م .
بافي ژيـن
وجدت النظم الديمقراطية في العصر الحديث مع ظهور نمط الإنتاج الرأسمالي في أوربا الغربية, وهي ترتكز على النهج القائم للتبادل الحر للسلع , والأفكار وآليات وقوانين السوق , وفق قانون العرض والطلب , وهذا ما تتمحور حوله مفاهيم الديمقراطية البرجوازية والليبرالية والتي تشكل ركيزة لتطور السلطة والطبقة السائدة في مرحلة تاريخية معينة , بل تعكس مصالحها وثقافتها وأيديولوجيتها – الوعي الاجتماعي والفكري – الذي هو أساس الوعي السياسي والثقافي والحقوقي والفلسفي والفني… وهي التعبير الأكثر كثافة عن أوضاع الطبقات الاجتماعية السائدة , ولدورها التاريخي كقوى سياسية تعمل لتحقيق أهداف معلنة , ترى فيها مصالحها ومصالح شعوبها قاطبة
بافي ژيـن
وجدت النظم الديمقراطية في العصر الحديث مع ظهور نمط الإنتاج الرأسمالي في أوربا الغربية, وهي ترتكز على النهج القائم للتبادل الحر للسلع , والأفكار وآليات وقوانين السوق , وفق قانون العرض والطلب , وهذا ما تتمحور حوله مفاهيم الديمقراطية البرجوازية والليبرالية والتي تشكل ركيزة لتطور السلطة والطبقة السائدة في مرحلة تاريخية معينة , بل تعكس مصالحها وثقافتها وأيديولوجيتها – الوعي الاجتماعي والفكري – الذي هو أساس الوعي السياسي والثقافي والحقوقي والفلسفي والفني… وهي التعبير الأكثر كثافة عن أوضاع الطبقات الاجتماعية السائدة , ولدورها التاريخي كقوى سياسية تعمل لتحقيق أهداف معلنة , ترى فيها مصالحها ومصالح شعوبها قاطبة
فالديمقراطية هي حاضنة مناسبة لإنتاج أوضاع سياسة جديرة بالاحترام , وميزتها الأساسية هي التعددية السياسية والصحافة الحرة ، والتداول السلمي للسلطة والحريات العامة , حيث يقوم الفرد بحرية تامة للتعبير عن رأيه دون رقيب أو حسيب حول أشد المسائل تعقيداً وتشابكاً وفي أية ظروف كانت , كما يقوم المجتمع بعملية إنتاج البرلمانات والمجالس التمثيلية ذات الصلة عن طريق الاقتراع الحر والمباشر، والتي بموجبها يوضع دستور للبلاد وقانونه الأساسي , وهذه القوانين تنظم العلاقة بين المجتمع بكل فئاته وشرائحه الشعبية من جهة , وبين الدولة ومؤسساتها المختلفة من جهة ثانية ؛ فالشعب في المجتمعات الديمقراطية هو المرجع وصاحب السيادة , وإليه تعود الكلمة الأولى والقرار الأول .
أما النظم المستبدة ؛ فهي توفر مناخاً يسوده الفساد السياسي, والتفسخ الاجتماعي , والفوضى الاقتصادية طيلة عهود حكمها الجائر, وتنهي العمل بالدساتير والقوانين والحريات والحقوق الأساسية , وتغيّب الرأي الآخر والفكر المبدع والموقف المختلف , وبالتالي تقضي على إنسانية الإنسان , وتلغي القيم والمثل العليا من خلال امتلاكها وتوسعها للسجون , وقيامها بممارسة القمع والإبادة وإرهاب الدولة المنظم ضد معارضيها، فتستبيح الأرض والعرض , وتصادر التاريخ , وتعتقل الجغرافيا في حدود السلطات الأمنية , وتختزل الوطن وثرواته في دوائر عائلية ضيقة ، وتبعد المواطن بكل فئاته وشرائحه عن المشاركة الفعلية في الهم الوطني , بل يزج به في معارك وحروب هامشية لا طائل منها , ويكون الخاسر فيها الوطن والمواطن على حد سواء ، غير أن تلك النظم تدرك في قرارة نفسها , أن النصر الوحيد الذي يهمها ويحمي مصالحها , هو التغلب على إرادة شعبها في الداخل , وهذا مسير له ومقدور عليه , مادامت مؤسساته الأمنية المنتشرة في كل مكان لم تمس ، وفي عهدتها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وبإعلانه الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ بحجة المواجهة مع العدو الخارجي ، تكون قد عطل الحراك السياسي والمجتمعي , وأحكم قبضتها على الصحافة ووسائل النشر والإعلام , بمعنى أنها استولت عـلى كل أشـكال ومظاهر الحياة السياسـية , وأقامت على أنقاضها نظاماً دكتاتورياً شمولياً تحت شعارات وطنية براقة لا تغني ولا تسمن عن الجوع .
لا شك بأن الأنظمة الاستبدادية تخشى الديمقراطية ومفاهيمها الإنسانية, وتجد في مؤسساتها الشعبية والجماهيرية المنتخبة العدو اللدود , لضرب وزعزعة مواقعها ومرتكزاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية , ولأن النظام الديمقراطي ستفقدها مقومات وجودها وأساليبها الانتهازية الوضيعة في جمع الثروات , وتحويل الوطن إلى مزرعة خاصة لآل البيت وبطانة الملك ، لذا تبدي عداءً ظاهراً لمفاهيم الليبرالية والرأسمالية بكل تجلياتها السياسية والثقافية والاقتصادية والعلمية , والتي ساهمت في صنعه جميع شعوب العالم ، فهذه النظم رغم عدائها من حيث الشكل للنظام الرأسمالي الليبرالي ونتاجها المادي والروحي , بذريعة الحفاظ على الأصالة والأخلاق والموروث الديني؛ فأنها أكثر استغلالا واستهلاكاً لهذا المنتوج من أجل أستمراريتها وديمومتها , علماً أن التمسك بالأصالة والقيم في عالم متغير ومتطور باستمرار , لا يبرر هذا السلوك المتناقض في جوهره , ومن الأسلم أن لا يفهم الأصالة على إنها تقوقعاً ولا انغلاقاً على الذات ، وإنما الأصالة هي التفاعل الخلاق مع الحضارة الإنسانية والعمل المستمر لإيجاد مكانة لائقة ومرموقة بين أمم وشعوب الكون قاطبة .
لقد حاولت البرجوازية العربية منذ أواسط القرن الماضي ومطلع القرن العشرين أن تؤسس للنظام الديمقراطي , وتحاول بناء دولتها المستقلة في كل قطر ( سوريا , العراق …) , إلا إنها انهزمت ولم تستطع السير قدماً , بسبب مؤسسة العسكر والجيش العقائدي , والتي استولت على السلطة بالانقلابات العسكرية , مستغلة الشعور الوطني اللاهب للطبقات الفقيرة في الداخل , وبتأييد وترحيب دوليين خاصة من الاتحاد السوفيتي السابق , والدول الاشتراكية في أوربا الشرقية , القائمة على دكتاتورية الحزب الواحد – وهي أحد أشكال النظم المستبدة والمندثرة تحت ركام التاريخ – هذه النظم التي تهاوت وسقطت بفعل جدلية التاريخ وقانون الفعل وردّ الفعل وغياب الديمقراطية ومن خلال حصار وتجويع شعوبها , وأبعادها عن ممارسة حقوقها السيادية واحتكارها للسلطة , وعرقلتها للتطور الاجتماعي , والتحول الديمقراطي في أوطانها , وإنتاجها أشكالاً مشوهة ونماذج ممسوخة من ( المؤسسات الديمقراطية الشكلية ) والخالية من المضمون والمحتوى .
لقد سبب الحكام المستبدون الهزائم لأممها عبر تاريخهم الدامي , بعد أن وأدت الديمقراطية الوليدة في بلدانهم واستولت على مفاصل المجتمع ووضعوه رهن إدارة البيروقراطية والانتهازية المنتفعة .
أما النظم المستبدة ؛ فهي توفر مناخاً يسوده الفساد السياسي, والتفسخ الاجتماعي , والفوضى الاقتصادية طيلة عهود حكمها الجائر, وتنهي العمل بالدساتير والقوانين والحريات والحقوق الأساسية , وتغيّب الرأي الآخر والفكر المبدع والموقف المختلف , وبالتالي تقضي على إنسانية الإنسان , وتلغي القيم والمثل العليا من خلال امتلاكها وتوسعها للسجون , وقيامها بممارسة القمع والإبادة وإرهاب الدولة المنظم ضد معارضيها، فتستبيح الأرض والعرض , وتصادر التاريخ , وتعتقل الجغرافيا في حدود السلطات الأمنية , وتختزل الوطن وثرواته في دوائر عائلية ضيقة ، وتبعد المواطن بكل فئاته وشرائحه عن المشاركة الفعلية في الهم الوطني , بل يزج به في معارك وحروب هامشية لا طائل منها , ويكون الخاسر فيها الوطن والمواطن على حد سواء ، غير أن تلك النظم تدرك في قرارة نفسها , أن النصر الوحيد الذي يهمها ويحمي مصالحها , هو التغلب على إرادة شعبها في الداخل , وهذا مسير له ومقدور عليه , مادامت مؤسساته الأمنية المنتشرة في كل مكان لم تمس ، وفي عهدتها السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وبإعلانه الأحكام العرفية وقوانين الطوارئ بحجة المواجهة مع العدو الخارجي ، تكون قد عطل الحراك السياسي والمجتمعي , وأحكم قبضتها على الصحافة ووسائل النشر والإعلام , بمعنى أنها استولت عـلى كل أشـكال ومظاهر الحياة السياسـية , وأقامت على أنقاضها نظاماً دكتاتورياً شمولياً تحت شعارات وطنية براقة لا تغني ولا تسمن عن الجوع .
لا شك بأن الأنظمة الاستبدادية تخشى الديمقراطية ومفاهيمها الإنسانية, وتجد في مؤسساتها الشعبية والجماهيرية المنتخبة العدو اللدود , لضرب وزعزعة مواقعها ومرتكزاتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية , ولأن النظام الديمقراطي ستفقدها مقومات وجودها وأساليبها الانتهازية الوضيعة في جمع الثروات , وتحويل الوطن إلى مزرعة خاصة لآل البيت وبطانة الملك ، لذا تبدي عداءً ظاهراً لمفاهيم الليبرالية والرأسمالية بكل تجلياتها السياسية والثقافية والاقتصادية والعلمية , والتي ساهمت في صنعه جميع شعوب العالم ، فهذه النظم رغم عدائها من حيث الشكل للنظام الرأسمالي الليبرالي ونتاجها المادي والروحي , بذريعة الحفاظ على الأصالة والأخلاق والموروث الديني؛ فأنها أكثر استغلالا واستهلاكاً لهذا المنتوج من أجل أستمراريتها وديمومتها , علماً أن التمسك بالأصالة والقيم في عالم متغير ومتطور باستمرار , لا يبرر هذا السلوك المتناقض في جوهره , ومن الأسلم أن لا يفهم الأصالة على إنها تقوقعاً ولا انغلاقاً على الذات ، وإنما الأصالة هي التفاعل الخلاق مع الحضارة الإنسانية والعمل المستمر لإيجاد مكانة لائقة ومرموقة بين أمم وشعوب الكون قاطبة .
لقد حاولت البرجوازية العربية منذ أواسط القرن الماضي ومطلع القرن العشرين أن تؤسس للنظام الديمقراطي , وتحاول بناء دولتها المستقلة في كل قطر ( سوريا , العراق …) , إلا إنها انهزمت ولم تستطع السير قدماً , بسبب مؤسسة العسكر والجيش العقائدي , والتي استولت على السلطة بالانقلابات العسكرية , مستغلة الشعور الوطني اللاهب للطبقات الفقيرة في الداخل , وبتأييد وترحيب دوليين خاصة من الاتحاد السوفيتي السابق , والدول الاشتراكية في أوربا الشرقية , القائمة على دكتاتورية الحزب الواحد – وهي أحد أشكال النظم المستبدة والمندثرة تحت ركام التاريخ – هذه النظم التي تهاوت وسقطت بفعل جدلية التاريخ وقانون الفعل وردّ الفعل وغياب الديمقراطية ومن خلال حصار وتجويع شعوبها , وأبعادها عن ممارسة حقوقها السيادية واحتكارها للسلطة , وعرقلتها للتطور الاجتماعي , والتحول الديمقراطي في أوطانها , وإنتاجها أشكالاً مشوهة ونماذج ممسوخة من ( المؤسسات الديمقراطية الشكلية ) والخالية من المضمون والمحتوى .
لقد سبب الحكام المستبدون الهزائم لأممها عبر تاريخهم الدامي , بعد أن وأدت الديمقراطية الوليدة في بلدانهم واستولت على مفاصل المجتمع ووضعوه رهن إدارة البيروقراطية والانتهازية المنتفعة .
إن الاستبداد يخلق الفوضى ، ويبعث العداوات ، ويؤجج الصراعات ويكرّس الانقسامات ، ويضعف الشعور الوطني العام والمسؤولية الوطنية , وكما أسلفنا أن النظام الحزب الواحد في الاتحاد السوفيتي السابق رغم هيبته لم يستطع صيانة وحماية حدود جمهوريات وأقاليم(الدكتاتوريات القسرية ) من التفتت والانهيار فتحولت الدولة الاتحادية إلى عدة دول وأقاليم, واندلعت فيها حروب طائفية وعرقية, لأن الوحدة القسرية لا تدوم مهما توفرت لها أسباب القوة والمنعة، وستتداعى أركانها عاجلاً أم آجلاً؛ فالسبيل الوحيد لبناء الوحدة الداخلية الرصينة وصيانة التماسك الوطني, هو الحوار والانفتاح وحرية الرأي والتعبير والفكر, في ظل مجتمع تسوده قيم الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان ولا يقمع فيه الناس من أجل انتماءاتهم القومية وآرائهم السياسية ومعتقداتهم الدينية، بل يترك لهم حرية الاختيار في إقرار مصيرهم بأنفسهم, وبناء دولة هي دولتهم ومجتمع هو مجتمعهم وفق مصالح مشتركة ومنافع متبادلة, وبما يتلاءم وخصوصية الدولة المعنية, دون وصاية أو قمع أو إكراه أو تدخل من أي جهة كانت 0