خبات زيتو
في تغريدة له قبل أعوام مستذكراً ذكرى اعلان اكبر مشهد تاريخي في النضال الحركة التحررية الكوردستانية، حيث يقول الرئيس البارزاني: (تعد الجبهة الكوردستانية تجربة ناجحة في توحيد صف القوى السياسية الكوردستانية، وفي الذكرى السنوية الـ25 لتأسيس الجبهة الكوردستانية، وفي ظل التطورات الراهنة في المنطقة، يتطلب علينا ان نكون على قدر المسؤولية التأريخية وان نوحد صفوفنا كي نضمن حقوقاً أكثر لشعبنا في هذا الوضع الذي تمر به المنطقة) نتذكر هذا الكلام بعد سنوات من خطاب سيادته بأن الموقف الكوردي يجب ان يكون موحدا في كل وقت، وهذا ما يتطلب من القوى السياسية الكوردية من توحيد صفوفهم.
لاشك أن المرحلة الصعبة التي مر بها شعبنا الكوردي في كوردستان سوريا من المأساة والتشرد كان سببها التفرد بالسلطة والتشرذم والضعف وعدم قبول الاخر، وهذا ما كان سببا في فقدان الكثير من المكتسبات والفرص التي اتيحت للكورد. وفي ظل هذه التطورات المتسارعة التي تحدث في المنطقة ورسم الخارطة الجديدة لا بد من تكثيف الجهود لمواجهة هذه التحديات العصيبة لذلك نحتاج الى جبهة كوردستانية قوية تضم كافة الاحزاب والقوى والمنظمات المدنية في كوردستان سوريا كما حدث في اقليم كوردستان قبل ( 32 ) عاماً.
فبعد سلسلة من الاحداث التي حصلت في اقليم كوردستان من استشهاد الكورد وعمليات الانفال والدمار الذي لحق بهم ابان النظام المقبور صدام حسين وفي عام 1986 اتت فكرة تشكيل الجبهة الكوردستانية التي تضم الاحزاب الكوردستانية في اقليم كوردستان لتوحيد النضال وتعزيز القوة بين الصفوف الكورد، وكان ذلك في اول اللقاء بين المهندس الفكرة المرحوم ادريس البارزاني والمرحوم جلال الطالباني في ايران وبعد مرور سنتين من الحوارات وقع الحزبان الرئيسيان الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة الزعيم مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة المرحوم جلال الطالباني عام 1988 وثيقة مشتركة تحدد الاهداف الرئيسية للنضال سميت ب (الجبهة الكوردستانية) وانضمت اليها فيما بعد عدد من الاحزاب الكوردية الاخرى التي كانت بمثابة الاستمرارية لثورة ايلول العظيمة بقيادة ملا مصطفى البارزاني، وكانت نقطة الانعطاف كبير في المنطقة واصبحت تلك الجبهة الممثل الشرعي للشعب الكوردي في المفاوضات والحوارات مع المعارضة العراقية وانتخب الرئيس البارزاني رئيسا للجبهة الكوردستانية.
ومن المكتسبات الكبيرة لهذا الانجاز الكوردستاني انها قادت الانتفاضة الكوردية في عام 1991 واعلان انتخابات المجلس التشريعي عام 1992 التي شكلت واقعاً جديداً بالاعلان عن حكومة اقليم كوردستان وتأسيس مؤسساتها الحكومية والادارية، وبذلك انتقلت الثورة الكوردية من مرحلة الكفاح الثورية الى مرحلة الشرعية والدستورية الثورية حيث كانت تجربة ناجحة في كافة المستويات وحققت اهدافاً كثيرة .
يبدو ان الامور تتجه في كوردستان سوريا على غرار ما تم في اقليم كوردستان باعلان الحوارات بين الطرفين الرئيسين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي لا سيما بان الوضع السوري بحسب المراقبين يتجه نحو التغيير الجذري في المستقبل بل ان الوضع النظام في دمشق على وشك الانهيار في اي لحظة.
لنعد الى التاريخ قليلا نلاحظ بان المجلس الوطني الكوردي عقد اتفاقيات عدة (اتفاقية هولير 1 , هولير 2 , دهوك) بعد جهد كبير وبرعاية مباشرة للرئيس البارزاني لكن تلك الجهود لم تحقق نتائجها بسبب هروب الطرف الاخر من تلك الاتفاقيات تم التضييق على النشاط السياسي للمجلس الوطني الكوردي واغلاق مقراته واعتقال كوادره. الآن وبعد سنوات عدة والاحداث المآساوية التي حصلت تعود الذاكرة بنا الى تلك الاتفاقيات لكن يبدو اننا تعلمنا من تاريخ بان التفرد بسلطة القوة والسلاح وتلك عقلية الحزبية لم تأت بنتائج ايجابية بل بالعكس تماما اصبحت نتائجها سلبية من ضياع القضية ومزيد من الحروب والويلات.
جميع المؤشرات تدل بان هنالك رغبة دولية جادة في التقارب الكوردي – الكوردي لكن هذه المرة بظروف واحداث جديدة وهنالك المؤشرات والتصريحات الايجابية التي تخرج من الطرفين اصبحت مطلبا شعبيا وضرورة في هذه الاوقات الصعبة وبذلك ستكون تلك الجبهة الكوردستانية ممثلة للكورد في كوردستان سوريا في الحوارات مع المعارضة السورية ويكون للكورد دور رئيسي في التغييرات المستقبلية في سوريا .
علينا ان ندرك بان مصير الكورد امام مرحلة تاريخية تتطلب من الجميع مراجعة سياستهم وتحمل مسوؤليتهم وان تجربة اقليم كوردستان حققت المزيد من المكتسبات، ومن هذا المنطلق يستمر المجلس الوطني الكوردي في الحوار مع الحزب الاتحاد الديمقراطي على الاسس والثوابت القومية المشروعة للشعب الكوردي لذلك نحتاج الى مرحلة جديدة من بناء الثقة والشراكة الحقيقية