«الأسد بين مطرقة القيصر السوري وسندان القيصر الروسي»

ماهين شيخاني
 
 ستشهد سوريا دراما تراجيدية أكثر وجعاً حيث تشتد الحبل أكثر خناقاً من ذي قبل على رقبة المواطن السوري ، بعد تطبيق القيصر ، حيث ستكون سوريا مقبلة على الفقر والمجاعة والغلاء الفاحش وفقدان الأدوية ، أو ربما يسعفنا نوع من التفاؤل لحلول أفضل ينقذ ما يمكن إنقاذه ، في حال تفاهمات الدولية والإقليمية بين الأطراف الموجودة على الساحة السورية وتقاسمت حصصها ، رغم تشاؤم الشعب السوري المغلوب على أمره ، فهم على ميعاد اليوم المعلوم لتطبيق قانون قيصر، أو ما يعرف بقانون العقوبات الأميركية على النظام السوري. 
والسنوات العشر العجاف، والشعب السوري عانى ويلات القتل والتهجير اليومي على يد النظام السوري من جهة، والفصائل الإرهابية المسلحة التابعة و المدعومة من أنقرة من جهة أخرى .و دافعت روسيا خلال السنوات الماضية عن حكومة الأسد و انقذته من السقوط ، كما حمت مصالحها، وعقدت إتفاقيات بيع واستئجار معاً، وحسب ما نشر موقع” ديلي بيست” تقريرا للكاتب مايكل ويس، يقول فيه إنه في الوقت الذي يثمن فيه رئيس النظام السوري بشار الأسد ما قدمه له الروس وملالي إيران من دعم، ويأمل تغطية الديون المتراكمة عليه من موارد النفط، فإن الروس يريدون أموالهم المستحقة على السوريين.
ويقول ويس إنه “يمكن إضافة للاتهامات الموجهة ضد الديكتاتور السوري بشار الأسد بالقتل الجماعي والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، فهو منهك بالديون”.
وبحسب تقرير أمني شاهده موقع “ديلي بيست”، فإن النظام السوري مدين لغاية تاريخه لروسيا بمبلغ 60 مليون دولار، ثمن شحنة للنفط الخام، وفي الوقت الذي يقول فيه النظام السوري إنه يملك المال لتسوية الدين “نقدا”، إلا أنه أخر الدفع، وطلب شحنة نفط أخرى وبأسعار مخفضة. وقد شعرت روسيا في الآونة الأخيرة ،بل أظهرت مؤخراً حالة تململ من الأسد، وسط شعور متنام بأن التمسك به قد يقودها إلى خسارة كل الإنجازات التي حققتها منذ تدخلها المباشر في سوريا في العام 2015، على وقع اهتزاز الوضع في المناطق التي عادت إلى سيطرته مثل درعا، فضلاً عن إدراك موسكو أن جهودها في إعادة التسويق له ستصطدم بحائط صد من قبل المجتمع الدولي وأمريكا بشكل خاص ، حيث تطبيق قانون القيصر السوري المقترح من الكونغرس على أبواب التنفيذ ، و يبدوا للمراقب بالشأن السوري إن قانون قيصر قد يكون في مصلحة الروس انفسهم، إذ لا تخلو بقعة من سوريا، إلا وتنازل فيها الأسد للقيصر الروسي قبل تطبيق قانون قيصر الأمريكي.
 وفي سياق موضوع الضغط ، يعتقد طه عبد الواحد، الباحث في الشأن الروسي والمقيم في موسكو أيضاً، أن “ما يجري من محاولات ضغط روسية على الأسد، ما هي إلا لإجباره على المضي في التسوية السياسية كما رسمها الروس في سوتشي، خاصة مع وضوح تمسك [الأسد] بلعبة المماطلة والتمييع لإلغاء الحل السياسي”. مضيفاً لـ”سوريا على طول” أن ذلك يفضي إلى أحد سيناريوهين: “الأول، انصياع الأسد لرغبات روسيا فيحافظ على دعمها له، وبالتالي تحريك عجلة العملية السياسية. والثاني، التعنت أكثر، معتمداً على الدعم الإيراني. وهنا قد تظهر الخلافات مع روسيا إلى العلن، ولن يكون الأسد في وضع جيد، لأن إيران لم تعد قادرة على حمايته، لا سيما وأنها نفسها في موقف ضعيف الآن”. 
و من خلال ماقاله المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، في ندوة لمناقشة الجهود الأميركية والدولية لمحاسبة النظام السوري، عقدت مؤخراً، أن الإدارة الأميركية تسعى إلى التأكيد لروسيا “أنه طالما استمر الحلف مع الأسد، فإنهم لن يحصلوا على الدعم الدولي لإعادة إعمار سوريا”،  وأن “العقوبات مستمرة ما لم يقبل الأسد بالتسوية السياسية”، اعتبر عبد الواحد أنه و”إن كانت إزاحة الأسد ممكنة بالنسبة لروسيا، فإن ذلك لن يتم إلا ضمن ترتيبات تلعب فيها [الأخيرة] الدور الرئيس، لتضمن الحفاظ على نفوذها في المنطقة، وربما توسعته بعد رحيل الأسد”. مضيفا أن  “السياسة الروسية بخطوطها الرئيسة لم تتغير تجاه الأسد، فهو ورقة مرحلية ولكنها رئيسة في المفاوضات مع اللاعبين الآخرين حول تسوية الأزمة السورية، ورسم مستقبل سوريا فالأسد وقع فريسة بين فكي القيصرين، القيصر الروسي بوتين وقانون قيصر السوري بموافقة الكونغرس الأميركي، ويقول محللون إن فرضية تخلي روسيا عن الأسد واردة جداً ، خاصة أنها وبعد نحو ست سنوات من تدخلها العسكري في سوريا ونجاحها في استعادة النظام لتوازنه، إلا أن قبضتها لا تزال هشة، وهي لا تملك حقيقة مفاتيح الحل، وذلك يعود في جزء كبير منه إلى أسلوب الأسد الذي لا يزال على نهجه رافضاً الإقرار بضرورة التغيير.
فبأيُّ قيصرٍ سيبدأ انهيار نظام الأسد أولاً ؟؟!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…