رحمة الله عليك يا عدو

المحامي عماد شيخ حسن
الكثيرون جداّ في مجتمعنا الكردي و الشرقي عموماّ بما فيهم فئة واسعة من النخبة المتعلمة تعليما عالياً لديهم تصوّر أو قناعة أراها السبب الرئيس والأبرز فيما ٱل اليه حالنا من سوء.
تلك القناعة تتمثل في أنه من المفترض أن نغضّ الطرف و أن نتغاضى عن الاخطاء و المشاكل الداخلية من منطلق أننا أمام مخاطر و تحديّات خارجية هي الأولى بالاهتمام و الاعتبار.
 ليس هذا فحسب، بل بلغ بنا الحدُ في أننا بتنا ننعت كل من يخرج عن هذه القاعدة أو القناعة بالشذوذ و نصفه باللامبالي و اللامسؤول والخائن الذي يهدد وحدة الصف واللحمة الوطنية التي نحتاج اليها ونحن في أحلك الظروف.
وطبعاّ هذه العقلية راقت للكثير من الانظمة الفاسدة والاستبدادية، بل سعت نحو ترسيخها على اعتبار انها تجلب عليها فوائد عظيمة، حتى ان تلك الأنظمة باتت تختلق التحديات والعداوات الخارجية اختلاقا، لتقتات منها وعليها ولكي تصول وتجول في قمع الشعوب كيفما تشاء، تحت شماعة التحديات الخارجية وما يهدد امنها وسلامتها، كعداوة العرب المزيفة لاسرائيل والامثلة كثيرة و معروفة.
ما يهمنا في الموضوع هو إن الشارع الكردي و في اعلى مستوياته مصاب بهذه الخدعة وهذا الوباء، إذ ما ان تخرج لتنتقد خطأ أو جهة ما، سرعان ما يتهمونك باللامسؤول والساذج وقصير الافق ومحدود العقل، و لسخرية القدر يظنون انفسهم هم الاصحاء وانت المبتلي والمريض.
حقيقةُ هي ظاهرة خطيرة للغاية، والاخطر حسب ملاحظتي أن الكثير من قانونيينا الكورد مصابون بها، اولئك الذي من واجبهم بالمقام الاول اثارة الاخطاء والانتهاكات وبيانها وبيان مرتكبيها وما الى ذلك. فتراهم لا يكتفون فقط بالصمت عنها، بل يسعون لتبريرها واخفائها وتجميلها، و فوق كل ذلك يحاربون من يثيرها.
أكرر… هي ظاهرة خطيرة و خطيرة جداّ.. و ليس هكذا برأيي تكون الوطنية والحس الوطني ايها المتعلم و المحامي، بل اعود و اكرر ما قلته في منشور سابق بأن المخطئ والظالم والمجرم الداخلي هو اخطر علينا من اي مجرم وعدو خارجي. و يجب التصدي له وتجب محاربته  قبل العدو الخارجي، فسور الصين العظيم مثالا ما كان ليخترق لولا الخلل الداخلي.
سألني احد الاخوة المحامين.. و هل من المنطق في شيء أن نهبّ في وجه سلطة بكاملها لمجرد أن عنصرا تابعا لها أخطأ.
فأجبته… نعم يا عزيزي المحامي، ان صمتت الجهة المسؤولة عنه وعن خطأه فمن مسؤولية الجميع ونحن المحامين بالدرجة الاولى أن نهب في وجههم وصولا الى اعلى هرم السلطة كائنا من كان.
لا ادري لماذا نمنح هذه الهالة والقدسية للمسؤولين من اصغرهم الى اكبرهم، لماذا نمنحهم ذلك و بمنتهى الحماس و الشعور بالواجب و بملىء ارادتنا، أقول بملىء ارادتنا من باب أن هناك فرق بين أن لا تقف في وجه السلطة خوفا من جبروته وهذا يمكن تبريره وبين ان لا تقف في وجهه بإرادتك واستنادا الى الفكر المريض الذي سبق وأن اشرت اليه وهو ان التحديات الخارجية اولى.
في الغرب يستقيل اكبر مسؤول وتستقيل حكومات بأكملها لمجرد أنها أساءت تقدير وقراءة شأن ما فألحق سوء التقدير ذاك ضررا بسيطا، أما عندنا فتقع المصائب والكوارث بحق الشعب وعن قصد و تكرار، وبالمقابل نتسابق في التبرير للمسؤول قبل المسؤول ذاته وننبذ ونخوّن كل من يثير الامر مجرد اثارة و نقول له:
يا عديم الاحساس ويا مختل العقل ويا… ويا……أهذا وقت ما تقوله والعدو يتربص بنا.
رحمة الله عليك يا عدو 
هاد واحد جارنا اسمو عبدو اختصارا كنا نقللو عدو.
المانيا ١٤/٨/٢٠٢٠

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…