موقع (ولاتي ما) والمقيم الرقمي لنصوصها

د. محمود عباس
محاربة الحراك الكردي أخذت منحنيات جديدة، كنا قد تحدثنا عن بعضها في مقالات سابقة وأخرها في الحلقة الثانية من (منْ المهاجر المواطن في الجزيرة السورية؟) بعض هذه الأساليب جاءت مباشرة، ودون مواربة، كالمقالات التي تطعن في قضيتنا، وتصريحات ثلة من شخصيات المعارضة السورية، وشريحة مماثلة من سلطتي الأسد والبعث، والتي تتالت الكثير منها على صفحات التواصل الاجتماعي. إلى جانب الدراسات والكتب السياسية والتاريخية المنشورة في هذا المجال. ونحن هنا لا نتحدث عن الأقنية العروبية التي لا تفوت فرصة للطعن، ومحاولة إدراج حق المواطنة للكرد وتغييب القضية القومية عند كتابة الدستور السوري، وجلها أصبحت مبتذلة في البعد الإعلامي ومثلها في الساحات السياسية، والرد كثيرا ما لم تعد بذات أهمية؛ بقدر ما تحمل تلك الأساليب في ذاتها عامل فسادها وزوالها.
 أما ما يتم وببطء وخباثة، تلك التي تطعن في الإعلام والمثقف الكردي من خلال شبكات الأنترنيت وصفحات التواصل الاجتماعي إما بأسماء وهمية، أو لا يكون لهم حضور، وتظهر وكأن وراءها قوى أو شخصيات ساذجة، وفي الواقع خلفهم منظمات، يعكسون بعدا سياسيا، حتى ولو كان الفعل ينم عن ضحالة الأسلوب، وجهالة من يقدمون عليها، خاصة عندما يخلقون الشك وكأن القائم عليها شخص أو منظمة كردية. وفي الحالتين: إن كان عربيا فهي تعكس الخباثة من المخطط والغباء من الفاعل. وإن كان كرديا فهي إما الجهالة أو الارتزاق، والارتزاق على حساب القضية القومية، خيانة في بنود الدساتير الوطنية، وليس حكما فرديا مبنيا على موقف سياسي أو ثقافي معين.
  ومن هذه الأعمال، وما نحن بصدده، ما يقوم به الفرد أو المنظمة المكلفة لتقييم جميع النصوص التي تنشر في موقع (ولاتي ما) بعد لحظات، وتعطى دائما أدنى الدرجات، وتتبين أن الفاعل ليس فقط لا يقرأ الدراسة الأدبية أو المقال أو القصيدة، بل لا يجهد ذاته حتى في مفهوم العنوان لمعرفة فكرة النص على الأقل، وفي الواقع لا يهمه نوعية النص، والعملية في بعدها العام، محاولة للطعن في الموقع قبل أن يكون تقييما للكتاب والشعراء.
 لا يستبعد أن يكون القائم على العملية من ضمن الشريحة العروبية المفرزة لمحاربة الحركة الثقافية الكردية بعدة أوجه وبأساليب مختلفة، بعدما فشلت السلطات المعادية للكرد في طرقها القديمة، وهذه واحدة من ضمن عدة مخططات للتشويش على نشاطات وأعمال الحراك الثقافي الكردي، ومن بينهم ما يقدمه الكادر المشرف على موقع (ولاتي ما) بالجهود والإمكانيات الذاتية، غاية هؤلاء المتربصين تتبين ومن خلال إحراج الموقع وتشويه سمعة هيئتها القيمة وخدماتها للكتاب الكرد وأدباءهم.
 لا يهم هنا من الفاعل، كرديا أو عربيا، أو أية منظمة، بل المهم هي خلفية الدافع وهي خلق خلاف بين أطراف الحراك الثقافي، وتتبين من خلال الفعل، والفعل هنا محاولة لابتذال عمل الموقع الوطني والطعن في مفاهيم وسوية الكتاب، رغم أن الفعل بسيط، ولا يجلب انتباه إلا القلة من الكتاب والقراء، وقد كنت من بينهم، إلا مؤخرا، تابعت بعدها جميع المقالات والكتابات وتبين لي أن هذا الفعل لا يختلف عما كان يتم في المواقع العربية من قبل شريحة من المعلقين على كتابات الكتاب الكرد، وأسلوب محاربتهم بنشر نفس التعليقات دون تعديل خلف نصوص جميع الكتاب الكرد.
 هذه واحدة من عدة مسارات لأعدائنا في استخدام الإنترنيت على محاربة الحراك الثقافي الكردي، والذي يكاد لا يختلف عما كانت تقوم به المربعات الأمنية سابقا، فقد كانت أساليبهم أيضا مخفية، والاختلاف هنا أننا نواجه ليس مربعا أمنيا بل لربما مرتزقا، يستغله المربع الأمني، أو ساذج متأثر بمفهوم يخدم المربع الأمني والسلطات المعادية بطرق لا يدركها، وهي تنم عن قلة إدراك مغلف بجهالة.
 ملاحظة: نحن الكرد لا نعرف الحلول الوسطية، في جميع المعادلات، فحتى في التقييم المنوه إليه، لم ألاحظ يوما ما، من قيم نص بين رقمي 1 و5 وكأنه لا وجود للأرقام 2-3-4، هذه النفسية نلاحظها بشكل واضح في علاقاتنا السياسية، فإما أن نكون على قمة التحالف أو على عداوة، إما أن نوصف الفرد بالوطنية أو بالخيانة، وهي واحدة من علاتنا التي يجب معالجتها بتوعية الذات.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
18/2/2020م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…