زهرة أحمد
” البارزاني روح كوردستان “
” البارزاني : كوردستان ” الثنائية المقدسة في اتحادها اللامتناهي، في روح النضال والحرية، في قواميس للتضحية والفداء.
ستجد اسم البارزاني شامخاً، مشرقاً، كلما بحثت عن كوردستان بين صفحات التاريخ النضالي، الشمس التي أضاءت سماء كوردستان في إشراقاتها التي لن تغيب ابداً.
القائد الأسطوري الذي اختزل التاريخ في نضاله المشرف، وتضحياته السامية، ونهجه المقدس.
البيشمركة البطل الذي يرى في البيشمركايتي الشرف العظيم.
إنسانيته الفاضلة حطمت عهود مظلمة من حقد المستبد، نضاله القومي أينع كوردستانياً، فكان نهجه نبراساً وخارطة النضال الكوردايتي .
النضال المقدس للبارزاني الخالد يفوق التاريخ، مع ذلك كان لا بد من ذكر بعض الجوانب المقدسة من السيرة البطولية لأسطورة الجبل:
ولد من رحم الكوردايتي المتأصلة في بارزان قلعة الصمود عام 1903 عانق طفولته في رحاب الفضائل، في بيئةٍ دينيةٍ ووطنية.
تولى رعايته شقيقه الشيخ عبدالسلام البارزاني و الشيخ أحمد البارزاني .
وقع مع والدته البطلة وآخرين من الناس العزل في بارزان أسرى بأيدي الأعداء في إحدى المعارك التي وقعت عام 1906 و كان عمره (3 سنوات) حيث سجن البارزاني، الطفل الأسير مع والدته في سجن الموصل.
أدرك وهو طفل عمق التراجيديا في سجنه. عرف مدى شوفينية الأعداء ودكتاتوريتهم، ليتعمق في روحه البريئة حب الحرية والكرامة الإنسانية.
بعد ذلك اُطلق سراحهم بضغط من الشيخ عبدالسلام البارزاني.
من طفل سجين إلى قائد شاب، وزعيم بطل، قاد حركة التحرر الكوردستانية بشجاعة وحنكة لا مثيل لها، أجبر أعداءه على الاعتراف بحقوق شعبه، محققاً مع البيشمركه الأبطال مكتسبات مخضبة بالدم شكلت أساساً متيناً لملامح كوردستان القادمة.
بعد استشهاد عبد السلام تولى شقيقه الشيخ أحمد البارزاني زعامة بارزان فتولى رعاية أشقائه ومن بينهم الطفل مصطفى، و قد سار الشيخ أحمد على نهج شقيقه الراحل عبدالسلام، على النهج الثوري النضالي، من أجل حقوق شعبه المشروعة.
ساند الثورات الكوردية في أرجاء كوردستان المطالبة بحقوق الشعب الكوردي، متخطياً بذلك حدود المؤامرات الدولية.
كانت بدايات نضالية مشرفة لملا مصطفى القائد، فكانت كوردستان تركيا وجهته الثورية لتنحت خلودها في صفحات التاريخ، حيث أرسل الشيخ أحمد شقيقه الملا مصطفى البارزاني إلى كوردستان تركيا لزيارة الشيخ سعيد بيران وذلك عام 1920 للتنسيق معه في ثورته .
أما السليمانية، مدينة الفداء والتضحية، فكانت وجهته الثورية عام 1920 حيث أرسل الشيخ أحمد شقيقه الشاب الملا مصطفى البارزاني على رأس قوة مؤلفة من 300 مقاتل إلى مدينة السليمانية لمساندة ثورة الشيخ محمود الحفيد .
ثورة بارزان الأولى بين عامي ” 1931-1932″ :
كانت المحطة الأكثر إشراقاً، فقد برز المناضل مصطفى البارزاني كقائد عسكري محنك وقائد جسور، قاد القوات البارزانية للدفاع عن محور ” ميركه سور – شيروان ” لمحاربة القوات البريطانية.
حيث وقعت عدة معارك شرسة بين الطرفين الغير متكافئين، تكبد فيها العدو خسائر فادحة، أبلى الثوار بلاءً حسناً بقيادة القائد الشاب الملا مصطفى البارزاني فذاعت شهرته كقائد و مقاتل بطل و لقي كل التشجيع من الشيخ أحمد البارزاني.
العدو لا يعرف سوى منطق القوة والغدر والإنكار الإقصائي لحقوق الشعب الكوردي، فقد تأصلت الشوفينية في تاريخه المشوه بالاستبداد، واجه أعداؤنا الثورة بكل أشكال العنف المسلح، لكن الإرادة البارزانية المفعمة بالنضال بقيت شامخة تستعيد قوتها بعد كل حين، إيمانها بمشروعية حقوقها يزيدها قوة وإصراراً، لتكون انطلاقة أقوى لثورة جديدة، فكانت ثورة بارزان الثانية عام 1943.
استأتف ملا مصطفى البارزاني النضال والكفاح المسلح ضد القوات العراقية المدعومة بريطانياً لتحقيق المطالب القومية المشروعة للكورد فالتف حوله الشعب الكوردي لتشمل الثورة مناطق واسعة من كوردستان، واستمرت لغاية 1945 فكان القتال دامياً غير متكافئ بين قوات البيشمركة والقوات الحكومية، حقق فيها الثوار انتصارات كبيرة اضطرت بريطانيا والحكومة العراقية على وقف القتال ومعالجة القضية الكوردية بالحوار الهادئ والمفاوضات السلمية.
بعد المفاوضات والوصول إلى اتفاقية تضمن حقوق الشعب الكوردي، نكثت الحكومة مرة أخرى بكل بنود الاتفاقية ليعود القتال وتشتعل الثورة من جديد .
البارزاني الجنرال في جمهورية مهاباد:
في 22/1/1946 وفي ساحة الشموخ جار جرا وتحت ظل العلم الكوردي والنشيد القومي تم الإعلان عن جمهورية كوردستان الديمقراطية في إيران وعاصمتها مهاباد برئاسة بيشوا قاضي محمد.
وخلال مراسيم إعلان جمهورية كوردستان في مهاباد بكوردستان الشرقية، تم تعيين ملا مصطفى بارزاني الذي كان واقفاً على يمين القاضي محمد، قائداً لجيش جمهورية كوردستان و منح رتبة “جنرال” وأنيط بالبارزانيين دعم الجمهورية والدفاع عنها.
لعب البارزاني وقواته دورا فعالا وبطوليا في الدفاع عن هذه الجمهورية، قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن هذا الكيان القومي .
لكن ؟ المصالح الدولية والاتفاقيات السياسية الاقتصادية، رسمت خارطة لتحالفات، كانت أحلام الكورد ضحيتها، ووئدت جمهورية مهاباد في مهدها، الجمهورية الفتية التي لم تر النور سوى ثلاثمائة وثلاثين يوما.
لم تكن المصالح الدولية والإقليمية لصالح حركات التحرر وقوى السلام والشعوب المضطهدة، بل ساهمت في تعزيز الاستبداد والدكتاتوريات على حساب حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
سقطت جمهورية مهاباد، كانت قرباناً لتلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية.
وفي 31 آذار 1947 أعدم رئيس الجمهورية قاضي محمد وشقيقه صدر وابن عمه سيف وزير الدفاع في الجمهورية والعشرات من قادة ومناضلي جمهورية مهاباد.
بعد سقوط جمهورية مهاباد واصل البارزانيون بقيادة المناضل مصطفى بارزاني رئيس الأركان في حكومة مهاباد قتال القوات الإيرانية، وتعرضت قواعد وبيوت الأسر البارزانية في آذار عام 1947 إلى القصف الجوي والأرضي.
دخل البارزاني ورفاقه المثلث الحدودي من كوردستان العراق لتبدأ المسيرة التاريخية للبارزانيين سيراً على الأقدام إلى الاتحاد السوفيتي بعد أن رفض البارزاني الاستسلام للإيرانيين، حيث اشتبكت هذه القوات في رحلتها الأسطورية الصعبة مع قوات ثلاث دول محتلة لكوردستان وهي القوات الإيرانية والعراقية والتركية وبعد أن نجحت في صد هجماتها، اجتازت القوات الكوردية بقيادة المناضل مصطفى بارزاني نهر آراس لتدخل الأراضي السوفياتية يوم 18/6/1947, وليعود البارزاني الى كوردستان بعد ثورة ١٤ تموز عام 1958 ويستقبل استقبال الأبطال.
قبل الرحلة الأسطورية سلم القاضي محمد للبارزاني الخالد علم كوردستان قائلاً :
هذا هو (( رمز كوردستان اُسلمه لك أمانة في عنقك لأنك خيرٌ من يحفظه )) فكان خير من يحفظ الأمانة ويزيدها شموخا.
تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) :
بعد قيام الثورات البارزانية الأولى والثانية والالتفاف الجماهيري حولها، كان لا بد من تلازم النضالين الثوري والسياسي لتحقيق طموحات الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة.
وكان لا بد من تأسيس حزب في كوردستان العراق يقود شعب كوردستان العراق ونضالاته، فتم الاتفاق على تأسيس ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني)
عقد المؤتمر الأول يوم 16/8/1946 وأنتخب البارزانى الخالد رئيساً له، بعد أن أُنتخبت لجنته المركزية وتم وضع نظامه الداخلي، وحتى الآن يعرف الحزب بالبارتي، ليقود البارزاني البطل الحزب من انتصار إلى انتصار حتى وفاته، ليستلم زعامة الحزب البيشمركه البطل مسعود بارزاني، الذي قاد الشعب إلى الاستفتاء في 2017/9/25 ولا يزال يقوده الى الشموخ.
ثورة ايلول المجيدة :
حكومة عبد الكريم قاسم لم تكن وفية لوعودها للشعب الكوردي، ترجمت تلك الوعود بالقصف لمنطقة بارزان، ليعلن ملا مصطفى البارزاني في 11 أيلول 1961 ثورة أيلول المجيدة.
اندلعت ثورة أيلول التي قادها الجنرال الخالد مصطفى البارزاني في الحادي عشر من أيلول عام 1961 واستمرت أربعة عشر عاماً “1961-1975” حققت فيها البيشمركه الأبطال بقيادة القائد الأسطوري مصطفى البارزاني انتصارات عظيمة، قدموا أرواحهم لتحيا كوردستان شامخة حرة أبية.
اضطرت الحكومة العراقية لإجراء المفاوضات التي أنجمت عنها اتفاقية 11 آذار عام 1970 التي أقرت بالحكم الذاتي لكوردستان العراق لتكون وثيقة تاريخية سياسية قانونية شكلت أساساً متيناً لفيدرالية إقليم كوردستان.
وكالعادة، التاريخ يعيد نفسه بخياناته ومؤامراته ضد إرادة الشعب الكوردي، تنصلت الحكومة العراقية من تلك الاتفاقية وبنودها، فكانت مؤامرة الجزائر الخيانية.
مؤامرة الجزائر الخيانية 1975:
عندما فشل العدو في ميادين القتال، وانتصرت إرادة الشعب الكوردي، لجأ كسابق عهده، كتاريخه المكحل بالدكتاتورية، إلى الخيانه والغدر المتأصل في عقولهم الاستبدادية، حيث نجحت مساعي الحكومة العراقية في الوصول الى اتفاقية الجزائر الخيانية يوم 6/آذار/1975 .
أمام كل مؤامرة أو خيانة، كانت هناك ثورة، فالجبال لا تنحني، والإرادة الكوردايتية لا تقهرها الأزمات ولا عهود الدكتاتورية ولا حتى الجينوسايد.
وهذا ما أكده البارزاني الخالد بعد مؤامرة الجزائر الخيانية قائلاً :
” نحن أقوى من الجبال، سنرجع ونثور ونصمد مع صمود جبال الكردستان” .
استَمَرَّت مسيرة النضال الكوردايتي بالرغم من كل تللك الصعوبات والمؤامرات، ليقود الرئيس مَسعود بارزاني وأخوه مهندس المصالحة الوطنية إدريس بارزاني راية الشموخ في ثورة كولان التقدمية في 26/مايس/1976 امتدادا لثورة أيلول المجيدة.
بعد عام 1975 , تعرض ملا مصطفى بارزاني للمرض، وتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج، إلا أنه توفي هناك عام 1979. ونقل جثمانه الطاهر إلى كوردستان الشرقية، ووري الثرى مؤقتاً في شنو، وعقب انتفاضة آذار المجيدة اُعيد جثمانه الطاهر مع الشهيد البطل إدريس البارزاني إلى منطقة بارزان في مراسيم مهيبة، وذلك في يوم 6/10/1993 فكانت الجماهير الكوردية الوفية كعهدها تودع أسطورة الجبل البارزاني الخالد، الذي بقي خالدا في الروح والنهج والنضال
فيدرالية إقليم كوردستان كانت ثمرة الثورات البارزانية ودماء الشهداء وبطولات البيشمركه بقيادة البيشمركه الخالد ملا مصطفى البارزاني.
وثورة الاستفتاء بقيادة البيشمركه البطل مسعود بارزاني كانت أهم وثيقة تاريخية قانونية للشعب الكوردي في تقرير مصيره بنفسه.
ولا تزال المدرسة البارزاني شامخة بأبنائها المخلصين للنهج والقضية.
والآن أحفاد البارزاني الخالد وبدعم من سروك مسعود بارزاني يقودون كوردستان، وذلك ليس إلا تأكيداً راسخاً على التمسك بالثوابت القومية لنهج البارزاني الخالد، والمصالح القومية العليا للشعب الكوردي، واستمرارية أسس الإخاء والتعايش السلمي، وحماية مكتسبات إقليم كوردستان وقيادته إلى بر السلام و الأمان والازدهار.
بدعم مطلق من الرئيس مسعود البارزاني تبدأ مسيرة الشموخ لأبطال مدرسة الكوردايتي، على نهج البارزاني الخالد، لتحقيق حلم الشهداء، وتعميق التجربة الديمقراطية في آفاقه المشرقة كنموذج يحتذى به
البارزاني الخالد في قلوبنا وشمس حريتنا
الخالد في روح كوردستان
——————-
إذا اعجبتك المادة يرجى مشاركتها مع اصدقاءك من خلال النقر على رموز وسائل التواصل الاجتماعي في اعلى الصفحة