الانتهازية والفساد وجهان لعملة واحده:

خالد بهلوي 
الانتهازي هو الإنسان الذي يسعى لتحقيق أهدافه، والوصول لغاياته ويحقق مصالحه على حساب الآخرين، بأية وسيلة ولو كانت غير مشروعة، او على حساب مبادئه او حتى تتعارض مع ثوابت وسلوكه.  قد يكون الانتهازي مسؤول رفيع او أديب أو فنان أو رياضي أو إعلامي، فكل مفاصل المجتمع غير محمية للدخول في شبكة الانتهازية والفساد 
فكم من إنسان كان يحمل فكرا نيرا وينتهج نهجا واضحا، فسرعان ما انسلخ عن ذلك وتأقلم وتغير مع واقع جديد، والدافع هو المال؟  مثلما حدث للكثير ممن تسلقوا الثورة السورية فنهبوها وهربوا أموالها. معتقدا بانه انسان ذكي جدا لأنه كرس كل جهده وامكانياته لمصلحته الشخصية وكل شيء لديه قابل للتغيير من معارض درجة أولى الى انتهازي وفاسد درجة أولى.
 الا مصلحته الشخصية فهي ثابتة لا تتغيرولاتتبدل فيبحث عن مواقع ومناصب هنا وغنائم وهناك وعن دور في صناعة التغيير على امل ان يصبح يوما سيدا يأمر وينهي بجوقة من الحراس والمؤيدين والحشم والخدم الانتهازيين امثاله
 الحقيقة هؤلاء يدعون ويتظاهرون إعلاميا بأنهم يعملون على حقوق الشعب ومصالحه المعاشية والاجتماعية لكن الحقيقة عكس ذلك
للاسف  الاستغلال والانتهازية  اصبح شائعا وواقعا ملموسا في الحياة اليومية وصار هاجسا لجمع المال، او الترفع الى مراكز ومناصب اعلي على حساب قوت ومعيشة افراد المجتمع، ومن لا يمارس الانتهازية او لا يحصل على رشوة او اكرامية يعتبر في نظر البعض غبيا او مغفلا، ويبقى فقيرا يعيش دون مسكن او سيارة. ولأقل صدمة  تصادفه مثل وباء كورونا يتدين ويحتاج الى الاخرين لتسديد مصروفه الشهري. في مجتمع اكثريته محكوم بممارسة الانتهازيين والفاسدين والمرتشين على حساب القيم النبيلة والإنسانية والوجدانية في المجتمع.
 أصبح واضحا ان نجاح واستمرار الانتهازيين يستند الى غياب الوعي وحاجة وظروف الجماهير وسائر الكادحين والشغيلة باجر يومي. وتحولت ممارساتهم الى واقع مفروض ومغروز بالمجتمع في عقول وتفكير الاخرين حتى انه اصبح ركنا أساسيا من اركان ثقافة وعلاقات المجتمع.
 لأنها انطبعت في حالة اللاوعي عندهم ويصبح الغريب ان تمر معاملتك على رجل ذو مركز غير انتهازي والاغرب أنك تحاول بحكم الفطرة والعادة ان تحاول وبدون شعور ان تقدم له رشوة او تعرض عليه خدماتك الخاصة! ولا ترتاح نفسيا رغم ان معاملتك قد أنجزت فتشعر  بانها  ناقصة
من خلال التجربة تكتشف ان الممارسة الانتهازية تتناقض وتختلف مع وجود الديموقراطية والعدالة وحكم القانون والمحاسبة والمسائلة القانونية ولا تنتعش الانتهازية في ظل حكومات ديموقراطية تتم فيها انتخاب الهيئات بشكل حر وشفاف ويتم اختيار النزيهين الشرفاء الذين يقومون بدورهم في خدمة المجتمع حتى  لو كانوا خارج المراقبة والمسائلة القانونية.
  ان وجود الانتهازيين أثر بشكل مباشر على علاقات الإنتاج وعلى الإنتاجية لان الانتهازي يهرب من الدوام ومن التزاماته الوظيفية ولا أحد يستطيع محاسبته ويحصل على كل الامتيازات دون ان يساهم في العملية الإنتاجية او يقدم جهد او حتى التزام أخلاقي.
ولان القيادات الحزبية هم من هذا المجتمع فمن الطبيعي ان ينطبع الأغلبية منهم بنفس الطابع،
 طابع الانتهازية واقصد فقط الذين يسعون للوصول الى هرم القيادة والى مواقع المسؤولية والتباهي نظريا بأنهم يدافعون عن حقوق الجماهير والمستضعفين وهم بالواقع لا يخدعون   غير أنفسهم لأنهم لا يخدمون سوى مصالحهم واسرهم والمقربين والموالين لسياستهم.
 الخلاصة ان الانتهازيين كل نشاطاتهم واعمالهم تتحقق بشكل غير صحيح وبطرق ملتوية خاطئة ينبذها الشرفاء والوطنين المخلصين لأنهم يفعلون عكس ما يقولون يبقون محل شبهة واستياء من كل المجتمع. 
  17 أيار 2020

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعيش منطقة الساحل – بحسب ما يردنا من معلومات شحيحة – حالة حصار كبير، بدءاً من قطع الماء والكهرباء والإنترنت، إلى إغلاق الأسواق التي تعرضت محالها للنهب، وصولاً إلى إطلاق نيران القناصة العشوائي على المارة، وهو ما شهدناه سابقاً في منطقة الجزيرة، بل في المناطق الكردية خلال فترة الانتفاضة الآذارية2004، التي حلت ذكراها يوم أمس، بعد…

فواز عبدي   لطالما بدت بعض تصرفات الطغاة في بداياتهم أشبه بالمسرحيات الهزلية أو “لعب العيال” كما يقول المصريون، حتى يظن الناس أن ما يجري مجرد مزحة ستنتهي قريباً. لكن المأساة تبدأ عندما تتحول هذه “المسخرة” إلى حقيقة على أرض الواقع، محمية بقوة السلاح، ومدعومة بدعاية تروج لها كأنها مشروع وطني أو قانون لا يقبل الجدل. كثير من الأنظمة الاستبدادية…

د. محمود عباس هل يرسّخ أحمد الشرع حكمه للأبد؟ أربع نقاط في مسودة الدستور السوري الجديد تهدد الديمقراطية والتعددية في سوريا. مسودة الدستور السوري الجديد، التي وقع عليها السيد أحمد الشرع بصفته رئيس الجمهورية العربية السورية، تمثل خطوة أخرى في مسار تدمير الديمقراطية في سوريا، إذ تؤسس لدستور لن يدوم إلا بقدر بقاء النظام الذي وضعه، تمامًا…

إبراهيم اليوسف تُعتبر الدساتير المرجعية القانونية الأسمى في الدول، حيث تحدد شكل النظام السياسي، وتؤطر العلاقة بين السلطة والمجتمع، وتؤسس لمبادئ المواطنة والحقوق والحريات. غير أن بعض الدساتير، ومنها مشروع الدستور الجديد للجمهورية السورية، التي يقدمها الدستور بأنها” الجمهورية العربية السورية” يحمل في طياته تناقضات جوهرية بين النصوص المعلنة والغايات الفعلية التي تهدف السلطة إلى تكريسها، بتدبير تركي…