( حياك الله رئيسا لكوردستان )

  كفاح محمود كريم
    
   في رده مؤخرا على صحيفة ( آكشام ) التركية حول امكانية زيارته الى دولة تركيا قال رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني (لن أزور أي بلد مالم أكن مدعواً بصفة رئيس إقليم كوردستان ) وفي حواره مع صحيفة ( الخليج ) الاماراتية قال (لن ازور أية دولة لا تعترف باقليم كردستان ).
   في هذا التصريح الواضح والمباشر والذي يختزل واحدة من أهم قضايا الشعوب في الشرق الاوسط والعالم أجمع ما زالت لم تحقق الحد الادنى لحقوقها الانسانية والاعتراف بها كأكبر أقلية على سطح هذا الكوكب لم تستقل وتحقق مصيرها في دولة على ارضها الممزقة والمشتتة بين بقايا ثلاث امبراطوريات عفى عنها الزمن.
   هذه العقلية والثقافة البائسة في التهميش والاقصاء التي ادت الى حروب وتقهقر وانحدار الى الحضيض في معظم دول الشرق الاوسط وضياع فرص ذهبية وتاريخية لتقدم هذه الدول وشعوبها لولا تلك العقلية الظلامية في التفكير الشمولي الدكتاتوري الذي جعلها في دوامة من الحروب مع شعوبها ومكونات مجتمعاتها وفعالياتها السياسية والديمقراطية، ولعل العراق واحد من تلك الدول الذي ما زال ينزف دما ودموعا بسبب تلك العقلية المنغلقة والاحادية في التفكير والسلوك والممارسة مما جعل واحدا من أغنى بلدان العالم بثرواته ومياهه وأرضه وانتاجه الزراعي افقرها وأكثرها تخلفا في معظم مناحي الحياة، هذا البلد الذي احتضن اكثر الحضارات تأثيرا في توجيه تطور البشرية واكثرها عمقا في التاريخ، يأن اليوم جروحا وديونا وتذابحا وفقرا وفسادا وربما سيحتاج سنوات طويلة قبل أن ينهض ويداوي جروحه.
   وليس دول الجوار بأحسن حال منه، وإن بدت الان قياسا به أكثر استقرارا، لكنها ستدفع هي الاخرى فاتورة تلك العقلية المتخلفة والبائسة في تهميش الاخرين ومحاولة الغائهم او عدم الاعتراف بهم، وربما قد أضاعت فرصا كثيرة في تطورها أو انتمائها الى العالم المتحضر، طالما لم تجري اصلاحا وتحديثا في نظامها السياسي الاحادي البسيط والاعتراف بمكونات دولها العرقية والقومية والثقافية بما يؤهلها للحاق بركب المتحضرين في عالم اليوم.
   في العراق وبعد اكثر من ثمانين عاما سقطت دولة العرق الواحد والحزب الواحد والمذهب الواحد ليس لأن الولايات المتحدة احتلت هذا االبلد فسقط نظامه، بل لأنه كان نظاما متهرءاً ومنخورا من داخله بفساده وعجزه وانهيار مؤسساته الاساسية واعتماده على عصابات من الامن الخاص والمخابرات وميليشيا حزبه الفاسد، وتهميشه للصوت الاخر والمكون الاخر والرأي الاخر.
   ورغم نافورات الدماء التي يصنعها بقايا النظام وعصابات المافيا القادمة من الزوايا المظلمة في عواصم الجوار وما بعد الجوار فان عراقا جديدا ينهض أساسه الاعتراف بالآخر وبمكونات العراق القومية والدينية، عراقا ديمقراطيا تعدديا اتحاديا سيشق طريه وسط هذا التقهقر لقوى الظلام.
   حقا انهم سيتقهقرون اولئك الذين لا يعترفون بنور الشمس وفرسانها وستنتصر دوما ارادة الشعوب وستبقى الشمس تنير الارض اعترف بها الظلام ام لم يعترف !
   حقا يا رئيس كوردستان لن تتشرف اي دولة في العالم تحاول اقصاؤنا او تهميشنا بزيارتك لها مالم تعترف وتقر بوطنك وبشعبك الكريم المتحضر.
   تحية لك ايها الاخ الكبير رئيس اقليم كوردستان العراق.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…

كلستان بشير الرسول شهدت مدينة قامشلو، في السادس والعشرين من نيسان 2025، حدثا تاريخيا هاما، وهو انعقاد الكونفرانس الوطني الكوردي الذي انتظره الشعب الكوردي بفارغ الصبر، والذي كان يرى فيه “سفينة النجاة” التي سترسو به إلى برّ الأمان. إن هذا الشعب شعبٌ مضحٍّ ومتفانٍ من أجل قضيته الكردية، وقد عانى من أجلها، ولعقود من الزمن، الكثير الكثير من أصناف الظلم…

إبراهيم اليوسف ما إن بدأ وهج الثورة السورية يخفت، بل ما إن بدأت هذه الثورة تُحرَف، وتُسرق، وتُستخدم أداة لسرقة وطن، حتى تكشّف الخيط الرفيع بين الحلم والانكسار، بين نشيد الكرامة ورصاص التناحر. إذ لم يُجهَض مشروع الدولة فحسب، بل تم وأده تحت ركام الفصائل والرايات المتعددة، التي استبدلت مفردة “الوطن” بـ”الحيّ”، و”الهوية الوطنية” بـ”الطائفة”، و”الشعب” بـ”المكوّن”. لقد تحولت الطائفة…