الكرد موجودون في السماء، إنما على الأرض فلا

 كردو- باكسي
تبعاً للميثولوجيا الكردية القديمة، عندما يبصر طفلٌ النور، تظهر نجمة خصوصاً من أجل روحه في السماء بالمقابل.ففي السماء لكل امرىء نجمته. وهذه ظاهرة جميلة، وعند رحيل أحدهم عن الدنيا، تتلاشى نجمته كذلك.
لماذا أتحدث عن النجوم، في يوم فائض بالمطر في ستوكهولم؟ هناك علاقة بين النجوم والسياسة التركية.
قبل مدة، قال رئيس الجمهورية عبدالله كُول، في الطائرة، هناك كردٌ في تركيا، ويجب حلُّ القضية الكردية في تركيا بطريقة سلْمية، وأردف قائلاً، أنه قريباً، سوف يخطو خطوات فعالة في هذا الجانب.
ورئيسة الحكومة التركية الأسبق تانسو تشيلر، في سنوات 1990، تحدثت في طائرة حكومية، بطريقة إيجابية عن القضية الكردية، قائلة: يجب حل المسألة الكردية وفق نموذج الباسك “، حينها كانت كلمات تانسو تشيلر صادمة كثيراً، حيث هزَّت الترك وتركيا.
لقد سخط البعض على تانسو تشيلر وكلماتها، إلى درجة أن بعض الجنرالات الترك طرقوا باب منزلها، وأعلَموها تحت التهديد والوعيد، بلزوم التخلّي عن كلمات كتلك التي تفوَّهت بها.
وبغْية الحفاظ على الكرسي ورئاسة حكومتها، تجاوبت مع رغبات الجنرالات، ونسيت قضية عشرين مليون كردي، ونحّتها جانباً.
وفق نموذج الباسك في إسبانيا، حُفِظت حقوق الباسكيين بناء على القانون الأساسي. إن لغة الباسك حرّة ورسمية، ولهم قنوات تلفزتهم، وكذلك برلمانهم.
لو أن كلمات تانسو تشيلر التي قالتها في السماء، تحقٌقت فعلاً، لكان للكرد ، اليوم، في إقليمهم، برلمانهم، ولكان اسمه برلمان كردستان. إنما، وكما أسلفت، كانت كلمات تانسو تشيلر وقتذاك، ثقيلة جداً.
نعم، لقد تحدثتُ عن رئيس الجمهورية التركي عبدالله كُول. اليوم، يزداد مصداقيةً لكلماته التي قالها في السماء. تُرى، هل سيتصرف مثل تانسو تشيلر، وسيندم على كلماته تلك. سوى أنه تفوَّه بكلمات إيجابية في السماء، إنما حين ذهب إلى أنقرة، صمت في بيته، ولم نسمع منه أكثر مما سمعنا.
مجدداً، يربطون القضية الكردية بالإرهاب، ولا يقبلون بالهوية الكردية في قوانينهم، وينزعون كلمة ” كردستان ” أيضاً من قناتهم التلفزيونية TRT-Şeşê.
ما حكمة هذا الإجراء، لا أعرف. إنما ليحدث ما يحدث،  والقضية الكردية لا تنزل من السماء، ولا تلامس وجه الأرض. إذ كلما انحدرت القضية الكردية من السماء، واقتربت من وجه الأرض، الجميع في تركيا يصبحون قوميين متطرفيين، وينسون حقوق الكرد.
هذه السياسة غير فالحة، على الدولة التركية، اليوم قبل الغد، وبصورة أسرع، أن تعرف اهوية الكردية، وألا تخادع الكرد بالألاعيب الصغيرة. ها هي 85 سنة، وتركيا تراهن على سلاح الصهر القومي، سوى أن الكرد لم يتلاشوا. فثمة الملايين الكرد وهم يحرسون هويتهم، ويفتخرون بها.
إن لم يتَّبع ذوو السلطة في أنقرة سياسة وحواراً إيجابيين مع الكرد، حينها، سيندفع الكرد جميعاً، ساكبين نجومهم وتلك التي لآبائهم وأجدادهم ممزوجة بالنار والحمم على طغيان أنقرة .*
النقل عن الكردية: إبراهيم محمود
*-نقلاً عن موقع Nefel ، ونشِر المقال بتاريخ 11-6/ 2009، وكاتبه كردو باكسي، من كردستان الشمالية ” من باتمان ” ومواليد 1965، ومقيم في السويد . أما عن مغزى ترجمة مقال وبيننا وبين تاريخ نشره، أكثر من عقد زمني، فلأن وعود ذوي السلطة في تركيا مازالت مؤجَّلة، وذووها يطلقون وعوداً في السماء، بينما الأرض تحتهم تلتهب، وأبعد من ” حدودهم “، والكرد لم يندفعوا بعد بحممهم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…