عام 2023 وما أدراك ما عام 2023

محمد مندلاوي
عزيزي القارئ الكريم، على ضوء تحركات واجتماعات وتصريحات عنصرية مقززة نطلع عليها في وسائل الإعلام يصرح بها رؤساء ثلاث دول داعمة للإرهاب ضد الشعب الكوردي المسالم، الذي يعيش على أرض وطنه كوردستان. إن أحد هذه الرؤساء الثلاثة أعلاه متستر بالديمقراطية! وهو ديكاتوري حتى النخاع، والاثنان الآخران متستران بالدين الإسلامي!!، أضف، أن دولهم، أعضاء في منظمة الأمم المتحدة، التي تؤكد رسمياً بالقضاء السريع على التمييز العنصري في جميع أنحاء العالم بكافة أشكاله، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. 
للأسف الشديد، أن الرئيس الأول الذي ذكرناه في مثلث الشر هذا رئيس دولة كبرى صاحبة “فيتو” في مجلس الأمن، إلا أنه بسياسته الحمقاء أنزل من قدر وقيمة دولته وألغى دورها الحيوي في العالم الذي كانت تتمع بها في الحقبة السوفيتية، عندما ارتضى لنفسه أن يجلس على طاولة مفاوضات ويساوم مع رئيسين عديمي الذمة والضمير، وليس لجرائمهما حدوداً ضد الشعب الكوردي الأعزل، وأن كيانيهما منذ عشرات السنين يحتلان شرق وشمال كوردستان، أحدهما الرئيس الإيراني المدعو حسن روحاني، الذي يستفيق الصبح من نومه لا يفطر قبل أن يوقع على إعدام مواطن كوردي بريء من شرقي كوردستان. والأرعن الآخر، هو الرئيس أردوغان الذي ظهر كيانه التركي إلى الوجود وفق مقررات معاهدة “لوزان” التآمرية. لقد ذكرني اجترار هذا الأخير بمقالي الذي كان بعنوان: أردوغان… وهواجس الخوف والذعر من حلول عام  2023؟. كنت قد نشرته في الشهر الثالث عام 2018 وبينت فيه كيف أن “لوزان” شيعت الدولة العثمانية… إلى مثواها الأخير، وأسست جمهورية عنصرية مقيتة باسم تركيا، وأعطت ما لا تملك للطوراني الذي ليس له الحق الوجود في المنطقة؟، فعليه، كلما اقتربنا من مجيء عام الحسم هذا يزداد مدى خوف وذعر السلطان التركي أردوغان، وكأنه سيحل أجله المحتوم في الـ24 من شهر تموز في العام المذكور، الذي سينقضي بانقضاء ذلك اليوم مرور قرن على تمزيق الوطن الكوردي كوردستان على أيدي دول الغربية (الكافرة) وتركته وديعة في أيادي عملائها الذين نصبتهم حينها بمعزل عن إرادة شعوبهم على رؤوس هذه الكيانات السياسية، التي استحدثتها تحقيقاً لمصالحها الاستعمارية، التي نهبت بموجبها الثروات الطبيعية لتلك الكيانات المصطنعة، وجعلت منها سوقاً رائجة لمنتوجاتها. عزيزي المتابع، إن دول العالم بصورة عامة والدول المحتلة لكوردستان بصورة خاصة ينطبق عليهم القول السائد: الذين “مجتمعة أبدانهم، مختلفة أهواؤهم” إلا في شيء واحد، لا يختلفون، وهو التآمر على الشعب الكوردي المسالم، الذي يحاول جاهداً أن يكون مثل بقية البشر على هذا الكوكب لا سيداً عليهم، ولا عبيداً لهم. لكن العالم ومنهم هؤلاء الثلاثة الذين كما قلت لا يشبه أحدهم الآخر شكلاً ومضمونا، كرجل المخابرات الروسي العلماني بوتين، ورئيس إيران الشيعية المتخلفة المعمم المدعو حسن روحاني، الذي لا يوجد فيه روح سوى لقبه؟! وأخيراً رئيس تركيا ربيبة أمريكا، الذي يدعي الإسلام، لكن في واقعه شيء آخر. لمن لا يعلم، إن حزب العدالة والتنمية الإسلامي ورئيسه (المؤمن) رجب طيب أردوغان بعد وصوله إلى سدة الحكم في تركيا أقر عدة قوانين معيبة، منها أنه قنن ورخص بيوت الدعارة في تركيا؟؟!! وهو الذي وقع بيده… على قانون أباح الدعارة في تركيا، ونص القانون الأردوغاني على معاقبة كل من يحاول منع ممارستها!!. لنعد إلى العلاقة بين إيران وتركيا، للعلم، أن العداء بين إيران وطوران قائم منذ زمن بعيد جداً، وحدثت بينهما حروب عديدة، حتى أن نبي زرادشت (ع) قتل في إحدى المعارك التي جرت بينهم على أيدي الأتراك الطورانيين. لكن رغم كل هذا العداء السافر، كما أسلفت، أنهم متفقون على معاداة الشعب الكوردي الجريح!!! ولا ننسى اتفاق إيران الآرية مع تركيا الآلطية خلال معاهدة سيفر عام 1920 بعدم قبولهما إدراج قضية الشعب الكوردي على جدول أعمال المؤتمر المذكور. عزيزي القارئ، أن المخلوق التركي في إيران موضع سخرية واستهزاء الفرس على مدار الساعة لا يمر يوم ما لا يبتكروا فيه نكتة أو قولاً تهكمياً يحط من كرامة التركي، لديهم قول سائد يرددوه باستمرار: تُرك اگر لُقمان باشد تا هَفتا پُشتش خرَ = لو يصبح التركي لقمان الحكيم سيبقى إلى سبعين ظهر حمار. على أية حال. إن هؤلاء الثلاثة… الذين ذكرناهم أعلاه، يدعمون الإرهاب الأسود القادم من غياهب التاريخ علناً ضد الشعب الكوردي العلماني بالفطرة، الذي يحارب الإرهاب الوحشي بصدور عارية في جنوب و غربي كوردستان نيابة عن العالم أجمع. 
عزيزي المتابع، لقد وقع نظري هذه الأيام في مواقع التواصل الاجتماعي على بعض الكتابات للأخوات والأخوة من أبناء جلدتي،أبدوا فيها تخوفهم لما سيحدث بعد عام 2023  في المنطقة بصورة عامة، وفي كوردستان بصورة خاصة. نقول لهم اطمئنوا، لن يخسر الشعب الكوردي سوى أغلاله التي كبلها بها معاهدة لوزان الظالمة؟ لأن ليس لديهم شيء يخسروه. أما ذلك الكيان المتهرئ الذي كان مساحتها وفق معاهدة سيفر هكذا، أنظر أدناه اللون الأصفر الذي كان يعتبر تركيا وفق معاهدة سيفر:
بينما معاهدة لوزان التآمرية، التي وقعتها ووافقت عليها ثلاث دول رئيسية هي كل من بريطانيا، فرنسا، وإيطاليا، وتتحمل هذه الدول خطيئة أية روح كوردية تزهق أو أية دماء كوردية تراق في عموم كوردستان؟. ومن ثم وقعتها كل من الدول التالية: اليابان، اليونان، رومانيا، يوغسلافيا،بلجيكا، بلغاريا، برتغال، حكومة أنقرة، وجعلت المعاهدة المذكورة من الكيان التركي هكذا، أنظر الخارطة أدناه:

الآن؛من يجب عليه أن يخاف من مجيء عام 2023، الكورد أم الترك؟ انظر إلى الخارطتين أعلاه جيداً وستعرف؟. للعلم، أن معاهدة سيفر لم تلغى في حينه؟ لقد وضعت وقتها في أدراج المكاتب؟، يستطيع أصحاب القرار إخراجها من أدراج مكاتبهم وفتحها مجدداً متى ما شاءوا؟، وهي التي – سيفر- أعطت للشعب الكوردي العريق في مواد 64،63،62 كامل الحق بتأسيس دولته الوطنية في كوردستان أسوة بدول العالم، لكن سيفر كما قلت احتفظ بها في أدراج المكاتب إلى إشعار آخر؟ وحل محلها لوزان اللعينة. قارن بين الخارطتين أعلاه، عنده ستعرف كم من أراضي الغير، من أراضي الكورد، منحتها معاهدة لوزان الظالمة للكيان التركي المستحدث عام 1923 مقابل أن يحرسوا الجناح الجنوبي لأوروبا في وجه التوسع السوفيتي الشيوعي والإرهاب الإسلامي كما قالوا و يقولون؟؟. لكن الأتراك، لم يقوموا بما جاءت في بنود هذه المعاهدة التي ألغت الخلافة العثمانية ولم تعد الأتراك إلى موطنهم الأصلي في طوران بل أنشأت لهم جمهورية باسم تركيا وألزمتها بعدة مواد في المعاهدة حتى لا تتهور وتقوم مثل الدولة العثمانية تحت أية ذريعة كانت باحتلال دول أخرى. فلذا جاءت في الفقرة 20 في المعاهدة تنازل تركيا عن قبرص. لكن التركي يبقى تركيا لا يفقه شيئا من دروس الحياة، لقد غزتها عام 1974 وأنشأت في جزء منها كياناً كارتونياً لم يعترف به غير تركيا!!. ووفق فقرة 3 في المعاهدة تنازلت عن العراق وسوريا التي احتلتهما الدولة العثمانية باسم الدين. لكن كما شاهد العالم، دخلت تركيا في أعوام 2017 و2018 و2019 في سوريا واحتلت مدناً وقرى سورية – غرب كوردستان-. وهكذا فعل في العراق، لا زالت تحتل أجزاءً كبيرة منه بقوة السلاح- جنوب كوردستان- وتستهدف طائراتها المدنيين الكورد العزل في قراهم ومزارعهم. وذكرت المعاهدة أن تركيا تنازلت عن امتيازاتها في ليبيا التي حددت في الفقرة 10 من معاهدة أوشي (لوزان الأولى) التي عقدت بين الدولة العثمانية ومملكة إيطاليا عام 1912. لكن الآن الجيش التركي ومرتزقتها محتلة لأراضي ليبية، وتتواجد في وسط طرابلس العاصمة!!. وقبل هذا، تحديداً في أواسط التسعينات القرن الماضي هدمت 4000 قرية كوردية في شمال كوردستان وهجرت أهلها الكورد إلى بعض المدن في جمهورية تركيا؟؟!!. أضف لهذا، في الأعوام الأخيرة عقدت تركيا اتفاقات سياسية وعسكرية مع روسيا عدوة الغرب، وعدوة حلف “الناتو” الذي تركيا عضو فيه؟؟!!. هنا نتساءل، ألم يكن سبب الأكبر للحرب العالمية الثانية نقض ألمانيا لمعادة “فرساي” التي أسدلت الستار على الحرب العالمية الأولى؟. لما لا تعلن البلدان الغربية وأمريكا الحرب على الكيان التركي، الذي نقض وينقض بشكل صارخ معاهدة لوزان؟؟!!. أم وراء الأكمة ما ورائها؟. أليست بهذه التجاوزات العسكرية أعادت تركيا المنطقة إلى ما قبل لوزان عام 1923؟، أضف، إنها لم تحمي حدود البلدان الغربية كما يجب عليها، بل صارت تبتز الغرب باسم اللاجئين الذين على أراضيها؟؟ وفتحت حدودها الشمالية أمام الملايين منهم، ومن بينهم أعداداً كبيرة من الإرهابيين القتلة تدفقت على الدول الأوروبية؟؟. بعد كل هذه الخروقات الفاضحة وعدم تطبيقه لبنود معاهدة لوزان يجب على من يخاف من حلول عام 2023؟؟. لقد سلخت معاهدة لوزان أراضي كوردية كثيرة – شمال كوردستان- وضمتها لحدود الكيان التركي الطوراني التي خطت حدودها حراب بنادق المنتصرون في الحرب؟؟هل هذه عقوبة ضد دولة مهزومة في الحرب العالمية الأولى!! أم مكافئة للجمهورية الطورانية المستحدثة التي ورثتها؟!.
مثل آثوري: للشيطان وجوه عديدة إحداها وجه التركي.
ملاحظة: إذا لن تظهر خارطتي تركيا في المقال كما رسمتهما “سيفر و لوزان” اكتب في حقل البحث في الجوجل (Google):معاهدة لوزان. ستظر لك الخارطتان اللتان تقولان الكثير عندما تنظر في تفاصيلهما. 
06 07 2020
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…