د. ولات ح محمد
من دون أية مقدمة لن أقارن بينك يا سيد حسن وبين القائد الشجاع مسعود بارزاني لأن أية مقارنة من هذا النوع ستكون إهانة لشخصه الكريم؛ فالمقارنة العادلة تكون بين المرء وقرينه أو من يكون في مقامه؛ فهل يمكن المقارنة مثلاً بين من هو على قوائم الإرهاب إلى جوار داعش ومن يقف على قوائم الشجاعة والنضال والتحرر والمدنية والإنسانية والانتصار. في حديث الشجاعة، هل واجهتَ يوماً عدوك صدراً لصدر وجبهة لجبهة وعيناً في عين؟ هل نمتَ في شِعَب الجبال وأعماق الكهوف في الليالي المظلمة والباردة وافترشت الصخر والتحفت السماء وتوسدت بندقيتك ومن حولك الأعداء والوحوش؟.
هل واجهت يوماً عدوك تفصلك عنه فقط مئات الأمتار وسلاحه بعشرة أمثال سلاحك وعديد رجاله أضعاف عديد رجالك؟. أنت لم تجرب كل ذلك، فكيف يمكن قياس شجاعتك؟. لذلك بدلاً من هذه المقارنة العبثية سأضعك مباشرة أمام مرآة نفسك كي ترها كما هي وتقيس شجاعتك بنفسك.
منذ سنوات وأنت تقبع خوفاً على نفسك في سرداب تحت سرداب، بينما تدفع الناس بكل “شجاعة” إلى الموت، لأن أرواحهم رخيصة في حساباتك، أما روحك فغالية عليك تحفظها في علب من الاسمنت، ثم تتحدث عن خوف الآخرين!!. تقول إنك مثل قاسم سليماني تبحث عن الشهادة، فهل من يبحث عن الشهادة يهرب منها ويختبئ لسنوات وسنوات تحت الأرض أم يعمل في ميادين القتال والمواجهات كما فعل القائد الشجاع مسعود بارزاني لأربعين سنة في الجبال والوديان والكهوف؟. فهل يحق لقائد مختبئ مثلك أن يتحدث عن خوف الآخرين؟. هل تستطيع أن تخبر الناس عن بطولة، مغامرة، معركة خضتها على المستوى الشخصي لتكون دليلاً على شجاعتك؟ أنت “شجاع” فقط في التضحية بأرواح الناس ودفعهم إلى الموت، وهذه ليست شجاعة كما تعلم، بل شيء آخر.
منذ عقود طويلة وأنت الوحيد الذي تقود ميليشيا في بلدك، الوحيد الذي تعطل الحياة هناك، الوحيد الذي تستعرض قوتك العسكرية أمام أبناء بلدك كي تأخذ منهم بالتخويف ما تعجز عنه بالسياسة، الوحيد الذي تصادر من دولتك قرار الحرب، الوحيد الذي تدفع شباب بلدك للموت ليس من أجل بلدهم، بل من أجل صاحب العمامة الكبرى. وفي النتيجة أنت الوحيد الذي جررت شعبك رغماً عنه إلى حروب عبثية مدمرة. فهل تحسب هذه شجاعة؟!
هذا ما قدمته لأبناء شعبك، فهل أخبرك بما قدمه الزعيم البارزاني وبيشمركة كوردستان للشعب الكوردي وللعالم؟ هل أخبرك عن مكانة البارزاني على طاولة قادة الأمم الحرة؟. عندما كان البيشمركة يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم كله بقيادة البيشمركة الأكبر مسعود بارزاني كنت قابعاً في سردابك تصدر الأوامر لمحاربة أولئك البيشمركة في كركوك إلى جانب سليماني لفتح الطريق أمام داعش كي يعود من جديد، فهل هذه هي شجاعتك؟.
القائد الذي يتقدم جنوده ويكون معهم في الجبهات ويخاف عليهم ويحرص على سلامتهم ولا يلقي بهم إلى التهلكة ويخشى على سلامة قومه وعلى أرواحهم وممتلكاتهم ومكتسباتهم هو القائد الصادق والشجاع. ولكن يبدو أنك يا سيد حسن نصرالله لا تعرف هذه القيمة لأن أرواح جنودك وسلامة شعبك عموماً وأمنهم وممتلكاتهم لا تعني بالنسبة إليك شيئاً ولا تثير مخاوفك وقلقك، ما دامت العمامة الكبرى في عيشة راضية. لذلك من السهل عليك أن تورط بلدك وشعبك في حروب وصراعات خارجية وداخلية مهلكة. أهذه بالنسبة إليك هي شجاعة القائد؟!.
أن تخاف على قومك ودولتك يعني أنك تحبهم، ويعني أنك تُعمل العقل من أجل سلامتهم، ويعني أنك تفكر فيهم وليس في نفسك، ويعني أنك تشعر بمسؤوليتك عنهم ولا تغامر بهم لأهوائك الشخصية أو تهورك غير المحسوب أو لحساب من يقف خارج الحدود كما تفعل يا نصرالله. الخوف شيء والجبن شيء آخر يا سيد. الشجاعة شيء والتهور الذي تعرفه جيداً شيء آخر. خوف القائد والزعيم (إن وُجِد) دليل على شجاعته وترجيحه لحسابات العقل. يقول المتنبي:
العقل قبل شجاعة الشجعان هو أولٌ، ولها المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ بلغتْ من العلياء كـل مكان
القائد مسعود بارزاني جمع كليهما معاً، يقدم هذا حيناً ويقدم تلك حيناً آخر، وذلك حسب مقتضى الحال. أما أنت يا سيد فإن أفعالك وأقوالك مع شعبك ومع الآخرين تدل على أن محروم منهما معاً. ولا بد لي في هذا المقام من أن أشير إلى أن لغتك الهابطة يا سيد حسن في مخاطبة هذا القائد الشجاع والحكيم بشهادة العالم كله دليل على أنك لا تصلح لأن تكون سوى زعيم ميليشيا، ولا يمكن أن تكون رجل دولة، لأن القادة لا يتخاطبون بهذه الطريقة المبتذلة مهما بلغت ما بينهم من خلاف أو اختلاف.
شتان ما بين من يمثل أمة ومن يمثل ميليشيا، بين من يعمّر بلداً ومن يخرب دولة، بين من يحارب من أجل رفعة شعبه وحمايته ومن يدفع الناس للموت من أجل هدم بلده ورفعة بلاد الآخرين، بين من يخاف على شعبه ومن يخاف على نفسه، بين من يَصْدق مع شعبه ويطلب له الحياة ومن يكذب ليل نهار على جمهوره ليدفعه للموت، بين شجاع حاربَ في الجبال وجاور السباع والصقور وخائف على نفسه “يقاوم” عبر الشاشة من سراديب وجحور.