الشراكة الوطنية وفزاعة الاكثرية ( د. راتب شعبو و د . المفكر احمد برقاوي انموذجا )

 وليد حاج عبد القادر – دبي 
في سنة ١٩٨٠ وبعد انتهاء المؤتمر الخامس لحزب الإتحاد الشعبي الكردي في سوريا ، وكعادة الأحزاب في هكذا مناسبات، توجه  قياديان من الحزب إلى منزل الراحل عثمان ابراهيم ع . مكتب سياسي في الحزب الشيوعي السوري – جناح خالد بكداس – ومسؤول منظمة الحزيرة ، حيث عرض الزائران اهم مقررات المؤتمر وسلماه نسخة من البيان ، تكلم السيد عثمان مفتتحا كلامه ب – win kurmanc – انتم الكرد.. متجاهلا تماما او وكانه لا ينتمي الى هذه القومية ، هذه الظاهرة تكررت ولكن بالنقيض ، وأيضا كانت في جلسة ودية بدمشق اوائل الثمانينيات ، حيث كان الصراع الفكري خاصة الماركسي منه في ذروته ، 
وفي سنة ١٩٨٢ صيفا بالتحديد التقيت بمعية رفيق آخر مع بعض من رفاق الحزب الشيوعي السوري _ جناح السيد رياض الترك _ أو ماعرف بجماعة المكتب السياسي وبحضور طالبتين لبنانيتين كانتا من الحزب الشيوعي اللبناني وخضنا نقاشا غطى لبنان وسوريا وفلسطين وتشظيات اليسار خاصة الماركسي منه وذلك التناقض الفظ حتى بين الاحزاب الشيوعية العربية داخل الدولة الواحدة وفيما بينها ، او كما كنا ننعتهم كماركسيين كرد بالاحزاب الشيوعية العربية ، وفي غمرة النقاش اثناء تلك الجلسة ، وبالرغم من أننا كنا في لقاء بإسم حزب الإتحاد الشعبي الكوردي في سوريا حينذاك وبمعيتنا وثائق وأدبيات متنوعة بمافيها الوثيقة الأهم حينذاك / الشعب الكوردي في سوريا و مبدأ حق تقرير المصير / والذي كان قد أقر في مؤتمر الحزب الخامس ، وفي غمرة النقاش وعن اسباب الخلاف ومن ثم الإنشقاق عن بكداش نسي محدثنا بأننا من القومية الكردية وليقول بالحرف / تصوروا !! أن بكداش ومن منطلق كرديته فهو يقف ضد الوحدة العربية على أساس قومي ودائما – والكلام له – يميل كفة الإبتعاث والمنح لصالح الطلبة الكرد ، حيث أنه ومن أصل ثمانية عشرة منحة دراسية الى تشيكوسلوفاكيا خصص بكداش منها اثناعشرة كرديا !! وطبيعي أني ورفيقي تبادلنا نظرات استغراب شديد، وليستدرك زميلي الموقف ويقول : وماذا فيها ؟! أفلا يعقل مثلا أن يكون الطلبة الكورد يستحقونها اكثر من الطلبة العرب ؟! أم أن المسألة عندكم فيها بعد قومي !! وكمن تذكر كرديتنا، حاول لفلفة الموضوع ولكن !! هيهات ، وللأسف الشديد لازالت ذات العقلية تشي بذاتها رغم سلوفان التغليف إن بتاريخ سياسي ولكن ما ارتقى بالمطلق في القاع الذي تأسس على معارف وتوصيفات ارتهنت على طوباوية قومية تشكلت وهذه وفي رؤية نقدية حتى لغالبية الكتاب والمثقفين العرب حيث أنها دخلت ملافظهم السياسية وممارساتهم التطبيقية منذ بدايات العهد الاموي واعني به مصطلح العرب والموالين، وعليه تمت صياغة كل علوم الانساب وجغرافيات الرحالة وكتب المؤرخين بتصنيفاتها، وباختصار، ودون الإرتكاز على هذا المسار، بالرغم مما يضفيه بعض من الأخوة العرب عليها من هالة وقداسة ، وفي عودة – أتمناها – متانية لجذر النقاشات انعكاسا لمخاض خلناه كرديا سيفتح باب التوافقات والتفاهمات ومن ثم تجميع الكيانات السياسية للمكونات فرادى وصولا الى جسم متنوع سياسي يستطيع على ارضية دعم ومساندة الأمم المتحدة لإعادة انتاج دولة حقيقية في سوريا تكون ركيزتها قرارات الامم المتحدة ، ولكن ؟ وكمن فقع دملة الوحش الاسطوري ، او فتح قمقم الغرائب والعجائب فإذ بنا – كرديا – تستعاد فينا دروس التربية القومية العربية وبقايا دمغات التعامل الاستعماري – الصهيوني من جهة، لابل وفي تدليس متقصد لمفاهيم تتبدى فاضحة في انكشافاتها الفارغة مطلقا بعناوينها البارزة فقط كدولة البعث للمواطنة، والأهم في المهم : النفي الوجوبي لأي حقوق استئصالا مسبقا ومقوننا تحت يافطة – انها ستؤدي الى تراكم الوعي القومي والذي سيعزز دوافع الإنفصال – متناسين تماما دور الرافعة وسياسة الهدم البلدوزرية لقيم الدولة المدنية فعلا والمؤطرة ايضا كقيمة من قيم المواطنة الحقة ، اولئك المنظرين الذين لازالوا في قاع شعورهم يجسدون الاموية العربية طرزا للحكم ويبرزوها كأمة لها ارثها التاريخي والثقافي ، لابل والريادة الدينية – الذي نقر ونحترم – ولكن ؟ هل سيفترض بالمنتمين لقوميات اخرى الرضوخ لذلك ؟ . أفلا يلاحظ بعض من القامات الثقافية العربية ، في بعض من طروحاتهم بأنهم يعيدون انتاج المكرر عشرات المرات وهي تتالت في فشلها ؟ دينيا وقوميا ؟ هل علينا ان نستذكر عقيدة عفلق القوم – بعثية ؟ ام نضع ما اضافه الوحدويون الإشتراكيون والناصريون ونعيد الى الأذهان فلسفة الثورة الناصرية ؟ وكل النتاجات القومية التي طرحت ذاتها كوعاء صهر لغير العرب ؟ هل درس هؤلاء الفلاسفة ؟ ما اسموه بجيوب العمالة لإسرائيل كاسهل جرعة تشنيعية وتحريضية وبالتالي الارضية الاساس لكل جبروت ثقافة العنصرية بدمغة القرف والكراهية ؟ لنسأل اي من المنظرين الآن ؟ هل يتذكرون احداث تيزي اوزو في اواخر السبعينيات في الجزائر وجنوب السودان ودارفور وووو ؟ أيعقل بأنها نتاجات الأقليات وسخافاتهم ؟ وفي المقابل ؟ احداث اريتريا وزنجبار وعربستان ؟ كقضايا تحرر وانا اوافقهم شخصيا واتضامن معهم ؟ .. إن الواقعية السياسية تفترض على المثقفين العرب والمنخرطين في الجانب التنظيري أن يلتزموا بالحقيقة التأريخية وأن يقروا بفشل الدين السياسي وايضا ان كل تجارب عقائدهم القومية كهدف تعريبي فشلت في عقر دورها سوى نماذج طرحت عروبيتها انتماءا ومارست بعدا دولانيا وايضا وطنيا بينيا ، اما ان يقوم بعضهم في إعادة انتاج الدولة الدينية والقومية بغلاف او لون او مسمى آخر ! كما الفدراليات التي نتفاجئ في كل لحظة او موقف تفسير ومقام آخر ؟ يفترض بهكذا منظرين ان يتذكروا بان الطرق تعددت وتفرعت وكل طريق أصبح قاعدة لشبكة طرق كاملة ، ومن هنا وفي زاوية جد ضيقة ساذكر الصديق والفيلسوف د. احمد برقاوي بان روچ آڤا وناسها جميعا ليسوا بالسخف واضيف على روج آفا – قد يراها سخافة اخرى – مصطلحي – سرخت – و – بن خت – وهذين المصطلحين يعنيان: فوق الخط الذي بقي في اطار دولة اتاتورك و تحت الخط من بقي ضمن خارطة سايكس بيكو لسوريا .. لن اتحدث كثيرا او استفيض في بعض من الاخطاء – تعد كبيرة – لبعض القامات وبشكل اخص في اعتماد تعريبيات البعث الشوفينية وتطبيقات بعض مما مورس بحق اهلهم وناسهم في فلسطين ؟ فهل يتذكرون – مثلا – هجرات او طرد العرب الفلسطينيين بتتالي حروب مثلا ١٩٤٨ – ١٩٦٧ وماقبلها من حملات ومجازر الطرد الجماعية ؟ ان الاكثرية الواثقة من قوتها وامكاناتها ، والاهم خاصة بعد فشلها المتكرر في تطويع شعوبها وكارثيات اشكال ومخرجات نظمها ، سيكون من المؤكد بان كل عمليات التجميل والتدوير ومهما استخدم بعض كبار المثقفين في إعادة انتاج وطرح ذات الأنموذج – القومي – وان حوت متغيرات شكلية ولكنها في الصميم بقيت هي ذاتها ؟ والتي تتمثل في إعادة انتاج الدولة وبركيزة قومية عربية تمارس هيمنة الاكثرية محوطة بإدارات مركزية في فعلها  ومحلية مفرغة تماما من هويتها الإنتمائية ، هي إعادة انتاج لذات الثقافة المهيمنة وبلبوس ديمقراطية ميكانيكية تشرعن بقوة الأكثرية لا الشراكة المتوافقة وللأسف الشديد وكعشق للذات يدرك مدى تشبثه حبا في لغته وتراثه يستهجنها في الآخر ؟ نعم نقر – نحن المبتلون – كأقليات في النسبة والتناسب ولكن مهما برعت أم كلثوم في أغنية الأطلال ! فبقدرها تظل – مريما گورا – أرقى من – أتفاعل شخصيا – مع صوتها وشجنها حينما كانت تشدو ب – شاهينووو – ؟ وفي النهاية هي كلمة صريحة موجهة لقامة معرفية – أقر – وأعني به الصديق المفكر د. احمد برقاوي: أظنكم على دراية أكثر مني بنظام الإيالات العثمانية على مسار مقص سايكس بيكو ؟ ولن اعود للتذكير وانت ابن بلاد الشام باتفاق فيصل كليمنصو المؤسس اصلا على تفاهمات الشريف حسين ومكماهون وصولا الى مفردات سايكس بيكو وسيفر ولوزان وانتم الفلسطيني لن يفوتكم وعد بلفور ! . وفي الختام : 
مابين السيد راتب شعبو والعمق الوطني والفيلسوف د . احمد برقاوي فرق كبير – اقره مع التفضيل للاول – هو فرق السنين الطويلة التي قضاها شعبو في الزنازين والمعتقلات وحجم الليالي والايام للدكتور البرقاوي في البحث والتقصي والدراسات ، وهنا وللتوضيح حيث أن شعبو أراد ان يكون عادلا بطرحه بين الفرقاء في الوطنية ، والمفكر برقاوي ارتكز – هكذا يبدو لي – على الفهم الاكثر ميلا وانحيازا لثقافته ببعديها القومي والديني ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…