وليد حاج عبدالقادر / دبي
مع بداية سبعينيات القرن الماضي في تركيا وتنامي شدة وعنف التيارات اليمينية واليسارية فيها ، بالترافق مع مقدمات تبلور التوجهات التي مهدت – أيديولوجيا – لظهور منظومة حزب العمال الكوردستاني في أواسط السبعينيات بخروجها من رحم اليسار التركي ( منظمة اتحاد الشباب الثوري التركي ) ، ومن – مشيخة – حكمت قفله جميلي كخليط متداخل لأفكار يسارية متعددة التوجهات ، والتي لاتزال واحدة من أسس بنيتها التطبيقية سياسيا ، واعني بذلك ، سهولة التأرجح قوميا ، وكان قد مهد قبلها لذلك ولادة منظمة آبو والتي تحولت في عام ١٩٧٨ إلى حزب العمال الكوردستاني الذي قدم نفسه كفصيل يؤمن بالماركسية اللينينية وبطراز تنظيمي ستاليني محكم ، هذا المسلك الذي ساهم في تأسيس أرضية متينة منهجت للتصفيات الداخلية من جهة ، على أرضية اعتبار كل مختلف عدو ، وكل مغادر خائن للقضية ، ورسخت قاعدة نفي وجودي لجميع التيارات والمنظمات الكوردية الأخرى ،
هذا المسلك الذي أصبح بمثابة دستور نافذ وغير قابل وبأي شكل للطعن او التشكيك ، وفي العمق الجماهيري كان سلاحه النظري في مواجهة أية معضلة ! ترتكز على مبدأ حرق المراحل لا مواجهتها ، ولهذا حمل صفة ( الطلبة ، عجلجي ) والذي ترسخ وتحول مع الأيام الى هيمنة فكر استبدادي نتج ومن على ارضيته مركزية مفرطة داخل البنية التنظيمية وكذلك الهيمنة الفكرية ، في قمع ممنهج لمفهوم التطور البنيوي ، وبالتالي تمازج وتطور الأفكار والطروحات المطورة والمحفزة للتحولات النوعية صعودا لخضات هبوط وبمسميات هلامية مبهرجة كما كانت ولم تزل تمارسها المركزية المفرطة هرميا ، هذه المركزية الفوقية وبآلية تحكمها التي وسمتها بشرعية ومحاكم ثورية وبمحاكم لها أدواتها التنفيذي دامالإعدامات واغتيالات طالت اسماء لامعة في صفوفها ، هذه الآلية التي حوطت المنظومة وبمركزية مفرطة في الاحكام والقرارات كما وصياغة / تغيير الأهداف والتنقل مثل حجر الشطرنج من موقع لآخر وبتداخل ممنهج بين الأهداف الإستراتيجية والتكتيكية ، وتحريكها بما يتلائم مع سيكولجية القيادة الذي كان هو ذاته القائد الضرورة ، كل ذلك بتراتبية مهدت وبعنفها التنظيمي المعروف الى سيادة نمط البناء الهرمي عكسا اي من الأعلى ، والذي مع الأيام تراكم فيه تناقضاته وغرائب مصطلحاته ، لابل ، والوصول بالأهداف الى أدنى درجاتها ، ناهيك عن تداخل وخلط القضايا ، فمن حزب عمالي ماركسي وبنكهة قومية كوردستانية صرفة ، والهدف هو الإستقلال – serxwebon – وعلى قاعدتها تمت توصيفات وتقييم ومن ثم محاربة ( الانتهازيين واحزاب الحكم الذاتي او ال – برلمنتو – ) والحكم باستهدافها تصفويا ، وهذا ما حدث في اواخر السبعينيات حتى انقلاب الجيش بقيادة كنعان ايفرين سنة ١٩٨٠ . ومن ثم الانتقال الى خارج بيئتها في كوردستان تركيا ، هذه السلسلة من الاحداث التي عاصرها غالبيتنا ، والتي انتجت على نمط الأحزاب الشمولية كالشيوعيين والبعثيين فاوجدت ما تسمى بالقيادات القومية ، او منظومة الاحزاب الشيوعية المرتبطة بالسوفيت ، التي فرضت ذاتها كإطار سيادي صرف وصاحبة القرار والتمثل ووو حتى التوحد ، كل هذا ومن دون مجرد التفكير بالخاصية المحلية وظروف الأجزاء واوضاعها الخاصة ، لابل تجاوزت هذه المنظومة ، وفي محاولة فرض الهيمنة الأيديولوجية فوقيا من جهة ، والسعي لاستغلال – تسخير طاقات الأجزاء الاخرى وصرفها في كوردستان تركيا ، كبديل سهل وسلس عن تهيئة البنية الحقيقية بشريا واقتصاديا وحتى سياسيا ، وعدم بناء قاعدة عسكرية في الداخل ، هربا من تامين مناطق محررة ، تنوط بها تحفيز وتطوير أسس النضال الجماهيري ، رغم الزعم بتوفر ذلك ، والأهم في كل ذلك ، كان الفشل الذريع في مأسسة نضالات جماهيرية شعبية ، كالمظاهرات والعصيانات – التي حدثت في بوتان ونصيبين وغيرهما – وبقي التركيز فقط في التوزع الشرياني داخل سوريا حافظ أسد وايضا في كوردستاني العراق / إيران وبالتضاد مع حركاتها السياسية الكوردية ، لابل وبالتوافق كانت مع النظم الثلاث الغاصبة لتلك الأجزاء ، وارشيف هذا الحزب يحمل بين طياته كثيرا من البيانات والمواقف منقولة عن السيد اوجلان شخصيا عن ضرورة التعاون الإستراتيجي فيما بين هذه الأنظمة وحزبه ، وهنا لابد من التنويه بأن الحزب هو الذي مهد بانتشاره على جانبي حدود كردستان العراق وتركيا ، وأصبح سببا مباشرا لضغط تركيا حينها على صدام حسين ، والإتفاقية التي وقعت بينهما بالسماح لقواتهما بدخول طرفي كوردستان ولمسافة ٢٥ كم ، هذه المفردات ذاتها تم البناء عليها لاحقا في سوريا – اتفاقية أضنة – ، ولتتعمق المسألة اكثر وبإيضاحات اوسع سيما بعيد عام ٢٠١٢ وما تم في مناطقنا الكوردية في سوريا ، على قاعدة سياسة التمدد عمقا نحو الجنوب خروجا من الحاضنة ، سواءا لمحاربة داعش في إطار التحالف الدولي كعنوان عريض لها ، او كهدف يودي في محصلتها الى ما كشفته الأيام اللاحقة من هشاشة المشروع السياسي لكافة الاطر والتشكيلات التي انبثقت من هذه المنظومة وإفراغها الممنهج من اية توجه قومي كوردي صريح وواضح ، والتي تناغمت كالعادة من جديد ، مع بدعة منظومة فكرية – فلسفية وبعنوان عريض – براديغما – و : كاستهداف حقيقي للخاصية الكوردية وكوردستان ، هذه السياسة التطبيقية الممارسة وطروحاتها ال ( سوريا – الامة الديمقراطية ) ، في تمهيد ممنهج – بقصد او من دونه – لتمرير كل المشاريع التي استهدفت الكورد المناطق الكوردية في سوريا ، وبشكل خاص قضية المغمورين ، وبزعم جغرافي يتم العمل عليه في إطار شرقي الفرات من جهة وتعويم نسبة الكورد في الإقليم المقترح الى ما دون مستوى اتخاذ قرار بمنسوب الاكثرية الميكانيكية ، هذه الخطوات ، هي نقطة التخوف الرئيسي من المشروع الذي يعمل عليه السيد مظلوم عبدي من خلال قسد وكأساس لمسد ( مجلس سوريا السياسي ) وغطاء سياسي اوحد من جهة ، وكتأطير – تعويم للهيكليات المهيمنة حاليا من خلال إيجاد صيغ لتفاهمات – ربما – ما ارتقت – برأيي الشخصي – ولن ترتقي في سويتها طروحات الأسدين ومفاهيم جبهتهما القومية / الوطنية ، وختاما : لقد بقيت المنظومة ولم تزل في جوهرها – كإرث – متمسكة وكعهدة صارمة لأسس – منظمة اتحاد الشباب الثوري التركي – في محاربة كل التوجهات القومية ضمن دولة تركيا ، وتطويق نضالاتها الخاصوية ( سواء دريت بذلك ام لم تدر ) خدمة لهيمنة القومية التركية بدمج متقن ومتعوب عليه في طمس الهوية الوطنية وتعليبها لصالح قومية الدولة التركية وتعويمها وطنيا ولكن بديماغوجية مفرغة تماما من أية فحوى ، ومن هنا يبرز اوجه التناقض الشكلي بين ب ه د والتجانس الفعلي مع المنظومة العسكرية لحزب العمال الكوردستاني .