المحامي عماد شيخ حسن
نشر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بتاريخ الثاني من آذار ٢٠٢٠ عبر موقعة الالكتروني تقرير لجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا حول أحداث و مجريات الوضع في سوريا خلال الفترة الممتدة ما بين ١١ تموز ٢٠١٩ و حتى ١٠ كانون الثاني ٢٠٢٠ ، و سيقدّم التقرير الى مجلس حقوق الانسان أثناء دورة انعقاده الثالثة و الاربعون ما بين ٢٤/٢/٢٠٢٠ الى ٢٠/٣/٢٠٢٠ .
و بنظرة سريعة على التقرير نجد بأنه و بإختصار شديد ما زال كسابقاته من التقارير هزيلاً و بعيداً كل البعد عن نقل حقيقة و صورة واقع الحال و طبيعة الممارسات التي ترتكب من كافة اطراف النزاع في سوريا ، و عن التوصيف الدقيق و الصائب و لا سيما في الجانب القانوني منه لتلك الممارسات و مسؤولية مرتكبيها .
فلجنة التحقيق تؤكد بذاتها من خلال التقرير بدايةً بأنها ما زالت عاجزة عن الوصول ميدانياً الى مناطق النزاع و الوقوف على حقيقة الاوضاع مباشرة و عن كثب .
اما فيما يتعلق بأبرز النقاط التي وردت في التقرير و باختصار شديد فهي :
– بخصوص القوات الحكومية السورية او الموالية لها ، هناك ما يثبت بأنها مارست مرارا و تكرارا و ما تزال تمارس جرائم حرب بحق المدنيين في مختلف مناطق الصراع في سوريا و لا سيما في ادلب .
– هناك ما يدعو للاعتقاد بأن القوات الروسية (و لا سيما سلاح الجو الروسي ) لم تحترز و أقدمت على قصف متكرر لنقاط مدنية في ادلب و تسببت في اصابة و قتل مدنيين ، و لم تكن تلك النقاط اهدافا عسكرية أو قريبة منها .
– جماعات المعارضة السورية المسلحة بمختلف مسمياتها كتحرير الشام و الجيش الوطني السوري ، ترتكب جرائم حرب في مختلف المناطق و بحق المدنيين من كافة الفئات و تقوم بتجنيد القاصرين و تمارس العنف و التمييز ضد المرأة و تمارس فصائل ما يسمى الجيش الوطني السوري تحديدا في عفرين جرائم قتل و اعتقال و اختطاف و تعذيب و سلب و نهب و مصادرة الاموال و الممتلكات و و ارغام المدنيين على اخلاء مساكنهم في عفرين و سواها من مناطق شرق الفرات و اسكان الغير فيها أو مشاركتهم سكناها .
مع الاشارة الى ان اغلب من تجري في حقهم تلك الممارسات هم الكورد .
– فيما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية و وحدات حماية الشعب ، فأبرز ما اشار اليه التقرير بخصوص تلك القوات هو انها ما زالت تقوم بتجنيد القاصرين في صفوفها رغم الاتفاقية التي ابرمتها مع الامم المتحدة بهذا الصدد و تعهدت بموجبها بعدم ممارسة ذلك .
– نأتي الآن الى الاهم و الابرز حيال التقرير و ما شابه من عيب و قصور واضح و فاضح كعادته و سابقاته من تقارير اللجنة ، و الذي يتمثل في تحاشيه مجدداً الخوض في واقع و طبيعة الدور التركي و ممارساته في سوريا عموما و في عفرين و غيرها من المناطق ذات الخصوصية الكوردية تحديداً .
فالتقرير و ان اشار الى ما ذكرناه أنفاً من ممارسات في عفرين و غيرها من المناطق المحتلة من قبل تركيا ، و أشار ايضا الى ان العملية التركية ( نبع السلام ) قد ادت الى نزوح ما يزيد عن ١٧٥٠٠٠ انسان من مناطقهم و مورست خلالها جملة من الانتهاكات و الجرائم كجريمة الاعدام الميداني لهمرين خلف ، إلا أن الغريب و المهين و الفاضح في ذلك كله هو أنه أي التقرير نسب كل ذلك الى الفصائل المسلحة دون ان تؤكد أو تشير حتى و لو بجملة او عبارة حتى الى ارتباطها و تبعيتها لتركيا و دون ان تشير الى أدنى مسؤولية لتركيا بالتالي عن تلك الجرائم و الممارسات ، علما بأن تركيا مارست جملة كبيرة من تلك الجرائم و بصورة مباشرة .
و اكتفى التقرير فقط بالاشارة الى انه لم تتم معرفة ما اذا كانت لتركيا دور أو علم بما ارتكبته الفصائل او الجيش الوطني السوري و كان كان ينبغي لها ان تعلم بما ارتكبته .
هذا كله الى جانب اغفال التقرير تماماً لجملة الفظائع التركية التي تطال الكورد و واقع النازحين و مخيمات النزوح و التهجير القسري و سواه من صور الابادة الجماعية التي تمارسها .
في الختام لا يسعني الا ان اعبر عن أن واقع لجنة التحقيق و تقريرها ليس الا تعبيراً و مرآة للواقع المريض و العاجز و البائس لهيئة الامم المتحدة و آلياتها ككل .
ألمانيا ٣/٣/٢٠٢٠
——————-
إذا اعجبتك المادة يرجى مشاركتها مع اصدقاءك من خلال النقر على رموز وسائل التواصل الاجتماعي في اعلى الصفحة