الحرب المدمرة في أدلب وتنفيذ اتفاقيتي أستانا وسوتشي

ريزان شيخموس 
تستمر حملة التصعيد العسكرية في ريفي ادلب وحلب الجنوبي مما ينتج عنه قتل مئات المدنيين من الاطفال والنساء ونزوح مئات الالوف  وتهجيرهم من قراهم وبيوتهم في هذا الشتاء القاسي دون مأوى او مأكل، حيث يتعرض أبناء شعبنا السوري مرة أخرى للنزوح وترك منازلهم المدمرة، ويعانون هم وأطفالهم الويلات جراء هذه الحرب المدمرة والتصعيد العسكري الكبير من قبل النظام السوري والمدعوم من روسيا والميليشيات الشيعية من جهة وتركيا وقوى المعارضة المحسوبة عليها من جهة أخرى، رغم كل التحشدات العسكرية الكبيرة التي يقيمها الجيش التركي وتهديدات الرئيس التركي أردوغان الكثيرة يحقق جيش النظام السوري تقدماً كبيراً، واستطاع السيطرة على العديد من المناطق في ريفي ادلب وحلب وفتح الطريق الدولي دمشق حلب . 
تزامن هذا التصعيد العسكري بالحرب الإعلامية الكبيرة بين الطرفين، رغم أنه ما يحدث في هذه التطورات العسكرية ليس امرا طارئا بل نتيجة طبيعية لاتفاقات استانا وسوتشي بين تركيا وروسيا وايران والذي تعهدت فيه تركيا بتسليم الطرق الدولية الواصلة بين حلب وكلا من دمشق واللاذقية الى النظام السوري ونزع اسلحة جبهة تحرير الشام (النصرة ) وهو الثمن الذي دفعته تركيا لروسيا مقابل السماح لها باحتلال مناطق عفرين وسري كانيه وكري سبي، أما ما يحدث من التحشدات العسكرية التركية رغم انها طرف أساسي من الاتفاقية الثلاثية، وخاصة بعد حدوث عديد من اللقاءات بين تركيا وروسيا، وبين المخابرات التركية والسورية، هو الخوف التركي الكبير من التقدم الحاصل لجيش النظام الأسدي وانها تسعى زيادة نفوذها العسكري في شمال سوريا وتأمين للمناطق المحتلة من قبلها واعتبارها عمق استراتيجي لنفوذها، كما انها تبرر للمعارضة مواقفها التراجعية في الحدث الأدلبي ، و تنفيذاً للاتفاقية لابد لتركيا ان تنهي دور جبهة النصرة لاحقاً. وهنا لابد من توضيح بعض النقاط الرئيسية في الحدث السوري: 
⁃ النظام الأسدي هو الذي يتحمل بشكل أساسي عن كل ما يحدث في سوريا من قتل وتدمير وتهجير ومنظمات إرهابيه وتدخل دولي وتعميق للازمة السورية ومصادرة القرار السوري للدول المحتلة لسوريا ، كما انه لازال يعتقد بأن الحل العسكري هو الوحيد في الوضع السوري. 
⁃ عدم توفر أية إرادة دولية لحل الأزمة السورية سياسياً حيث أن القرار الوحيد الذي لازال هو الأفضل للشعب السوري هو بيان جنيف 1 والقرار 2254 لإنهاء معاناة السوريين بتطبيق القرارات الدولية وتشكيل هيئة حكم انتقالي تناط بها إدارة البلاد واجراء انتخابات برلمانية رئاسيةللوصول الى سورية جديدة لكل السوريين دون تمييز او إقصاء. 
⁃ إن اتفاقيتي أستانا وسوتشي تخدم مصالح وأجندات الدول الموقعة عليها وهي تركيا وروسيا وإيران وإنها على حساب قضية الشعب السوري بكل مكوناته ودماء ودموعه . 
⁃ ان الدول المحتلة لسوريا ليست جمعيات خيرية بل لها مصالحها وإنها لا تملك أية حلول للأزمة السورية بل بل انها تديرها وفق مناطق نفوذها وأجنداتها . 
⁃ إن الدول الداعمة والميليشيات الداعمة للنظام الأسدي في سوريا في حربه ضد شعبه كروسيا وإيران كانت صادقة مع هذا النظام الذي يعبر في النتيجة عن مصالحها في سوريا وإنها شريكة هذا النظام في القتل والتدمير والتهجير . 
⁃ إن تركيا التي لعبت دوراً مهماً في دعم المعارضة السورية واستقبلت ملايين اللاجئين  السوريين وساعدتهم ولكنها استخدمت لاحقاً ورقة هؤلاء اللاجئين في مصالحها وأجنداتها في سوريا وسلبت قرار الحكومة السورية المؤقتة والجيش الوطني السوري ،  فبدلاً أن تدعم هذا الجيش بالسلاح والعتاد في حربه ضد النظام الأسدي و توجهه لتحرير المناطق في الداخل السوري استخدمته في احتلالها للمناطق الكردية في عفرين و سري كانييه ( رأس العين ) وكري سبي ( تل أبيض ) وحولتهم إلى مرتزقة في ممارسة كل الانتهاكات الخطيرة ضد الشعب الكردي في هذه المناطق والتغيير الديمغرافي وحولت المناطق الآمنة إلى مناطق حرب وتهجير ولجوء ،  فالحكومة  التركي لديها هاجس كبير في سوريا والذي هو تصفية الوجود الكردي وابعاد الكرد عن حدودها الجنوبية وهو الدور الوظيفي الذي باتت تركيا تلعبه ولو على حساب قتل السوريين وتهجيرهم دون اي رادع او وضع حد من قبل المجتمع الدولي للغطرسة التركية في سوريا واحتلال اراضيها  .فلولا استثمار تركيا للتناقضات الاستراتيجية بين امريكا وروسيا لما كان لها ان تقوم بكل ما قامت به وتستثمر معاناة السوريين من اجل تحقيق اهداف ومصالح تركيا .
⁃ إن المعارضة السورية تشتت وفقدت بوصلتها السورية المعبرة عن المشروع السوري المستقبلي وقرارها السوري لصالح الدول الداعمة لها وبهذا أضعفت وتمزقت وخسرت جماهيرها وأصدقائها، ولم تعد تقوى ان تقاوم هذا النظام المجرم بل تحولت العديد من هذه الاطر إلى أدوات تنفذ اجندات الدول المحتلة لسوريا، ولَم تقدم أي مشروع وطني سوري يعبر عن مصالح كل مكونات هذا الشعب، وبهذا تمزق الشعب السوري وزاد الشرخ بين مكوناته. 
إن الشعب السوري الذي ثار ضد النظام الأسدي مطالباً بحريته وكرامته أسوة بكل شعوب العالم الحر والمتمدن قدم أغلى ما يملك من التضحيات من أجل تحقيق أهدافه ، لكنه واجه العديد من التحديات الكبيرة اثر الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها قيادات المعارضة ، وبهذا حول النظام الأسدي سوريا إلى ساحة حرب حقيقية ودخول منظمات ارهابية وبهذا سمحت دخول كل دول العالم إلى سوريا لتحولها إلى ساحة تنفذ أجنداتها ومصالحها وتصارعت هذه الدول على سوريا وليس على مصالح الشعب السوري بل كان على حساب دماء ودموع هذا الشعب العظيم.
ورغم كل ما تعرضت ويتعرض له شعبنا السوري سيتحرر من كل هذه المأسي والظلم ولن يكون لهذا النظام أي مستقبل في سوريا. وإن الشعب الكردي في سوريا هو مكون رئيسي من مكونات الشعب السوري وشارك في الثورة السورية منذ بداياتها وأنه جزء من المعارضة السورية ولا يقبل أن يتفاوض أحداً باسمه مع النظام السوري الذي فقد شرعيته في اليوم الأول من الثورة السورية وسيكون له دور في سوريا المستقبل من خلال مشاركة ممثليه في المفاوضات وبإشراف دولي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…