من ينتظر قرار مجلس النظام الشكلي؟

عمر كوجري
 
ارتكبت الحكومات التركية عبر تاريخها مجازر رهيبة بحق شعوب عديدة ومنها الارمن والكرد على وجه التحديد.
وبما يخص المجازر التركية بحق الأرمن هذه واقعة لا يمكن التغاضي عنها تحت أي ظرف، فالقوات العثمانية استهدفت الشعب الأرمني المسالم  قتلا ً واعتقالاً وتهجيراً، ويعتبر المؤرخون ما حدث أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين.
تسعى الحكومات التركية المتعاقبة وخلال عقود وعلى الصعيد الدبلوماسي التقليل  من آثار المجازر المرتكبة بحق الشعب الأرمني، وتحييد دول العالم عنها، وخصوصاً الدول الكبرى على المستوى العالمي مثل الولايات المتحدة الأمريكية، بدلاً من الاعتراف بها والاعتذار من هذا الشعب المسالم الذي عانى الويلات من هذه المجازر الرهيبة. 
تركيا لا تنتظر كثيراً تأخر صحوة مجلس الشعب التابع للنظام السوري الذي حلل دماء مئات الآلاف من السوريين بمناصرته العلنية لحرب النظام على شعبه والتبرير له بمحاربة الإرهاب والخارجين عن القانون ، هذا المجلس الذي أستفاق من غفوته كي يعترف بمجازر الارمن وضلوع الاتراك في القيام بها واعتبارها مجازر ضد الانسانية . 
 ان تأخر صحوة مجلس النظام طيلة هذه السنوات، ورغم هجرة عشرات الآلاف من العوائل الارمنية وهروبها نحو سوريا مع بدء جريمة الإبادة الجماعية أوائل القرن الماضي، والتنديد بها بعد مرور اقل من قرن بقليل يوضح بشكل لا لبس فيه بأنه يسعى هذا النظام استخدام الورقة الأرمنية في حربه مع تركيا وكأنه حامي الحمى والمدافع عن حقوق الأقليات في الوقت الذي ارتكب هذا النظام عشرات المجازر بحق السوريين من كافة المكونات وصور قيصر اصغر دليل على هذه المجازر .
 
وجاء في القرار أن المجلس “يدين ويقرّ جريمة الإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية بداية القرن العشرين، كما يدين أي محاولة من أي جهة كانت لإنكار هذه الجريمة”.
وورد في قرار المجلس ” أن يعبر المجلس عن تعاطفه الكامل مع الشعب الارمني الصديق يقرأ أن الارمن والسريان والآشوريين وغيرهم كانوا ضحية عمليات تصفية عرقية وممنهجة ومجازر جماعية على يد العثمانيين في تلك الفترة…. !! ” 
الملاحظ ان هذا المجلس غض طرفه تماماً عن المجازر التي ارتكبتها السلطنة العثمانية بحق الشعب الكردي ليس فقط كردستان تركيا وإنما في الأجزاء الاخرى من كردستان أيضاً  ، وفيما بعد منذ عهد المجرم مصطفى اتاتورك، وحتى اليوم، اذ قامت السلطات التركية بعمليات تصفية كبرى بحق الكرد منذ اوائل القرن الماضي وحتى الآن.
هذا السلوك وهذه السياسة الكارثية من النظام السوري وهذا العقل المغلق على منطق التاريخ، والذي يعبر بوضوح عن حقد وكراهية هذا النظام ومجلسه على الشعب الكردي والذي هو مكون رئيسي من مكونات الشعب السوري وله تاريخ مشرف في بناء الدولة السورية الحديثة وتطورها على مر السنوات الطويلة .  ان الشعب الكردي في سوريا لا يراهن مطلقاً على نظام قتل شعبه وشرده  ودمر وطنه أن يدافع عن الشعوب المظلومة كالشعب الكردي ، وهذا القرار كاف تماماً بعدم الوثوق به والدخول معه بحوار حول مستقبل سوريا والقضية الكردية ، وخاصة ان هذا النظام لا يعترف بالشعب الكردي ولا بقضيته الوطنية والقومية . 
وان الشعب الكردي لن يخول أحداً بالقيام بمهمة الحوار والتفاوض مع النظام بعد هذه مهزلة قرار مجلس النظام ، بل سيحاسب كل من يحاول الخوض في هذه التجربة المرفوضة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…