إيران .. بلد الإعدامات والسجون المروعة! نظرة على حركة التقاضي لمجزرة السجناء السياسيين عام 1988 في إيران – الجزء الأول


عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
مما لا شك فيه أن قضية التقاضي لدماء شهداء مجزرة عام 1988 تعد من أهم القضايا في نضال الشعب والمقاومة الإيرانیة ضد نظام ولایة الفقیه الهمجي الحاکم في إیران. قضية راح ضحیتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي في إيران معظمهم من مجاهدي خلق، القوة المركزية للمقاومة الإيرانية.
كان الغرض من هذه المجزرة التي نفذت وفقاً لفتوى رسمیة أصدرها خميني، هو “إبادة جیل مجاهدي خلق” بالکامل، والتي تعد بحسب العديد من المحامين وخبراء الشؤون الدولية أعظم “جريمة ضد الإنسانية” منذ الحرب العالمية الثانية حتى ذلك التاريخ!
ورغم الصمت الدولي إزاء هذه الجریمة ضد الإنسانیة التي لم یعاقب علیها بعد بسبب سياسة الاسترضاء مع النظام المجرم الحاكم في إيران مما یعد جریمة بحد ذاته، إلا أن المقاومة الإيرانية وبعد هجرة أعضائها من العراق إلى أوروبا، وضعت متابعة ملف الجریمة علی رأس جدول أعمالها بشعار “لن نغفر ولن ننسى”، ورفعت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة، دعوة لمقاضاة نظام الملالي والجهات الخارجية المساومة معه والتقاضي لدماء شهداء المجزرة بإعلانها “حركة التقاضي”. الأمر الذي فاقم مخاوف قادة النظام من تقدم المقاومة الإيرانية!
نظراً لأهمية ملف المجزرة ولتحقیق مطلب الشعب والمقاومة الإيرانية على صعید المجتمع الدولي، تمت مناقشة القضیة من جدید خلال المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية لهذا العام، والذي عقد عبر الإنترنت وباتصال مباشر مع 30 ألف نقطة في 104 دول حول العالم، في ظل الظروف الاستثنائیة التي تفرضها جائحة کورونا علی العالم بأسره.
وقالت الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة رجوي في هذا المؤتمر الذي عقد بحضور أبرز الشخصيات السیاسیة والحقوقیین الدوليين:
«كان خميني وبإصدار حکمه بارتکاب المجزرة، يحاول إبادة جيل مجاهدي خلق من أجل ضمان بقاء حكومته. مات خميني بعد عام، ومن دماء أولئك الشهداء نمت حركة جعلت نظامه ميئوساً منه».
وشارك السير جيفري روبرتسون، قاضي المحكمة الخاصة للأمم المتحدة بسیرالیون، تحقيقاته المفصلة حول هذه الجريمة الكبرى مع الحاضرين في الجلسة، وبالتالي مع العالم قائلاً:
«قبل بضع سنوات طُلب مني إجراء تحقيق في مجزرة عام 1988 التي لم يعرف العالم عنها شیئاً. في هذا الصدد أجريت مقابلات مع 14 من الناجين في جميع أنحاء أوروبا، وكانت نتيجة هذه المقابلات تقريراً نُشر تحت عنوان “الملالي القساة”. كانت المجزرة التي ارتكبها نظام الملالي أسوأ جريمة منذ الحرب العالمية الثانية.
في أواخر يوليو 1988، تم تعليق جميع الزيارات العائلية للسجون. وصل وفد من المعممین الملتحین في سيارات بي أم دبلیو حكومية. تم وضع السجناء واحداً تلو الآخر أمامهم في وقت قصیر. كان العديد من السجناء قد قضوا مدة عقوبتهم. تم طرح سؤال على الجميع. السؤال الذي تتوقف عليه حياتهم. إذا أظهروا في الإجابة أنهم ما زالوا من أنصار مجاهدي خلق، فسيحرمون من الحياة.
دفنوهم في مقابر جماعية ثم سلموا أقاربهم كيسا بلاستيكيا يحتوي على متعلقاتهم الأخيرة. وأخبروا العائلات أنه ليس لها الحق في إقامة مراسم تأبین. قتل جماعي بدون محاكمة. کانت هذه نتيجة الشهود التي أجريت مقابلة معهم. یعتبر عدم إخبار أقارب الشهداء وآبائهم وأولادهم بمكان دفن الضحایا، من أكثر الأعمال وحشية».
أما الشيخ تيسير التميمي، وهو قاضٍ فلسطيني سابق، فقد نظر إلى تلك الجريمة ضد الإنسانية من زاوية أخرى وقال:
«من بين 30 ألف سجين أعدموا، 700 منهم كانوا تحت سن 18. وكان من بينهم عدد من النساء الحوامل».
وفي کلمته قال وزير الخارجية الإيطالي السابق، جوليو تیرتزي، مؤکداً علی حملة شیطنة نظام الملالي لمجاهدي خلق:
«في عام 2016 وبعد 18 يوماً من دعوة السيدة مريم رجوي إلی حرکة التقاضي، انتشر شريط لـ “لجان الموت” یظهر أن النظام قد نفذ إبادة جماعية، وأن جميع فصائل النظام متورطة في الجريمة. من الطبيعي أن يحاول النظام التقليل من شأن المجزرة ومحاولة شيطنة الضحايا الرئيسيين بدلاً من ذلك».
هذا وقد تأثر الحضور والشخصیات المشارکة في المؤتمر تأثراً شدیداً نتیجة سرد أربعة من أعضاء مجاهدي أشرف الثالث لبعض ملاحظاتهم داخل سجون نظام الملالي المروعة.
بهادر كيامرزي، نجل أحد شهداء المجزرة، کان أحد أولئك الأربعة المتحدثین حیث قال:
«سمعت قصة حياتي من جدي وجدتي عندما کنت أكبر. كان والداي من أنصار منظمة مجاهدي خلق وتم اعتقالهما عام 1982 لدعمهما المنظمة. ولأن أمي كانت حاملاً، فقد ولدت في سجن إيفين، حيث نشأت لمدة أربع سنوات. كنت في السجن مع والدتي، لكنني لم أستطع رؤية والدي. بجهود جدي تم إخراجي من السجن. قالت جدتي ذات مرة أننا نريد زيارة والدك. کان هناك باب في نهاية قاعة اللقاء رأيت رجلاً يقف عنده، قالت جدتي إنه والدك. ركضت إليه من شدة سروري لرؤيته، ولكن بمجرد وصولي إلى الباب، أغلق الحارس الباب واصطدمت به وسقطت على الأرض. كان هذا أول وآخر لقاء لي مع والدي. بعد سنوات، سمعت من أصدقائه أنه أعدم في 2 أغسطس 1988!».
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…