الأزمة السورية والتساؤلات الموجعة

 عزالدين ملا
   الأزمة السورية خلقت الكثير من التساؤلات والاستفسارات لدى الشعب السوري عامة والشعب الكوردي خاصة، فبعد أكثر من عشر سنوات من دمار وقتل وتشريد، ما زال مسلسل الدراما المصالحية يطغى على المشهد العام، وقد توصل الشعب السوري والكوردي إلى نتيجة مفادها، أن أي اجتماع بين دولتين أو ثلاث من الدول المتداخلة في الساحة السورية لا ينعقد إلا إذا تضررت مصالح تلك الدول وليس من أجل وضع حد لمحنته وإنهائه.
   فمنذ بداية الأزمة السورية ومعظم الدول تنادي إلى وحدة الرؤى والأهداف بين الأطراف السياسية السورية من أجل الإسراع في تحقيق الحل السياسي وإنهاء المشكل السوري، ولكن ما أن توصل في الآونة الأخيرة الطرفان الكورديان المجلس الوطني الكوردي وأحزاب الوحدة الوطنية إلى تفاهم مبدئي للإنطلاق منها إلى تحقيق إتفاق نهائي بين صفوف الحركة الكوردية في سوريا، حتى قامت الدنيا ولم تقعد، الهجمات الشرسة من هنا وهناك ضد ما توصل إليه الكورد، فصدرت تصريحات تنفث منها نار الحقد والكراهية، تصريحات فردية أو جماعية على مستوى المعارضة أو النظام أو الدول، وآخرها البيان الختامي الذي صدر عن القمة الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا، التي رفضت كل أشكال التقدم في المسار الكوردي في اتجاه التصالح والتقارب وتحقيق الاستقرار في المناطق الكوردية التي بدورها تؤدي إلى استقرار العام والشامل في سوريا. 
وهنا الشعب يسأل، ماذا تريدون أكثر مما حصل في سوريا؟، فلم يبق حجر على حجر ولا بشر على بشر، ألم تشف غليلها المصالح؟، فقد تشتت الأحياء وحتى الأموات، كان الأجدر بها أن تحوّل سوريا إلى بلد الحريات وليس بيتً للأشباح، لا تحوم فيها سوى الأرواح المعذبة والتائهة والضائعة.
أنتم أيها الدول يا مَنْ تنادون بالإنسانية وتجعلون من شعاراتكم البراقة وسيلة لإغرار عقول الشعوب المظلومة فوق ما هم عليه من ظلم وقهر من قبل حكوماتهم، ماذا تريدون أكثر؟، فقد أخذتم كل شيء، أخذتم الحي من جيلنا المستقبل لتزهروا مستقبلكم، وأخذتم الجامد من خيراتنا التي إذا ما تم العدالة فيها لن يبقى سائل أو مسكين أو فقير.
الشعب السوري والكوردي بدؤوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة بعد الحرب الإقتصادية الشرسة التي حمّلهم أكثر من طاقتهم، ولم يبق أمامهم مجال سوى الموت البطيء، ليس هناك مهرب، فجميع الطرق مسدودة، الحدود موصدة، المساعدات منهوبة، لا طائلة للشعب في الحصول على لقمة العيش، فوق أطماع المصالحية من قبل الدول، فهناك أطماع واستغلال من قبل تجار الحروب والأزمات من هم يعتبرون أنفسهم من الشعب! ويعتبرون دماءهم دماء الشعب!.
إنْ استمرّت الحال على ما هو عليه، فنحن أمام كارثة خطيرة وكبيرة، ستلحق بالذين بقوا داخل الوطن ظروف قاسية وصعبة، قد تولد أمراض خطيرة على مستوى الصحة من انتشار لأمراض لا يخطر على بال، وعلى مستوى المعيشة قد ينتشر عصابات وسرقات نتيجة الفقر والجوع.
 هنا يتطلب من الدول الفاعلة في الشأن السوري، العمل في الإسراع بالحل السياسي والتحول إلى المرحلة الإنتقالية، وقبل كل ذلك إيجاد حل اسعافي للوضع المعيشي للشعب المظلوم بعد التدهور الإقتصادي العام بعد تطبيق قانون قيصر. ويتطلب أيضاً من الأطراف الكوردية حسم المفاوضات بالسرعة القصوى.
على الطرفين الكورديين تحمُّل مسؤولياتهما، والاسراع في التوصل إلى اتفاق نهائي ما يضمن الاستقرار والأمان والحياة الكريمة للشعب الكوردي ولجميع المكونات المتعايشة معه، فالجميع ينتظرون النتائج ويترقبون الإعلان، فلا تخذلوا مَنْ وضعوا آمالهم وطموحاتهم ومصيرهم في أيديكم. 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…