بهزاد عجمو
في علم النفس السياسي عندما تحاول تخطيط لمشروع سياسي ما يجب أن تأخذ كل الاحتمالات بعين الاعتبار وخاصة الاحتمالات السيئة ووضع الخطط البديلة لاجتياز المعوقات وليس الاتكال على الأحلام والآمال والتمنيات والسياسي الحاذق والمتميز هو الذي يتوقع أسوأ الاحتمالات وتكون الخطط البديلة عنده جاهزة لحل هذه المعضلات أو الالتفاف عليها وفي علم النفس السياسي لا يوجد صديق دائم وعدو دائم فصديق اليوم قد يتحول الى عدو في الغد والعكس صحيح بعد آذار عام2011م دخلت سوريا وروج آفا مرحلة في غاية من التعقيد فتدخل ما هب ودب من الدول في المسرح السياسي السوري دول عظمى ودول صغيرة ودول مجاورة ودول بعيدة بالإضافة الى التنظيمات الإرهابية مثل داعش وأخواتها وتحولت الى ساحة لتصفية الحسابات والذي يدفع الثمن دائماً هو الشعب السوري بكل مكوناته حيث الهجرة والتشرد والجوع وزهق الأرواح البريئة
وبعد مضي ما يقارب تسعة أعوام على هذه الكارثة الانسانية لا زالت الأوراق مختلطة والاجندات مختلفة والمشاريع ضبابية وغير واضحة حتى يصعب على المراقبين معرفة عدد اللاعبين السياسيين في سوريا ولكن تظل امريكا وروسيا أكثر اللاعبين على المسرح ومن خلف الستارة اسرائيل حيث الاثنان يؤتمرون بأوامرها وينقذون أجندتها فهي التي تحرك القوات الأمريكية في سوريا كما تحرك احجار الشطرنج مستمداً قوتها من اللوبي اليهودي سواء في امريكا أو روسيا تاركاً لهم هامشاً صغيراً من المناورة لخدمة مصالحهم في المنطقة كل ذلك على حساب دم الشعب السوري بكورده وعربه فهي التي تقسم الادوار بين الدولتين الكبيرتين فقبل اقل من عامين كان من المعروف ان سوريا مقسمة إلى منطقتي نفوذ منطقة نفوذ غرب الفرات تحت النفوذ الروسي وشرق الفرات تحت النفوذ الامريكي وفي فترة ماضية عندما حاولت القوات الروسية ان تتجاوز منطقة نفوذها قصفتها الطائرات الأمريكية وفي الاشهر الاخيرة نشاهد الدبابات والآليات الروسية تصول وتجول في مدن روج آفا وقلما نشاهد القوات الأمريكية التي تكون على الأغلب متمركزة حول منابع النفط لمنع وصول النظام الى آبار النفط والضغط عليه لتنفيذ شروطه و خروج ايران من سوريا تاركاً الحبل على مغاربه لروسيا حيث تصول وتجول وكأنه يمهد الطريق لتسليمه شرق الفرات برمتها الى روسيا بعد انسحاب ايران والاخطر من ذلك تاركاً لروسيا حرية تجنيد القبائل العربية المؤيده للنظام ومدهم بالسلاح ولم تقدم امريكا للكورد اي ضمانات من أجل نيل حقوقهم القومية والشيء الذي يزيد الطين بلة ويشكل خطراً كبيراً على روج آفا في المستقبل انها تركت عناصر داعش في سجون عدة تاركاً مهمة حراسة هذه السجون لـ ( قسد ) كأن جزيرة روج آفا اصبحت جزيرة غوانتانامو تاركة هؤلاء الهمج من عناصر داعش يعيشون بين ظهراني الكورد ويشكلون خطراً عليهم في المستقبل فهل اصبحت شرق الفرات مكباً للنفايات الذين توافدوا من كل دول العالم وان هؤلاء الوحوش البشرية اذا سنحت لهم الفرصة لن يتوانوا ان يفعلوا بكورد روج آفا كما فعلوا بالكورد الأيزيديين في سنجار وقد ذكرنا سابقاً يجب اخذ كل الاحتمالات بعين الأعتبار فماذا لو انسحبت امريكا قبل الانتخابات الامريكية حيث لم يبق لها الا بضعة اشهر فلا أظن ان قسد ستقدم المنطقة على صحن من ذهب لروسيا والنظام وهذا سيؤدي الى فوضى عارمة سيجد هنا عناصر داعش فرصة للهروب من سجونها .
الاحتمال الآخر ماذا لو قامت تركيا بمهاجمة واحتلال بعض المدن والقرى في روج آفا فهنا ستضطر قسد لتحشيد كل قواتها بما فيها حراس السجون وهنا سيجد عناصر داعش ثغرة للهروب من السجون
الاحتمال الثالث ماذا لو جرى تسوية سياسية في سوريا وهذه التسوية لم تلبي مطالب الكورد هنا ايضاً ستدفع قسد الى خوض حرب مع عدة اطراف عدة وسجون داعش يبقى خنجراً مسموماً في خاصرة الكورد وماذا لو استيقظ ترامب في احد الايام وغرد على هاتفه النقال صباحاً بانه قرر سحب قواته وقد فعلها سابقاً .
لذا فأننا نرى ان أسرى داعش في السجون هي عبارة عن قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في اية لحظة ونقول لشعبنا بان هناك خطر داهم يهددهم رغم معرفتنا بان لا حول ولا قوة لهم وحسبنا الله ونعم الوكيل ونوجه كلامنا للشعب البائس لأننا فقدنا الأمل من السياسيين وليسوا مستعدين ان يسمعوا كلام أحد حيث يعتبرون كل ما يقررونه أو يفعلونه او يقولونه ما هو إلا وحي يوحى .