دلـدار بـدرخـان
لعل كلمة صدقٍ و حق إذا ما خرجت من فم حصيف و حريص ، ووصلت إلى آذان البُلَهاء من عامةً الشعب سيكون لها أصداءً صاخبة لترتد من أفواههم و تتناهى إلى مسامع قائلها فتدميه وتزيد من جرحه عمقاً و ألماً من نشاذ الأصوات التي ستطعن وتقرع وتشتم قائلها بدون وعي ، وعندها لن تشفع له سنين نضاله وشقائه وتضحياته ، ولعل في شڤان برور العملاق الكوردي الفذ الذي وهب حياته لهذا الشعب إسوة حسنة فيما أبتلانا الله برهطٍ لم يفهموا ولن يفهموا مرامي و نوابغ الكلمات وأوجاع القلوب يوماً .
و لعل هذه المقدمة هي إحدى التكهنات الإستباقية لما سألاقيه كما لاقاه شفان برور وغيره بعد المقال ، والله المستعان وعلى بركته أبدأ .
السؤال الذي لا بد لنا أن نسأله ونكرره دائماً كي نصل إلى جواب شافي للخلل الذي تعانيه الأدمغة في تبعيتها العمياء تارة ، و تطبيق نموذج القطيع في التعامل مع الشعب الكوردي في سوريا وأدلجته من قبل قياداته التي تريد أن تأخذ الشعب إلى حيث ترغب وتشتهي مصالحها من خلال توجيه أنظارهم و تحييدهم عن مشاكلهم و جوهر قضيتهم الحقيقية تارة أخرى .
وبالتالي هل لنا أن نسأل أيهما تُعتبر أولوية بالنسبة لكورد سوريا في الوقت الحالي في ظل ما تتعرض له قضيتهم من أخطار و عواقب جسيمة ، هل الأولوية هي أخبار دولة العراق وتعاملاتها مع الإقليم الذي يمتلك من الخبرات والقدرات والموارد ما لا يمتلكها كورد سوريا للتخطيط والرد ، أم الأولوية هي القضية الكوردية في سوريا التي تترنح و تعاني هزات مدمرة توفز بمستقبل معتم ونهاية غير معروفة ، و هذا ما انتهجته تنظيم العمال الكردستاني ايضاً عندما جعل من أكراد سوريا أداة لضرب العمق التركي الذي لا ناقة لنا فيها ولا جمل كون أكراد تركيا اولى بخصوصياتهم وشؤونهم الداخلية وهم أكثر عدداً منا .
هل الأولوية بالنسبة لكورد سوريا هي منطقة عفرين التي تعاني من الويلات ما لم تعانيه أي منطقة في أي جزء كان في الوقت الحالي والتي ستضيع منا إن لم نتحرك ونجد سبيلاً للحيلولة دون ضياعها ، أم الأولوية هي أخبار البيشمركة و كركوك أو سنجار أوغيرها من المناطق التي تديرها حكومة متّقدة وبرلمان ومؤسسات مدنية وإعلامية منتظمة قادرة على التعامل والرد في الوقت المناسب ، و يحميها جيش منظم وقوي كمؤسسة البيشمركة .
ما رأيكم أن ندخل صفحات نشطاء وإعلاميي وقيادات الإقليم لنشاهد توجهاتهم الحالية ؟ بالله عليكم جربوا وشاهدوا ما شاهدته بنفسي ، ستجدون أن جُلّ إهتماماتهم يصب في مسائل تتعلق بإقليمهم الكوردستاني ، وهذا حق ومصدر فرح وسرور من قبلنا كونهم يهتمون بشؤونهم الداخلية ، ويحاولون أن يطوروا من آدائهم و كيفية حماية مكتسباتهم نحو الأحسن والأفضل ، لذلك لن تجدوا مقالاً واحداً من مقالاتهم وأخبارهم عن منطقة عفرين وما يعانيه أهل عفرين ولا سيما أخبار المجزرة الأخيرة أو مآلات القضية الكوردية في سوريا إلا ما ندر ويكاد لا يذكر أبداً ،
ولكن بالمقابل ماذا لو دخلنا إلى صفحات قياداتنا ونشطائنا ستجد السواد الأعظم من مناشيرهم تتعلق بقضايا إقليم كوردستان والدفاع عنها ، و أخبار تحركات قادات وشخصيات هذا الإقليم ، ومواضيع عن النهج والتمجيد بالقيادة والبيشمركة و التقاط بعض الصور مع قادات كوردستان او مع علم كوردستان في إحدى مؤتمرات دهوك أو سليمانية ، و لن نُداهن إن قلنا بأنك لن تجد أخبار تتعلق بمعضلة عفرين وسري كانية وكري سبي في صفحاتهم ، وهذا ما لاحظته من خلال متابعاتي لهم ، و كأنه نوع من العجز و الهروب إلى الأمام ، أو تخدير الشعب و الإتجار بشعارات في سبيل كسب الود و الحظوة تتماشى مع مصالحهم الشخصية .
و هنا علينا أن نسأل ما الذي تريده إقليم كوردستان من كورد سوريا بالضبط ، وهل يرضيها هذا العرض والمشهد المؤسف والمخزي في آن واحد ؟؟
هل الإقليم بحاجة إلى تنابل وعاهات عملهم التطبيل والتذمير لغايات باتت معروفة .
هل الإقليم بحاجة إلى متسولين يتسكعون على أبوابها لقاء ثناء وتأييد ، أو دعاية هنا و مدح هناك ، أو ملمعين ومبيضين لشخصياتهم السياسية ؟
هل يحتاج الإقليم إلى كوادر إعلامية و محاميين لينشروا أخبار تحركاتهم و يدافعوا عن قضاياهم الخاصة ، ويتاجروا بمكتسباتهم ؟
هل الإقليم بحاجة إلى توابع وقطيع من التائهين و الفاشلين الهاربين من مسؤولياتهم تجاه قضاياهم المصيرية في سوريا .
أم أن إقليم كوردستان مكتفية ذاتياً ولديها محامين وإعلاميين و عقلاء وموارد ، ونخب تُدير وتخطط وترسم المستقبل لهم ، وتطلب مراراً وتكراراً من الجميع أن يلتفتوا إلى شؤونهم وخصوصياتهم الداخلية و يهتموا بها كونهم أحوج الناس في هذه المرحلة إلى الطاقات والعقول ، ولا سيما كورد سوريا كونهم الآن على شفا جرف هار ومعرضون للخطر ويفتقرون إلى الخبرة الكافية في التعامل ، فما بال هؤلاء الذين يُدخلون خياشيمهم المشرئبة في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالإقليم ؟؟ و يبتعدون عن أداء مسؤولياتهم وخصوصياتهم ليصبحوا مجرد توابع تائهة ، ومتسولين على أبواب إقليم كوردستان لا أكثر ولا أقل .