كاكشار اورَمار
جمهورية كردستان جانب في غاية الأهمية من هوية ملؤها وتاريخها فخر للشعب الكردي، والذي يستطيع تلقّي الدروس المفيدة من تجاربها الأثيرة. إن إعلان جمهورية مستقلة، وسط حدود بلد صاحب نظام سلطاني من جهة، ومن جهة أخرى أيضاً، ضمن تلك الشروط والظروف الصعبة، حيث بلغت الحرب العالمية الثانية نهايتها، لم يكن هناك قراراً يتَّخَذ بسهولة.
الاعتقاد، الشجاعة، واستراتيجية أركان الجمهورية، سبب أول، لكي يحصّلوا فائدة كبرى، من الفرص الأكثر محدودية. لقد أنجِزت خطوات في ميدان، كان قد طوّق بأفاعٍ شديدة السمّية، وثعالب مفترسة ووحشية. كان خطوٌ كهذا، إثر استشهاد سمكو شكاك، ، انكسار محظورات غير مخترَقة، ومزدحمة بالمخاوف .
لقد أراد الكرد أن يظهروا أنهم قادرون على أن يكونوا أصحاب سلطة مستقلة لهم كذلك. وهناك الكثير من الجهات، وجرّاء معوقات التخلف الاجتماعي، لم تبصر ذلك العمل لائقاً بالكرد. إنما لم تسأل هذه الجهات نفسها، بالمقابل،ترى، إلى ماذا يرتد أساس تخلفهم ، ومن يكونون سببه!
سوى أن الكرد، حتى قبل ذلك، كانوا قد أفصحوا، عن أنهم يستطيعون إدارة وطن، وقد أثبتوا جدارتهم بذلك. ومن المؤكد، أن هناك دور الشخصية، والقادة المضحين بأرواحهم، والعلماء بالمقابل، في بناء مستجدات مهمة ، ويهمنا أكثر إظهار ما قاموا به من واجبات .
الثاني والعشرون من كانون الثاني 1946، وفي كل عام، تُضَخ حياة مليئة بالقوة والحب، في روح القضية الكردية والحرية. وقد بلغ صوت الكرد في ذلك اليوم، طبقات السموات السبع، وكل العيون كانت تتابع مهاباد، بدءاً من كركوك، وآميدية ” عمادية “، حتى آمد، سليمانية، جولميركَي، آكَري، قاميشلو، أورميه، وان، عفرين، كرماشان وخانقين.
وهناك، ولدواعي النضال وتقديم الخدمات، من سلكوا الطريق، قاصدين تلك المدينة الصغيرة، والتي أصبحت مكاناً مقدساً. حيث التقى كرد الجهات الأربع، ليكون مرشدهم، ذلك الرجل العالم، والكبير، وذا الأخلاق الحميدة، الزعيم قاضي محمد. وأصبح ذلك اليوم، ساحة أفراح وحفلات، رقصات وأغانٍ، كلمات وألحان، مواويل، وأغنيات حياة. ونشيد/ مارش ” Ey Reqîb ” يصبح نداء وجود شعب، والذي كان يعاني على أيدي الطغاة.
في ذلك، أضاءت ساحة ” القناديل الأربعة اar çira “بأربعة قناديل لها، عموم كردستان ” تعبيراً عن جهات كردستان الأربع وتمثيلاً لها . المترجم “.وليزداد خفقان قلب طالبي الحرية قوة .
في ذلك اليوم، كان قسَم قاضي مفعماً بالنداءات العالية، لمئات السنين العمياء، والمنسية
” أيها الكرد البؤساء والمقاتلون، بدءاً من الآن وتالياُ، أبشّركم، أن لنا أيضاً موقعاً في هذا الكون. إنه حق لنا ضائع، حيث إنه من أجل نيل هذا الحق، ضحّى من أجله الشيخ عبيدالله نهري، مير محمد راوندوزي، سمكو شكاك، شيخ سعيد بيران، شيخ عبدالسلام بارزاني…وبالمئات والألوف، بأرواحهم قرباناً له …”.
لقد قال الكرد ذلك اليوم،أنه على وجه هذه الأرض هناك وطن لنا إذاً. الوطن الذي يُسمى كردستان، هو زينة الشرق الأوسط ورونقه. وقد تردد اسمها وسمعتها بامتداد التاريخ، في ذاكرة الجميع دون استثناء. وفي ذلك اليوم، أصبح اسم الكرد ولغتهم متداولين بين شعوب العالم.
في ذلك اليوم، وفي عيني ” مهاباد الميدية القديمة “، انعكست ألوان الأخضر، الأصفر، الأحمر، والأبيض، مع شمس ذلك الشتاء السعيد، الغالي، على قلوب الكرد جميعاً، في جهات الوطن الأربع، والمحتلة. وقد أشرق يوم جديد آنئذ .
لقد كان لتأسيس الجمهورية القائم على ماضي حركة طالبي الحرية من الكرد، دور كبير .
الجمهورية، أي الاحترام للتاريخ، وتقدير للمناضلين، ممن ضحوا بأرواحهم وأموالهم، ولم يحنوا رؤوسهم أمام أعداء الحرية. إنه عامل جيو-سياسي، حيث تكون مكاسبه كثيرة.
كان حدثاً ومسيرة جديدة لتاريخ قضية كردستان، حيث وضع فرصاً ثمينة أمام سياسيي الكرد، وجواب لأولئك الأشخاص، الذين لم يراجعوا الكرد، مع عقد المعاهدات وإقامة المؤتمرات، وهم يصدرون قرارات تتحكم بمصيرهم.
ومع ولادة الجمهورية، أصبحت الهوية محمية،، والحياة باتت مضمونة، وكان هناك زمن الحصول على الحقوق القانونية المشروعة.
وذلك النضال والحرب، ما كانا ضد الشعوب، إنما ضد الأنظمة الاستعمارية، والمتنكرة لها. والزعيم، يتحدث بلغة هادئة حول الحقوق الطبيعية والفطرية، ضمن الحدود المعيَّنة للجمهورية، تكون كل الأقليات الدينية والاثنية صاحبة حقوق طبيعية .
لم يكن قاضي محمد قومياً مصلحياً، حيث إنه بمبادئه الخاصة، كان يحترم إلى أقصى حد، حقوق جميع الشعوب الأخرى بالمقابل.
لقد كان الزعيم في زمانه مثقفاً استثنائياً، مهتماً بوضع إيران، كردستان والعالم .
في إثر انهيار الجمهورية، وقد رفض الخروج من مدينته، ووسط شعبه، يؤجَّه السؤال إليه في المحكمة العسكرية ” لماذا لا تهرب ؟ “
وهو من جهته، وبصوت عال، يقول التالي لجنرالات دولة إيران : ” إلى أين أهرب، منذ مئات السنين، أنا على هذه الأرض. إن عظام سبعة أجداد لنا متسلسين ، مدفونة في قلب هذه التربة. وعملي هذا قائم على حبّي لوطني وشعبي، ومهما ألحقتم بي من مكاره، إلا أنكم لن تقلِقوا شعبي…”.
هكذا كان قاضي محمد، وإلى يومنا هذا، لا زال زعيماً !
=====
بطاقة تعريف بالكاتب:
كما وردت داخل الكتاب
كاكشار اورمار، من مواليد 1973، في أورميه، شرق كردستان. حيث أمضى المرحلة الأبتدائية والمتوسطة في كل من مدينتي توريز واورميه، وجرّاء المشاكل السياسية، والعمل الصحفي، لم يستطع متابعة تعليمه العالي، وعلى خلفية من موقف عائلته، من أجل قضية كردستان، تعرَّض كثيراً، وعلى يد دولة إيران، للظلم، والإهانة، والضغوط الكبيرة. بدءاً من عام 1990، باشر بوضع الدراسات حول حياة الشخصيات الكردية والموضوعات التاريخية، وكون مضمون كتاباته سياسياً، لم يعطِ قسم الممنوعات، الموافقة على نشر تلك الدراسات في مجلات مثل “المرآة Sirwe: الهدير: Awêne “.
صورة المؤلف من داخل الكتاب مرفقة ببطاقة التعريف
بالنسبة لاورمار، بدءاً من سنوات 1993، حتى خروجه من إيران 1997، اشتغل على الكثير من المذكرات في فترة جمهورية كردستان، من خلال الحوارات التاريخية.
من أولئك الأشخاص، أمثال: مينا قاضي، مناف كريمي، محمد شابَزندي، د. سعيد عزيز شمزيني،، د. هاشم شيرازي، طاهر خان سيمكو، وآخرين، كمشروع، كان معداً للطباعة.
وتلك الحوارات، حتى الآن، نُشِرت باختصار، في كثير من الأحيان، في مواقع انترنتية، وفي مجلات وجرائد كردية، وتركية، فارسية وألمانية.
وبدءاً من عام 1998، أصبح يعمل في أوربا، في الإعلام التلفزيوني لأكثر من قناة ” ميزوبوتاميا، ميديا، روج، روناهي، ونوروز، وستيرك….” حيث قدَّم عشرات البرامج حول حياة شخصيات كردية. إلى جانب نشره لكتاباته باللغات السالفة الذكر، في صحافة هذه اللغات.
أعماله المطبوعة:
صوت الحرية، رمز الأخوَّة، آرام ديكران، 2012، آمد، ط2، 2015 آمد.
الأميرة دون التاج والعرش: عيشاشان، 2012، آمد، ط2، 2015، آمد.
مشاهد مع أم كردية، مثل مينا قاضي ” بحروف آرامية ولهجة سورانية “، 2013، سليمانية.
تاريخ جمهورية كردستان في الصورة ” قسم من أرشيف الصور والوثائق، إبان سلطة جمهورية كردستان، حيث كتِبت هوية الصور ، وشرِحِت “، 2013، سليمانية.
ما عدا ذلك، هناك الكثير من أعماله الأخرى معدَّة للطبع.
==
ملاحظة: ترجمتُ جزءاً من مقدمة الكتاب ” ص 13-14 “، أردت من خلالها تقديم فكرة عن هذا الكتاب، والمطبوع حديثاً ” 2019 ” ومن قبَل دار سيتاف” sîtav أنقرة.
وهو يقع في ” 648 ” صفحة من القطع الكبير، وجاء تحت عنوان ” مذكرات جمهورية كردستان سنة 1946- ج1: لقاءات، تحليلات، ذكريات، صور وأرشيف، مشاهدات وانتقادات “. وهو جدير بالقراءة، لأهمية موضوعه، من خلال صلات مباشرة لمؤلفه، الذي ترجمت بطاقة سيرته الملحقة بالكتاب كذلك، بالمعنيين بقاضي محمد، من أفراد عائلته، ومَن عاصروه، ومن خلال كم وافر ومهم من الصور التي تستحق دراسة خاصة بها، وهي معرَّف بها، وتقع في” 118 ” صفحة موزعة داخل الكتاب.
وقد أحببت رد جميل السيد قاهر باتَيي، ناشر الكتاب، وموطنه ” وان ” حيث أهداني نسخة منه، في مركز بيشكجي للدراسات الجامعية، جامعة دهوك ” في 20-2/ 2020 “، حيث أعمل فيه.
إبراهيم محمود