العلّة في مواطنة مَنْ تكمن ؟

كومان حسين 
لسان حال معظم المعارضات السورية ( شخصيات، مكونات سياسية ) و النظام في بلد متعدد المكونات : حقوق المواطنة متساوية لجميع المواطنين أمام القانون دون تمييز بينهم في الانتماء  القومي أو الديني أو الطائفي . طبعا، المستهدف من الطرفين، هو الطموح الكردي الدؤوب، لتثبيت حقوقه القومية المشروعة في الدستور الجديد المقبل ضمن اطار وحدة سوريا الجغرافية . مشرعو أبرز   الدساتير التي سادت سوريا منذ العام ١٩٢٠ و لغاية عام ٢٠١٢ لم يكترثوا بالتنوع المجتمعي القائم ، بل دفعوا متعمدين نحو الدولة القومية الديمقراطية و بهوية عروبية في المواد الدالة إلى هوية الدولة . 
فاقترن الشعب السوري متعدد الهويات و الانتماءات بإسم الدولة ( الجمهورية العربية السورية )، و تلاشت بذلك خصوصية كل مكون و باتوا بشريعة هؤلاء المشرعين، و بقرار من الحكام الآمرين، الجميع عربا بدون استثناء . 
اللافت في دستور ٢٠١٢ استعادة ما ورد بالنص في المادة الثالثة من دستور ١٩٥٠ الذي يحدد دين رئيس الدولة و الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع و كذلك ( تحترم الدولة جميع الأديان ، و تكفل حرية القيام بجميع شعائرها على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ) . 
إزيديو سوريا ، مكون ديني ، بهويتهم القومية ينتمون إلى الشعب الكردي، و جرّاء ذلك تضاعفت عليهم المعاناة ( التنكر لهويتهم القومية و إنكار دينهم عليهم ) . 
تعد الديانة الإيزيدية إحدى الديانات الموغلة في التاريخ القديم ، و هنالك فرضيات عديدة بخصوص نشأتها . يتواجد الإزيديون تاريخيا في المنطقة الكردية الواقعة بين كل من سوريا و العراق و تركيا ، و ينتشرون تحديداً في ( الموصل و دهوك و ديار بكر و حلب و جزيرة ابن عمر ) بحسب كتاب ( شرف نامه ) لمؤلفه المؤرخ الكردي شرف خان البدليسي .
ثمة مفارقة، فقد أرغموا مكرهين قبل هَبّة ٢٠١١ على دراسة مادة التربية الإسلامية المقررة ضمن مناهج التعليم في جميع المراحل الدراسية دون الجامعة ، و أصابهم جرّاء ذلك الكثير من الإساءات و المضايقات و العنف اللفظي من قبل الكثير من التلاميذ و الطلبة و حتى مدرسي المادة نفسها . 
وباسم الشعب العربي السوري ، ( فاتحة إصدار الحكم ) من قبل القضاة  ، كانوا يقسمون على القرآن الكريم الذي لا يدينون به ،  للإدلاء بشهادتهم عند نزاع ما أمام المحاكم السورية . 
كما انفرضت عليهم على الصعيد الاجتماعي حالة من التقوقع و الانكفاء على الذات، ما أصاب حتى بيوض طيورهم الداجنة – من باب الحرام – التلف و الكساد نتيجة الحذر في التعاطي معهم  في عمليات البيع و الشراء المنتشرة في القرى و الأرياف . 
و لم يشفع لهم انخراطهم المبكر بين صفوف ثوار الحرية و الكرامة و المساواة و كيانات  المعارضة بشقيها السياسي و العسكري المرتهنة للمشروع التركي التوسعي ،  فكافأت أمواتهم قبل أحيائهم، حيث نالت مقابرهم و مزاراتهم التدمير و النبش بحثا عن الكنوز و الدفائن . و السؤال الذي يطرح نفسه ؛ العلِّة في مواطنة مَنْ تكمن ؟! .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…