المرحلة… ووحدة الصف الكوردي

عزالدين ملا
ما إن بدأ الهجوم التركي على سري كانييه وكري سبي، ظهرت أصوات تنادي إلى وحدة الصف الكوردي، وكأن الكورد ليسوا قاطنين في مكان واحد، فمنذ ان انطلقت شرارة الثورة السورية في درعا وامتدادها إلى كامل الأرض السورية عامة والمناطق الكوردية خاصة، بدأ حضور الكورد بالانتعاش لِما لهم من تأثير في سوريا المستقبل، وكان هناك من ينادي إلى رص الصفوف وتوحيد الرُؤى الكوردية، وظهور تحركات كوردية على مختلف الصُعد، حيث ظهر توحيد الحركة الكوردية في البادئ من خلال لملمة الجميع ضمن أطرة سياسية واحدة وهو المجلس الوطني الكوردي، ولمواجهة هذا الاتحاد الكوردي، بدأ اولى الشرخ الكوردي عندما ظهر طرفٌ آخر، عمل على تشكيل مجلس غربي كوردستان هو (ب ي د)، ولحسابات شخصية واجندات إقليمية، وعدم الرضى عند العديد من الأحزاب والشخصيات داخل المجلس، انسحب هؤلاء من المجلس وانضموا لمجلس غربي كوردستان أو الوقوف على الحياد.
 في هذه الإثناء ولضرورات مرحلية كوردية، وخاصة ما كان يدور على الساحة السورية عامة من تضارب لمصالح الدول الإقليمية والعالمية، نادى الرئيس مسعود البارزاني إلى ضرورة توحيد الصف الكوردي، فانبثق عن نداء البارزاني، خروج الطرفين باتفاقية هولير ١ وتشكيل الهيئة الكوردية العُليا، وكانت هذه الاتفاقية بمثابة ضمان حقيقي لكافة متطلبات الكورد القومية والوطنية ضمن إطار الوحدة السورية، ولكن ما إن عاد الوفود إلى كوردستان سوريا حتى تنكر مجلس غربي كوردستان و(ب ي د) لتلك الاتفاقية وضربها بعرض الحائط لغايات بعيدة كل البعد عن حقوق الكورد. 
لكن نداء الرئيس مسعود البارزاني استمرَّ، لمعرفته ان ضمان حقوق الكورد تُكمن بوحدتهم، فكانت اتفاقية هولير ٢ ودهوك، ولم ينفذ أي من بنودها. واستمرَّت الحال في هذا الشرخ، حيث استخدم مجلس غربي كوردستان و(ب ي د) مختلف الممارسات والاساليب الترهيبية والاستبداد ضد المجلس والشعب الكوردي من اختطاف واعتقال لقيادات وكوادر المجلس الوطني الكوردي واغلاق مكاتبه وحرقها، بالإضافة إلى الاستيلاء على أملاك اعضائه، والتجنيد الاجباري وفرض ضرائب واتاوات على المواطنين، حتى وصل بهم الأمر الى فرض سياسات تعليمية غير مدروسة، مما أجبر آلاف الكورد إلى الهجرة والنزوح، فكان نتائج سياستهم، شتات الحركة السياسية الكوردية، والخسارة الكبرى في عفرين وسري كانية وكري سبي. رغم كل تلك الممارسات بقي المجلس متمسكاً بموقفه السلمي، ولم يبادر بالمثل ضد أخيه الكوردي، بل تحمَّل قياداته وكوادره هذه الممارسات، وأصرّوا على استمراريتهم في الطرق السلمية لمواجهة الآلة الاستبدادية لـ ب ي د من جهة، والمطالبة بحقوق الكورد في كوردستان سوريا بطرق دبلوماسية في المحافل الدولية. 
الآن، وبعد تلك السياسات الفاشلة لمجلس غربي كوردستان و(ب ي د)، يخرج إعلامهم بأن وحدة الصف الكوردي السبيل الوحيد لضمان حقوق الكورد، لماذا الآن؟ أسئلة يتوجب علينا طرحه، هناك من يأتي ويقول، المرحلة لا تستوجب المحاسبة وفتح ملفات قديمة. صحيح، ولكن هناك مناخات يتوجب من الطرف المعتدي تهيئته، وإيجاد أرضية الثقة، فكان إعلان المجلس الوطني الكوردي بفتح مكاتبه بادرة حسن نية نحو توحيد الصف والموقف الكوردي. والأكثر من ذلك هو توحيد الرؤية الكوردية بما يضمن حقوق القومية والوطنية المُحقّة والمشروعة للكورد في الدستور سوريا المستقبل، وكما نعلم هناك ثوابت للقضية الكوردية لا يمكن التنازل عنها، والأيام القادمة كفيلة بنية كل طرف.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…