يموت شعبنا عطشا، ولا مستغيث

تجمع الملاحظين: كاوار خضر
يحكى أنه في عهد اجتياح المغول لمشرقنا، مر رجل بجماعة من الرجال مصطفين في رتل، كأنهم ينتظرون أحدا، فسألهم: ما الخطب؟ أجابوه أنهم كانوا في طريقهم إلى المدينة؛ فمر بهم جندي مغولي، وطلب منهم أن ينتظروه هنا إلى أن يأتي بسيفه ليقتلهم جميعا. فسألهم صاحبنا: وأين هو الآن؟ 
– ذهب ليأتي بسيفه؛ كي يقتلنا!
– لماذا لا تهربون وقد ذهب عنكم؟
– لا تعلم! إن أرجلنا قد شلت، ولم تستطع الحركة، سنظل هنا إلى أن يأتي ويقضي علينا.
حاول صاحبنا تحفيزهم على النجاة بأنفسهم، ولكنهم مشلولين جميعا. نصحوه أن ينجو هو بنفسه، وإلا أصابه ما أصابهم.
هذا ما حل بنا جميعا، نحن من نكتب ونسود الصفحات، معبرين عن تفانينا في محبة، وخدمة أهالينا، وجماهيرنا المنضوين تحت لواء جنود المغول.
منذ ما يزيد عن أسبوع الماء والكهرباء مقطوعان في مناطقنا، والشعب يستغيث، ولا مغيث. إنه يموت عطشا، ويحترق من قيظ الصيف، فلا مجيب، ولا معين له. على الأقل كتابيا، علينا أن نشجب نحن من ندعو بمحبتنا وتفانينا وحرصنا على أهالينا هناك.
لننظر إلى عناوين مقالاتنا، إنها تجعجع، ولا تعطي طحينا؟ 
أهذه هي محبتنا، وتفانينا في خدمة المعانين من ذوينا وأهالينا؟ إن كانت هي هكذا، فتبا لمحبة من هذا النوع. 
لماذا لا تنبري أقلامنا مناشدة العالم الحر، بالضغط عليهم، ليرحموا أهالينا؟ 
لماذا لا نندد بمقالاتنا من يصطاد القصر من أبنائنا وبناتنا لتجنيدهم من جديد؟
لماذا لا تندلع مدافع مقالاتنا، معلنة أن المهيمنين عدا البترول والغاز، والخوة، تمتد أياديهم إلى محاصيل المغلوبين على أمرهم ليفرضوا عليهم أبخس الأسعار؟ 
ألا يكفيهم البترول والغاز، وغلاء الأسعار، والمعابر الحدودية…؛ حتى يتطاولون على قوتهم ليقضوا على رمقهم الأخير؛ كي يموتوا جوعا؟
نحن أسود الشرى في مهاجمة الأحزاب المنتدَبَة؛ لأنه ليس بوسعها قطع الرقاب؟
أين شجاعتنا، ومروءتنا يا من نحن في أوربا والغرب؟ 
أين الحمية الحقة لدينا عند اللزوم؟
نحن جميعا مذنبون بحق أهالينا كما هم. لا مبرر لنا. مهما ادعينا عكس ذلك، فإننا نشاركهم في قتل هذا الشعب، المغلوب على أمره. بصمت أقلامنا نوافق على قتلهم. لن ترحمنا الأجيال الناجية منهم مستقبلا. سيعلقون أوسمة العار على شواهدنا؛ جزاء بما تكتمنا عليه.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…