الاتفاق الكوردي في مواجهة «قيصر» والتهديدات التركية..

م.محفوظ رشيد 
نظرياً، قانون (سيزر- قيصر) يستهدف النظام السوري وكل الجهات التي تدعمه لأجل  إجباره على الانخراط في مسار العملية السياسية وفق القرار الأممي2254 ، ولكن عملياً، فالشعب السوري هوالمتضررالأساسي من إقراره وتطبيقه، فالإدارة الأمريكية تسعى لفرض إرادتها لحل الأزمة السورية بما يخدم أمنها القومي ومصالحها الحيوية في ظل  الصراع المحموم  مع باقي الدول العظمى الأخرى على توسيع مناطق النفوذ والهيمنة على مفاصل ومصادر الطاقة والقوة في العالم.
     صرح أكثر من مسؤول أمريكي ولا سيما “الموفد جيمس جيفري” على استثناء مناطق الادارة الذاتية من تأثيرات تطبيق “قيصر”، فرفع رواتب العاملين لدى مؤسسات وشركات الإدارة بنسبة 150%، والسعي لفتح المعابر الحدودية مثل معبر تل كوجر – اليعربية لتسهيل وضمان دخول المواد الإغاثية والمساعدات الانسانية، والبحث عن آليات فعالة  لضبط حركة الدولار وتداوله وقيمته في السوق، وغيرها من الاجراءات والتدابير التي هي قيد الدراسة والتنفيذ كفيلة بالحد (أو التخفيف) من تبعات “قيصر” السلبية على الحياة المعيشية فيها.
     أعتقد أن تبني الإدارة الأمريكية لمبادرة الجنرال مظلوم عبدي مع توفر الرغبة الجامحة لدى الكورد على الصعيدين الجماهيري والحزبي في سوريا بمؤازرة فرنسية عن الحلفاء، ودعم ومباركة القوى الكوردستانية المعنية ذات الشأن مع ملاحظة الجدية لدى الجانب الأمريكي في تنظيم ورعاية الحوارات الجارية، والتي توجت مؤخراً ببيان مشترك حول التوصل إلى تفاهمات أولية للاتفاق الكوردي- الكوردي، كل ما سبق مؤشرات على الاصرار في المضي لإتمام الاتفاق الكامل بالرغم من المصاعب والعراقيل التي تعترض طريق تحقيقه، ولا سيما من قبل القوى الإقليمية وبخاصة المقتسمة لكوردستان.
     من المؤكد أن الأنظمة الحاكمة للدول المقتسمة لكوردستان متعنتة وغاضبة من أي تقارب كوردي- كوردي، وتبذل كل ما بوسعها بالتعاون والتنسيق فيما بينها لإجهاض أية محاولة تفاهم أو توافق بين القوى الكوردية من شأنه تحقيق خطوة لحل القضية الكوردية في أي جزء من كوردستان، والحشودات والتهديدات العسكرية والحملات الأعلامية المغرضة (الايرانية والتركية) المتزامنة على مناطق من كوردستان العراق تندرج في إطار الضغوط للحؤول دون حصول الإتفاق الكوردي المنشود.
     لم ولن توفر تركيا أية جهود أو فرص للقيام بعمليات عسكرية لاحتلال المناطق الكوردية وبث الخراب والارهاب فيها، وتقويض حالة الأمن والاستقرار المستتبة في ظل الإدارة الذاتية القائمة، وبالتالي القضاء على المكاسب القومية والوطنية المحققة، وإلغاء دور الكورد المؤمل في رسم وبناء شكل سوريا المستقبل.
    وخير ردٍّ على تهديدات تركيا واعتداءاتها هو توحيد الصف الكوردي وتقويته، ثم الانتقال إلى ترتيب البيت الداخلي في مناطق شمال وشرق سوريا والاتفاق مع باقي المكونات الأخرى للتحالف والتشارك في الادارة والحماية، والمساهمة معاً برؤية مشتركة وإرادة موحدة في بناء سوريا الجديدة على أسس ومبادئ الوطنية الحقيقية والديمقراطية والتعددية واللامركزية..
24/06/ 2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…