لماذا وصل نظام الملالي إلى مرحلة يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة؟ نظرة عامة على الوضع المتدهور لنظام الملالي وموقف الشعب والمقاومة الإيرانية 3-1

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
في ذكرى ثورة الشعب الإيراني المناهضة للشاه في العام الماضي، كان نظام الملالي المنهار يريد التستر على وضعه الهش بالتعبير عن سعادته من أنه لا يزال يحكم البلاد ولم تتم الإطاحة به. وفي نفس الذكرى السنوية هذا العام، الأسوأ من العام السابق، كان يشعر بالرعب الشديد من الإطاحة لدرجة أنه لم يكن قادرًا على حشد قواته لاستعراضات عضلاته الوهمية والمسرحيات الكبيرة.
وقبل انتفاضة يناير 2018، كان علي خامنئي ووكلائه في أجهزة الدولة يتظاهرون هراءً بأن نظامهم مثال ممتاز للإسلام والمسلمين والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وأنه خير محب للخير والإنسانية، وفوق ذلك كان يدعي أن هذا النظام الفاشي هو الأكثر استقرارًا وأمنًا في منطقة الشرق الأوسط.  
إلا أن انتفاضة الشعب الإيراني التي اجتاحت جميع أرجاء البلاد في يناير 2018، زجت بالولي الفقيه والملالي في طريق مسدود ووضعتهم في موقف حرج للغاية لدرجة أن علي خامنئي اضطر إلى أن يعترف فورًا بملء فيه بأن مجاهدي خلق هم من وراء الانتفاضة.  ومنذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا، لم يستمتع الملالي بالنوم يوما واحدًا ويعيشون في قلق دائم رعبًا من كابوس الإطاحة.   
وقد تصاعد هذا الرعب وبلغ ذروته عندما نزلت النيران على الجسد الهزيل لولاية الفقيه وأضرم الثوار النيران في هيكله في انتفاضة الشعب الضائق ذرعًا في نوفمبر2019 بقيادة معاقل انتفاضة المقاومة.  ومنذ ذلك اليوم فصاعدا، شهد النظام تحولًا في التعامل، حيث دارت عجلة التطورات في المنطقة في مصلحة الشعب والمقاومة الإيرانية على حساب النظام الفاشي.
واعتقد علي خامنئي أنه بقطع الإنترنت والقتل الجماعي للمحتجين سيكون قادرًا على إخماد غضب الشعب والتستر على أزمات النظام المستعصية الحل. ولكن بتصاعد الانتفاضة في نوفمبر 2019، انعطف مصير الشعب والنظام في اتجاهين متعاكسين، وسرعان ما ابتعدا عن بعضهما البعض. حيث اتجه مصير النظام الفاشي إلى مزبلة التاريخ واتجه مصير الشعب إلى مستقبل مشرق حاملًا معه الأمل للجميع مبشرًا بحياة أفضل. 
وبخلاف ذلك لم يعد هناك خبر عن ”التبجح بالقوة“ والأكاذيب المتلعقة بمعالجة الوضع عبر الكلام. ويبدو أن علي خامنئي أيضًا سمع أصوات الناس ومجاهدي خلق في طهران وكافة أرجاء إيران، ورأى بأم عينه أنهم قاموا بانتفاضتهم الأخيرة في عقر دار الولي الفقيه للإطاحة بنظام حكم الديكتاتورية الدينية.    
ولابد أن كل أقران صاحب المقال يتذكرون جيدًا أن سلف خامنئي، وهو خميني الملعون قال في السنوات الأولى من توليه السلطة: “إن عدونا ليس أمريكا، بل هو مجاهدو خلق المتواجدون في عقر دارنا في العاصمة طهران”. والآن يسمع خامنئي صوت خطواتهم ويعلم أن مجاهدي خلق لم ينقرضوا، وظهروا الآن.   
ولابد أن يعلم خامنئي جيدًا أن السبب في بقاء نظامه في السلطة حتى اليوم هو المنقذ الغربي ( وبالأحرى الإمدادات الغيبية!). أما انتفاضة الشعب المرتبطة بالمقاومة الشاملة جعلت ”هذا العامل المنقذ للنظام على مدى 40 عامًا“ يبعد عنه وذلك من خلال تحمل المعاناة والعذاب ودفع الثمن بالدماء، وأطلعت العالم على حقيقة القضية الإيرانية التي لا يمكن الطعن فيها.  الحقيقة التي تجرأ الآخرون في ضوءها الآن على فرض أكبر  العقوبات في التاريخ ضد هذا النظام وقتل أكبر إرهابي، الرجل الثاني في النظام الفاشي، مصرف الإرهاب في العالم، أي الحرسي المجرم  قاسم سليماني.
ولذلك، تكشف انتفاضة الشعب الإيراني العديد من الحقائق للجميع في ضوء الدور المنقطع النظير الذي تقوم به المقاومة الإيرانية، على النحو التالي:
–  أولًا: يخشى علي خامنئي ونظامه بشدة من اتجاه الانتفاضة نحو البطش بهم ويعلمون أن تصاعد الانتفاضة القادمة سيكون مختلفًا تمامًا، إذ سيحمل أبناء الوطن الشرفاء السلاح بشكل منظم . 
–  ثانيًا: إن انتفاضة الشعب والمقاومة المنظمة المتجسدة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمته المحورية، في علاقة عضوية متينة لا يمكن تفكيكها، هي الرد العملي الوحيد والبديل الديمقراطي لنظام الملالي الفاشي، وهذه هي الوسيلة التي سيتم بها تحقيق الإطاحة بالنظام المنتمي للولي الفقيه، وفي ضوءها سيتحرر المجتمع البشري ولا سيما شعوب منطقة الشرق الأوسط.    
–  ثالثًا: إن عملية الانتفاضة ومراحلها وصعودها عملية قانونية وعلمية بحتة وليست عملية عرضية ومؤقته. وسوف يتم القضاء على البدائل الكاذبة والمزاعم الفارغة والشعارات البراقة لفلول محمد رضا شاه المقبور أو بعض التيارات فيما يسمى باليساريين، وجميعهم مثل الرغوة على الماء التي سوف تتلاشي بالضرورة. لأن الحقائق تشير إلى أن القتال في الساحة ضد نظام الملالي شرس ومعقد لدرجة أن القوات الهشة لن تقوى على الصمود في المعركة.  
–  رابعًا: الوضع في إيران لن يعود إلى ما كان عليه سابقًا على الإطلاق، لأن سياسة الاسترضاء الغربية وسياسة نظام الملالي في فبركة الأكاذيب والخداع لم تعد فعالة ولا يمكن أن يكررها هذا النظام على الأقل كما كان يفعل سابقًا.   
في مثل هذا السياق من التطورات التي يمكن فيها تفسير سلوكيات وأفعال المستأسد المنتمي للولي الفقيه الحاكم في إيران وفي الوقت نفسه، مذهل للغاية، لأنه بعد انتفاضة نوفمبر 2019، اتخذ كل شيء مساره الصحيح. فالمواطنون المتحمسون الغاضبون مع معاقل انتفاضتهم ضد نظام الملالي،  ونظام عاجز وضعيف مع قوات محبطة ولا حول لها ولا قوة، والمسترضون يطغى عليهم طابع الخجل والفشل في أنظار العالم. 
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
——————- 
  إذا اعجبتك المادة يرجى مشاركتها مع اصدقاءك من خلال النقر على رموز وسائل التواصل الاجتماعي في اعلى الصفحة 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…