ليرتنا كانت عزتنا

خالد بهلوي
 
منذ سنوات الحرب بأشكاله المختلفة على الأرض السورية والشعب يعاني من الهجرة والاغتراب وفقدان الأحبة والتهجير القسري من الأرض والبيوت ولم تنتهي فصول المسرحية لان المخرجين أصحاب النفوذ والمصالح لازالوا بحاجة لبعض الرتوش لتكتمل ترتيبات مخططاتهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية.
 منذ بداية الاحداث لم يكونوا جادين في حل القضية السورية بل كانت سياستهم إدارة الازمة حسب مصالحهم ولتجريب وبيع أسلحتهم ونشر ثقافتهم وعقائدهم الدينية، وما يحدث اليوم من قانون قيصر أحد مخرجات هذه المسرحية. أيا كان الهدف المعلن والمخفي في حقائب الدبلوماسيين..   من هذا القانون؟  الشعب سيدفع الثمن بعد ان دفع وصرف كل ما يملكه خلال السنوات العجاف الماضية.
 المواطن كان يستيقظ صباحا يشرب فنجان قهوة و يدخن سيكاره،  ثم ينطلق الى مصدر رزقه أصبح الان يستيقظ صباحا ويتفقد النت ويتابع اخبار الدولار وأسعار المواد والغلاء فينسى شرب القهوة ويخرج مهموما متعصبا متشنجا يتكلم مع نفسه ويحاور عقله، كيف اتدبر اموري ماذا اعمل كيف اتصرف حتى اشتري قائمة طلبات البيت ونفقات الدراسة وتكاليف العلاج والأدوية وهو يسير بالطريق متفقدا قائمته يدخل المحال ويتفقد رصيده فيبدأ بشطب هذا ليس ضروري ..هذا يمكن تأجيله ..هذا نستغني عنه… فيعود أدراجه حاملا بعض الخضار والفروج المستعمل.
 مع غرق الليرة بدا المواطن يغرق في أحلامه ويشتري في نومه  كل طلبات البيت ثم يستيقظ صباحا متمنيا ان لا يستيقظ من الحلم وان لا يواجه واقعه ومصيره وقائمة الطلبات التي تتكرر يوميا وتزداد أسعارها مع كل صباح. فأصبح الخبز والسكر والشاي وحليب الأطفال قمة حلم المواطن. فيقتنع ان الحلول صعبة وليست قريبة خاصة عندما يجد الافران والمحلات بدأت بأغلاق محالها مما يزيد من صعوبة تامين أي مادة. وان البلد متجه نحو المجهول، بلد أنهكه الحرب والدمار وهجرة الايدي العاملة فيزداد عدد الفقراء والجوعى مع كل اشراقة شمس الدولار.
ويزداد تعقيدات المعيشة وخوف الناس وقلقهم على مصير أطفالهم بان يأت يوما ولا يجدون قيمة علبة الحليب او ثمن حفاظة او علبة دواء، الوضع بات يخيف أكثر من سنوات الحرب.
بات البلد كيوم القيامة كل يبحث عن خلاصة ويقول اللهم نفسي واسرتي، امام واقع مخيف قاتم بيع البلد والشعب وقبضوا الثمن فأصبحوا يحتفلون بالمليارات ويحسبون ثرواتهم بالدولار يملكون ويبنون ويلبسون ويمارسون العهر الأخلاقي والسياسي،
 والشعب يسير بخطوات متسارعة نحو المجهول نحو واقع مظلم قد ينار احيانا ببعض الشموع مثلما صدر القرار الأخير بزيادة رواتب العاملين مع قسد بنسبة 150 % حقيقة نسبة مثالية قد لا يغطي نفقات أي اسرة لكنها والأمانة تخفف وتساعد وتساهم في تامين المستلزمات الضرورية نتمنى ان يلحق بخطوات عملية وميدانية أخرى لتخفيف أعباء المعيشة عن كاهل بقية الشعب الذين لا معيل ولا أحد من أولادهم يعملون في هذا القطاع. 
 ان تخفيض أسعار الاحتياجات اليومية للمواطنين لم يعد مطلباً عاديّاً يجب أن تكون إسعافية، لم يعد الأمر يحتمل على الإطلاق، على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها تجاه شعبها وتنقذهم من الفقر والعوز والحاجة.
 هذا الواقع المزرى والمُعاش وما يعانيه المواطن الذي قاسى الويلات ولايزال يدخل المتاهات حيث الخروج من عنق الزجاجة أصبح صعب المنال وامام هذه اللوحة المواطن هو الخاسر الأكبر والمتحكّمون هم الرابحون في نهاية المطاف، وما يسمّى قانون قيصر هو في النهاية يضر الشعب الذي لا يملك سوى حلمه البسيط في العيش  الكريم وهو كالقابض على جمرة النار لا يعرف متى تحرقه. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…