عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
ترکز المقاومة الإیرانیة علی استمرار النضال من أجل تغییر النظام الحاکم في إیران تحت أي ظرف ومهما کان الثمن. في هذا الصدد وعلی غرار الأعوام السابقة، عزمت المقاومة علی عقد مؤتمرها السنوي في ذکری انطلاقة المقاومة الإیرانیة، بما یوافق الأوضاع الراهنة عقب تفشي فیروس کورونا.
فقد أقیم المؤتمر السنوي لهذا العام في الذکری الأربعین لانطلاقة المقاومة الوطنیة ضد الفاشیة الدینیة، ویوم الشهداء والسجناء السیاسیین والذکری السنویة لتأسیس جیش التحریر الوطني الإیراني، یوم السبت 20 یونیو 2020، في أشرف الثالث بألبانیا من خلال التواصل عبر الإنترنت مع حوالي 2000 نقطة مشارکة من حول العالم، وبحضور رئیسة الجمهوریة المنتخبة من قبل المقاومة، السیدة مریم رجوي.
وقد أثبتت المقاومة الإیرانیة عزمها الراسخ علی مواصلة وتکثیف النضال حتی الإطاحة الکاملة بالفاشیة الدینیة الحاکمة في إیران، من خلال عقد مؤتمر مذهل وواسع النطاق عبر الإنترنت في ظل ما یفرضه وباء کورونا من قیود والتزامات.
وأكد المؤتمر الذي عقد بمشاركة عشرات الشخصيات السياسية والبرلمانية والمدافعين عن حقوق الإنسان ومؤيدي المقاومة الإيرانية من مختلف دول العالم، أن المواجهة بين المقاومة الإيرانية والنظام الحاكم في إیران قد وصلت إلى مرحلتها النهائية.
لأنه بعد الانتفاضات البطولية للشعب الإيراني في السنوات الأخيرة، قد ارتفعت مکانة مقاومة الشعب الإيراني إلى أعلى المستویات بفضل الدعم الشعبي والتأثير الاجتماعي، خاصة بين الشباب ونخب المجتمع، الأمر الذي اعترف به علي خامنئي وغيره من قادة النظام مراراً وتكراراً.
في هذا الصدد، صرّح خامنئي في وقت سابق قائلاً: «يجب على الجميع الانتباه إلى حقيقة أنهم (مجاهدي خلق) يعملون على شبابنا ويخططون له» (خطاب خامنئي، 17 مایو 2020).
عقب الانتفاضة الشعبیة في نوفمبر من العام الماضي والتي دقت ناقوس خطر الإطاحة بنظام الملالي، أمر الولي الفقیه، علي خامنئي، بقطع شبکات الإنترنت وقتل المتظاهرین بشکل جماعي خوفاً من الإطاحة بنظامه، وبالفعل استشهد أكثر من 1500 شاب إیراني ثائر في أقل من أسبوع بناء علی أوامر خامنئي.
إلی أن تصاعد الانتفاضة وفي أعقابها هلاك الحرسي المجرم قاسم سليماني داخل الأراضي العراقیة، تزامن مع ظهور فيروس كورونا الذي استغله علي خامنئي لإطالة عمر نظامه معتبراً إیاه “نعمة إلهیة” و”فرصة”.
لهذا السبب انتهج خامنئي سیاسة التعتیم والإخفاء بشأن فیروس كورونا، وبدأ حملات الشيطنة الفاشلة ضد المقاومة محاولاً العثور علی متنفس للبقاء. لكن سوء تقدير خامنئي یکمن في عدم رؤيته لحقيقة أن المعادلات السياسية والاجتماعية قد تغيرت ولم تعد تخدم النظام بشيء.
لأن المقاومة الإيرانیة قد فضحت سیاسیة الإخفاء التي تبعها النظام للتستر على مأساة كورونا في إيران، کاشفةً عن الإحصائیات الحقیقیة لضحایا ومصابي کورونا بشکل یومي، وبهذا أثبتت للعالم زیف ادعاءات النظام، لا بل وأقنعت منظمة الصحة العالمیة بمصداقیة ما تعلنه المقاومة بشأن الإحصائيات المتعلقة بحصیلة إصابات ووفیات کورونا في إیران مقابل الإحصائیات الکاذبة للنظام، تماماً مثلما کشفت عن إحصائيات شهداء انتفاضة نوفمبر من العام الماضي التي انتشرت على نطاق واسع في العالم واعترف بها کبار المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام الرائدة في العالم.
وهكذا أصبح توازن القوى في المشهد السياسي الإيراني لصالح المقاومة أکثر من ذي قبل عقب ظهور فیروس كورونا في العالم ونقله إلى إيران علی ید نظام الملالي بشکل متعمد، وکما قال قائد المقاومة الإیرانیة، مسعود رجوي، فإن: «حرب الشعب الإیراني ضد كورونا هي جزء من المعركة المصیریة ضد خامنئي ونظام ولایة الفقیه الهمجي والمعادي للإنسانیة».
والآن وصلت هذه الحرب إلى ذروتها ومرحلتها الأخيرة، وانعکست داخل النظام بشکل جلي، حیث نشهد یومیاً تصاعد صراع العقارب الحاکمة من جهة وتفاقم الوضع المتفجر للمجتمع من جهة أخری.
في مثل هذه الحالة، وبینما يسعى خامنئي إلى إقصاء روحاني من المشهد السیاسي محاولاً توحيد نظامه، ضاعفت المقاومة الإيرانية قرع طبول الحرب ضد نظام ولایة الفقیه على الرغم من العديد من العقبات، معلنةً هذا العام علی أنه عام الإطاحة بالنظام.
في خضم هذه الأوضاع وفي مثل هذا التوقیت الحساس، تصر المقاومة الإيرانية علی عقد مؤتمرها السنوي. لأنه ضرورة يجب تلبیتها في إطار الآليات والأساليب والتسهيلات المتاحة ووفقاً للقواعد والقوانين العلمية والطبية، لأن نظام الملالي سيستفيد من عدم عقد المؤتمر.
ولا يخفى على أحد أن النظام يتلوی مثل ثعبان جریح، بسبب صعود المقاومة الإيرانية والضربات التي تلقاها منها واحدة تلو الأخری في هذا الصدد، وأنه سيوظف كل ما بحوزته من إرهاب وحملات شیطنة إلخ لإطالة فترة بقائه. کما أنه سيلجأ إلی كل أسالیبه المعهودة وأوراقه المحترقة ونصف المحترقة وغیر المحترقة من أجل خلق عقبة على طريق تقدم المقاومة الشعبیة المتأصلة وانتصارها.
لكن ما لا یمکن إنکاره هو أن الوضع لن يعود إلی سابق عهده أبداً، وأن التعتیم وإخفاء الحقائق ونشر المزاعم الباطلة والأکاذیب لن یداوي جرحاً من جروح النظام. فقد حانت نهایة هذا النظام، وآن موعد تحرير إيران والشعب الإيراني من نیر نظام ولایة الفقیه والإطاحة به إلی الأبد.
سرّ صمود المقاومة الإيرانية في خضم التطورات السياسية الإيرانية
خلال المؤتمر الذي عقد في مقرّ أشرف 3 في ألبانیا المعروفة باسم عاصمة المقاومة الإيرانية، قالت السيدة معصومة ملك محمدي، نائبة الأمینة العامة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، نيابة عن عدد من السجناء السياسيين ممن حضروا المؤتمر:
«كيف يمكن تقویض الشيطنة والإرهاب وعملیات التسلل وجميع أنواع المؤامرات التي تهدف إلی القضاء علی المقاومة؟ السر في “ثورة مجاهدي خلق”. هذا هو سر مقاومتنا، ولحسن الحظ أن جيلنا الشاب في المدن الإيرانیة قد أدرك هذا السر وأقبل على المقاومة حتی صرنا نسمع أن الملالي يصرخون ویحذرون كل يوم من هذا الواقع الآخذ في التوسع».
وأضافت في جانب آخر من کلمتها:
«لقد قطع الشعب والمقاومة الإيرانية شوطاً طويلاً. باجتیاز أصعب الظروف الداخلية والإقليمية والدولية، وأخطر الاختبارات والمصاعب، وبتقدیم 120 ألف شهيد في طريق الحرية، من بينهم 30 ألف هم شهداء مجزرة 1988، وأكثر من 1500 شهيد خلال الانتفاضة، رفع قادة الحریة علم الإطاحة بالنظام الذي لا یزال یرفرف شامخاً حتی یومنا هذا».
یُتبع..
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.