لكن ماذا لو أجهضت الجهود التي توصلت الى رؤية سياسية مشتركة ؟!

  نشرة يكيتي *

يمكن القول أن من أكبر الإنجازات التي توصلت إليها الأطر الثلاث (الجبهة الديمقراطية الكردية، التحالف الديمقراطي الكردي، لجنة التنسيق الكردية) – عدا حميد درويش- في هذا الظرف الحساس هو التوصل إلى إنجاز رؤية سياسية مشتركة، تعد بحق مدخلاً إلى تقارب جدي بين معظم فصائل الحركة الكردية حول القضايا الأساسية والاستراتيجية من جانب، وتؤسس لحالة أكثر استقراراً ووضوحاً وتصالحاً مع الذات أولاً ومع الآخر ثانياً من جانب آخر.

وهذه الرؤية السياسية المشتركة رغم ضرورتها في هذه المرحلة الدقيقة، لكنها من ناحية أخرى تشكل جوهر الأماني والآمال لجماهير الشعب الكردي في كردستان سوريا.

وثمة حقيقة واضحة أصبحت معروفة لدى الجميع، وهي أن التلاعب بالمصطلحات وضبابية المواقف، والدفع باتجاه اليأس بحيث لا يبقى للنضال من أجل الحياة معنى أو قيمة، بذرائع واهية للقفز فوق الاستحقاقات المرحلية، وتعبيراً واضحاً عن العجز في مواجهة سياسة القمع والاستبداد، لم تعد تنطلي على أحد، لأنه ببساطة بلغ الاحتقان السياسي والأمني أوجه، وصار الانتماء الحقيقي للقيم والبرامج والنضالات التي تكرس مفاهيم أخلاقية وإنسانية راقية، تقوم على أسس من العدل والمساواة والسلام، واحترام كرامة الإنسان، وصون حقوقه القومية والوطنية، وحقه في الحياة، سبيلاً لإزالة الاستبداد والاحتقان السياسي الذي لا يمكن في ظله أن يعيش البلد في أمن واستقرار.
وبما أننا في سوريا نعيش مخاضاً بين حكم يرفض الإصلاح والتداول والتنوع والاختلاف والاعتراف بالآخر، وبين معارضة هشة أسيرة أيديولوجياتها ولا تملك مقومات المواجهة، ومن ثم التغيير الديمقراطي بوسائل نضالية حضارية، فقد بات ضرورياً الإسراع في إعلان هذه الرؤية السياسية المشتركة التي طالما انتظرتها جماهير شعبنا الكردي وأصدقاؤنا، ومن ثم البحث الجاد عن السبل والوسائل الكفيلة بإنجاز هذه المهمة (المسؤولية التاريخية) وتتويجها بالوصول إلى مؤتمر وطني كردي شامل، يؤطر ويؤسس لحالة أكثر رقياً.

ولكن تجدر الإشارة هنا بأن (حميد درويش) الذي اعترض أصلاً ومنذ البداية، على هذه الرؤية بحجج وذرائع واهية لتبرير رفضه للموقف والخطاب السياسي الكردي الموحد في مواجهة السلطة من جهة، وفي الحوار مع المعارضة الوطنية في البلاد من جهة أخرى، لأنه الآن –وبعد كل هذه التطورات- يعد آخر القلاع المنهارة دفاعاً عن هذا النهج الانبطاحي المهادن، يحاول بكل الوسائل وأد هذه الرؤية كي لا ترى النور، وهذا الموقف المعهود تاريخياً من هذا الفصيل لا يخفى على أحد.

ولكن من المؤسف حقاً هو مسايرة بعض الفصائل لهذا الموقف الذي لا يتوانى عن وضع العراقيل أمام هذا المشروع (الإنجاز التاريخي) ومحاولة إرضائه ولو كان ذلك على حساب الثوابت والحقائق التاريخية لهذا الشعب العريق الذي يعيش على أرضه التاريخية، ومحروم من جميع حقوقه القومية.

ولهذا يبقى السؤال البديهي والملح والمانع من نشر هذه الرؤية السياسية المشتركة؟ وإعلانها (بشرى) لجماهيرنا الكردية وصوناً لحقوقنا القومية، كما أنه ليس من مصلحة أحد التراجع عما تم الاتفاق عليه إرضاء لأي كان، لأن المصلحة القومية المتجسدة في هذه الرؤية فوق كل اعتبار.
——
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا العدد (148) آب 2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…