أكراد العراق .. (بيضة قبان) أم (صمام أمان)

علي شمدين*

تابعت يوم الخميس (30/8/2007) على قناة العربية برنامج (حوار العرب : الطائفية في العراق أسبابها وسبل علاجها) ، ادارها مقدم البرنامج الصحفي طالب كنعان ، وشارك في الحلقة كل من : أياد جمال الدين (القائمة العراقة) ، ظافر العاني ( جبهة التوافق) ، فالح الفياض (الائتلاف العراقي) ، وغسان العطية (المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية) ،  وما لفت نظري من هذا الحوار هو قول للسيد غسان العطية حول الدور الكردي في العملية السياسية ، حيث قال : كان بامكان الكرد ان يلعبوا دور بيضة القبان للتوافق بين الشيعة والسنة ، ولكن قياداتهم السياسية اصطفوا مع الطائفيين ..
وبالتدقيق في قول العطية هذا ، وهو الذي لم يخفي تعاطفه خلال الحوار مع الكرد حتى في اقامة دولته المستقلة ، يمكن تسجيل الملاحظات السريعة التالية :
– لااعتقد ان اللوحة السياسية للصراع الدائر في الساحة العراقية يمكن شطرها بهذه السذاجة الى شطرين (سني) و (وشيعي) ، اذ ان القوى المطروحة على الساحة والمتلبسة باللباس السني ، وكذلك المتلبسة باللباس الشيعي لا تمثل طوائفها تمثيلا مطلقا بل نسبيا ..


– ولا اعتقد انه من المنطق اسقاط صفة الطائفية على القوى الممثلة للشيعة فقط وحجبها عن القوى التي تدعي تمثيل السنة ، اذ يفهم بين سطوره انه يشير غمزا الى (جبهة المعتدلين) التي تشكلت بين الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني) والحزبين الشيعيين (الدعوة والمجلس الاعلى) ، حيث يعتبر ذلك اصطفافا للقيادات الكردية الى جانب الطائفيين ..
– ثم ان هذه الجبهة لاتمثل قط اصطفافا للكرد مع الشيعة كما يجزم العطية ، وانما هي جبهة تتكون وكما قال مام جلال في المؤتمر الصحفي الذي عقده في السليمانية (8/9/2007) ، حيث قال  : انها جبهة بين الكرد والعرب (الدعوة والمجلس) ، وبين السنة (الكرد) والشيعة ، وبين العلمانيين (الكرد) وبين الاسلاميين (الشيعة) ..

ومن هنا فان ما يصفه العطية بالاصطفاف مع الطائفيين هو خطا يفترض ان يكون وهو الاكاديمي المعروف آخر من يقترفه وخاصة بحق الكرد الذين لعبوا دورا جامعا لكل الكتل والفصائل والمجموعات وحتى الاشخاص ولم يصطفوا مع احد باية معايير الا بمعيار الشرعية الديمقراطية والمصلحة الوطنية العليا ليس الا ، حيث قال مام جلال :  عندما تعرّض إخوتنا العرب الشيعة إلى الاضطهاد وقفنا معهم, سنقف بنفس القوة مع إخوتنا العرب السنة عندما يتعرضون للاضطهاد ..
– اما ان يدعو العطية اصدقائه الكرد لان يلعبوا دور بيضة القبان على حساب معاناة الشعب العراقي وعدم حسم موقفهم الفاصل بين الخير والشر ، وبين الارهاب وضحاياه وبين الحق والباطل وبين الديمقراطية والدكتاتورية وبين الشرعية البرلمانة واللاشرعية ، فهي زلة لسان منه كما اعتقد ، لان بيضة القبان تطلق في الموروث الكردي والعربي ايضا كما اعلم على من يمتهن الدور الانتهازي ، فالكرد وساستهم بالاخص كانوا دائما صمام امان ولم يكونوا انتهازيين ابدا كما يتمناه العطية ، وهم يتعاملون مع السياسة كعلم له اخلاقه واصوله ومبادئه ، لاكفن مجرد من كل ذلك كما يمارسه غسان العطية وظافر العاني وآخرون امثالهم  ..
———–

* – كاتب كردي من سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…