لا يلدغ المؤمن من … (انتخابات) مرتين

  رأي الديمقراطي

عندما قررت الأحزاب الكردية المتمثلة بالتحالف والجبهة ومعها قوى وأحزاب إعلان دمشق مقاطعة انتخابات مجلس الشعب مطلع العام الحالي ,كان ذلك نتيجة لتجارب عديدة ومريرة على مدى عشرات السنين ثبت من خلالها أن تدخلات الجهات السلطوية تفرغ الانتخابات من أي مضمون أو معنى لها وإنها لم تكن سوى غطاء لتعيين من تريد السلطة تعيينهم وإقصاء من لا تريد لهم  الوصول إلى قبة البرلمان
ومع ذلك أصرت بعض الأحزاب الكردية الاستمرار في حملات الدعاية والترشيح حتى عشية يوم الاقتراع ومن ثم أعلنوا الانسحاب والبعض الآخر هم أيضا انسحبوا بعد بدء عمليات الاقتراع ببضع ساعات في اليوم الأول..

وبالتالي تبين أن رأي المقاطعة كان هو  الأصوب وخاصة بعد إعلان النتائج وإيصال أناس إلى البرلمان كان قد تم تعيينهم مسبقا ,وبرغم ذلك لم تتعظ هذه الأحزاب فقد أصرت أيضا على أن تخالف الإجماع الكردي  لتشارك في انتخابات مجالس المحافظات والبلديات ولم تحصد نتائج أفضل مما سبق وهنا لابد من إبداء بعض الملاحظات على موقف هذه الأحزاب من باب النقد والرأي الآخر
ليس إلا..
فحتى لو كان مبدأ المشاركة صحيحا إلا أنه من المؤكد تماما أن النتائج التي كانوا يتوقعون إحرازها لم تكن تستحق أبدا أن ينسفوا من أجلها وحدة الكلمة والصف الكردي,ناهيك عن أن المزاج العام للجماهير ليس فقط في الوسط الكردي وإنما في الوسط العربي أيضا كان يميل إلى المقاطعة بسبب إفراغ السلطات العمليات الانتخابية من أية مصداقية  أو معنى نتيجة للتدخل في كل مفاصلها ونتائجها وقد كان ذلك واضحا جدا من المستوى المتدني للإقبال على صناديق الاقتراع .

فكيف إذا يمكن الإدعاء بتمثيل الجماهير والدفاع عن مصالحها في حين أن الجماهير نفسها عزفت عن المشاركة في هذه الانتخابات ,فربما كان مثل هذه المشاركة مجدية وممكنة من أواسط السبعينات حتى أواخر التسعينات حيث شاركت الحركة الكردية في كثير من الأحيان بهدف فرض وجودها السياسي على الساحة الوطنية وتوطيد علاقتها وقيادتها لجماهيرها إلى جانب أن الفرصة كانت أفضل من الآن لتحقيق مكاسب انتخابية مثلما حصل بالفعل في الدورة التشريعية لعام 1990 عندما استطاعت الحركة الكردية ومن ورائها الجماهير الكردية إيصال ثلاثة نواب إلى مجلس الشعب ولكن ومع كل الأسف فإن التراجع الذي حصل بعد تلك الدورة بحيث أقفل الباب نهائيا أمام أي منفذ للديمقراطية في العملية الانتخابية أصبحت المشاركة الآن تعطي مفعولا عكسيا لأنها تعني لعب دور (شاهد الزور ) على وجود أجواء تنافسية حقيقية ولكن في الدعاية والترشيح فقط وليست النتائج وقد تعطي المشاركة مصداقية لانتخابات هي ليست انتخابات في الحقيقة والواقع ..
إننا في الحقيقة نستغرب كيف إن البعض في الوسط الكردي يصرون دائما على أن يبقوا خارج السرب، دون أن يعطوا حتى ذلك القدر من آمالهم بتحقيق مكاسب من مشاركتهم في هكذا انتخابات لوحدة الصف والكلمة بين الأحزاب الكردية وهذا القدر هو الصفر طبعا..


أما الأمر الأكثر غرابة وغير المعقول تماما ، هي الاحتفالات التي أقيمت بعدم نجاحهم ، والأكثر استهجانا هو لجوئهم الى التعاون مع من كانوا هم يطلقون عليهم سكان ( المستوطنات ) المغمورين في أكثر من مكان ( التنورية مثلا )، فقد شكل ذلك منتهى الاستهتار بمشاعر الكرد ضحايا الحزام العربي ..


وإننا لا نتمنى أن يفهم منا بأن المقاطعة هي خيار من أجل المقاطعة وحسب وإنما السبب في ذلك يتعلق بمن يملك مفاتيح القرار السياسي ومن جعل نسبة الديمقراطية في الانتخابات تساوي قيمة الصفر بدلا من أن يجعلوها ميدانا ومناسبة للتنافس النزيه بين الجميع لخدمة الوطن والمواطن .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…