اضطراب أيض نظام الملالي في المرحلة الأخيرة.. نظرة عامة على الوضع المتدهور لنظام الملالي وموقف الشعب والمقاومة الإيرانية 3-2

بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
لقد وضع ارتكاب نظام الملالي المتعطش للدماء مذبحة أكثر من 1500 شخصًا من الشباب والثوار أثناء انتفاضة نوفمبر وما تلاها من هلاك “حارس العمق الاستراتيجي” للنظام الفاشي والرجل الثاني في هذا النظام القروسطي، وهو الحرسي قاسم سليماني ، الأمر الذي أثر بشدة على توازن النظام وعواقبه ، وفضح نفسه في تحطيم قوات حرس نظام الملالي للطائرة المدنية الأوكرانية المتعمد مع سبق الإصرار والترصد ، على خامنئي ونظامه في حالة من الضعف والانهيار لدرجة أن الشخصيات والتيارات  الأكثر تقربًا للنظام الفاشي ليس لديهم أمل في البقاء على قيد الحياة. وانطلاقًا من هذا اليأس ليس أمام على خامنئي خيار سوى  تقليص التيار الإصلاحي والإطاحة به في انتخابات مجلس شورى الملالي .  
يُقال إن الأفعى الذي يضطرب الأيض في  جسده يلتهم نفسه ويفقد قدرته على تناول الفريسة الخارجية. وهذه هي الحالة التي يعاني منها نظام الملالي الآن بعد 4 عقود من حكمه المنذر بسوء العاقبة.  
وفي مثل هذه الظروف، يبادر نظام الملالي بالاحتفال بذكرى الثورة ضد الشاه في 11 فبراير تزامنًا مع اليوم الأربعين للحرسي الهالك قاسم سليماني، وفي الوقت نفسه يحاول رفع الروح المعنوية لقواته واستقطابهم للمشاركة في انتخابات المجلس في 21 فبراير 2020. ولم يتوقف بث توسل على خامنئي وغيره من زعماء النظام للمواطنين للمشاركة في الانتخابات يومًا في وسائل الإعلام الحكومية،  واتهام شركائهم من زمرة روحاني باللعب في حقل الألغام وطمسهم. 
إن هذه المراسم التي شارك فيها الفصيلان والمتعددة الأسباب ويصفها الملالي بالمليونية استغلها النظام  لاستعراض عضلاته وأضاف إليها مبادرته لإطلاق القمر الصناعي في 8 فبراير 2020، ليست سوى فضيحة أخرى تضاف إلى فضائحه السابقة لأن القمر الصناعي فشل في الوصول إلى الهدف، وحسب قول شهود العيان والصور المنشورة، فإن عدد الحاضرين في هذه المراسم لم يتجاوز 2000  شخص وفي الوقت نفسه، رددوا هتاف “الموت لروحاني”. فياله من قدرة ومجد ملحمي، يحتاج إلى أن يزين بأفضل ميدالية في ثقافة الملالي. 
وهذه لوحة لا تدل سوى على الوضع الضعيف والهش للغاية لنظام الملالي لدرجة أنه غير قادر حتى على استدعاء قواته من المرتزقة للمشهد كما كان الحال فيما مضى، ويستعرض قوته استعراضًا بني على النفاق والفبركة!. 
ولكن يجب علينا أن نبحث عن عمق مخاوف خامنئي في مدى تأثير انتفاضة نوفمبر 2019 على هندسة مسرحية انتخابات مجلس شورى الملالي هذا العام. حيث وصل خامنئي إلى بيت القصيد في تسخير التيار الوهمي الإصلاحي وأراد في هذه الدورة من المسرحية الانتخابية أن يستفيد من نفس نموذج الدورات السابقة في هندسة الانتخابات (أي الإعلان كذبًا عن أن نسبة المشاركين في الانتخابات ممن لهم حق التصويت تتجاوز الـ 60 في المائة )  واضعًا في اعتباره أن زمرته (أي الأصوليين) تهيمن على أصوات زمرة روحاني، وقام بتصفية عدد كبير من مرشحي زمرة روحاني بواسطة مجلس صيانة الدستور، وتصل نسبة المستبعدين إلى أكثر من 95 في المائة، لكي يستطيع بهذه الطريقة أن يزيح الزمرة المنافسة من طريقه ويقوي نظامه ويرفع الروح المعنوية لقواته المنهارة. 
لكن الواقع شيء آخر، ولم يعد هناك مجال للحديث عن تعنته.
واعتمادًا على هذا الخطأ كان تقدير خامنئي، وعلى الرغم من مطالبات روحاني الحقيرة التي تدعو للغثيان لقواته للمشاركة في مسرحية الانتخابات وألا يبطشوا بصندوق الاقتراع والادعاء بأن هذا الصندوق هو منقذ النظام الفاشي، إلا أن رئيس السلطة القضائية للولي الفقيه ، الملا المجرم  إبراهيم رئيسي قال في مراسم أربعين الحرسي الجاني قاسم سليماني في  17 فبراير 2020 في كرمان مشيرًا إلى روحاني وزمرته: “إن أي مسؤول يتسبب في إحباط المواطنين من الانتخابات يعتبر واقفًا في صفوف العدو”. 
لكن في الوقت نفسه، نلاحظ تصريحات رحماني فضلي في مقابلة تلفزيونية في 15 فبراير 2020 ،  حيث قال : أحيانًا ما تتراوح نسبة مشاركة الشعب في الانتخابات في الدول الأخرى ما بين 20 إلى 30 في المائة، واستطلاع الرأي الذي أجراه موقع “بهارنيوز” الحكومي الذي يفيد بأن أكثر من 80 في المائة من المواطنين على مستوى البلاد مستائون، وتصل هذه النسبة في طهران إلى 85 في المائة، تدل على المخاوف التي اجتاحت النظام الفاشي بأكمله وأن النظام بات عاجزًا تمامًا لا حول له ولا قوة،  وأنه استخدم كل احتياطياته الإستراتيجية والأيديولوجية أملا في المحافظة على ديموميته ، لكن هيهات أن يستمر في الحكم فلم يعد لديه شيء في جعبته، والإطاحة قادمة لا محالة.    
إن لوحة عجز ومأزق النظام المنكوب بالأزمات الذي لم يعد قادرًا حتى على إجراء مسرحية واحدة لاستعراض قوته، والمثال على حقيقة المستأسد الخاسر الأصلي الآن في مواجهة الشعب والمقاومة الإيرانية.  وليس من فراغ أن يتحدث المقربين من خامنئي ومن بينهم الملا علم الهدى ، ممثل خامنئي في مشهد ؛ بصراحة عن خطر انهيار نظام الملالي ويحذرون قواتهم من ذلك . حيث قال علم الهدى: ” لقد قضينا 10 دورات من مجلس شورى الملالي  ولكن لم تكن أي دورة منها محفوفة بالمخاطر بقدر دورة المجلس الحادي عشر” ومضى قائلًا:  إذا دخلت عناصر العدو في المجلس فقد يهيمنون علينا”.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
——————- 
  إذا اعجبتك المادة يرجى مشاركتها مع اصدقاءك من خلال النقر على رموز وسائل التواصل الاجتماعي في اعلى الصفحة 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…