطورات في هذا العمر القصير خلال اربع سنوات فان الحزب قادر على الوصول الى اهدافه بنجاح من خلال نهجه العلمي المتطور الذي لا يعرف السكون والقوالب والذي يرشد في نضاله بنظرية المجتمع الديمقراطي الايكولوجي وسيكون له دورا طليعيا في تطبيق مشروع هذه النظرية  الكونفدرالية المجتمعية الديمقراطية الكردستانية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…