المؤتمر الكردي في سوريا…هو الفَصْلًَُِِ والحَكَمْ !

عبدالرحمن يزدان

خلال نصف قرن من نضال الحركة الكردية في سوريا ، شهدت الساحة السياسية الكردية عددا من الانشقاقات بمبررات غير مقنعة ومنافية للمنطق، وكان (توحيد الحركة الكردية في سوريا) من ابرز الشعارات التي كان يطرحه كل حزب وليد بهدف تعمية الجماهير الكردية والتلاعب بعواطفها ولكن لم تنطلي عليها اليوم مثل هذه الاضاليل ..
 ورغم ذلك فان القوى الخيرة لم تظل مكتوفة الايدي ، وانما جاهدت من اجل مواجهة ظاهرة الانشقاقات هذه بخطوات واقعية ، تتوجت باعلان الهيئة المشتركة للتحالف والجبهة وطرح الرؤية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا ، والدعوة الى عقد مؤتمر قومي كردي في سوريا تدعى اليها كافة شرائح المجتمع الكردي (ثقافية، سياسية، اجتماعية..) للتحاور والتوصل الى رؤية مشتركة وتشكيل مرجعية كردية ذات مصداقية  ..
ومن هنا فإن اصرار بعض الاحزاب على عدم الحاجة لعقد المؤتمر والعمل على عرقلته والالتفاف عليه بالدعوة الى اتفاق الاحزاب فقط على وثيقة مبادئ دون الحاجة الى عقد مؤتمر بمشاركة ممثلي مختلف الشرائح والفئات الكردية ، ان هذه الجهات انما تتوجس خيفة من اي محاولة لإشراك الشعب الكردي في تفاصيل النضال وتحديد شكله ومضمونه باعتباره صاحب المصلحة الحقيقية في هكذا محطات ويتأثر بنتائجها مباشرة ، إن اي مرجعية او وثيقة ستكون اكثر شرعية ومصداقية بكل تأكيد اذا ما شارك في اختيارها وصياغتها ممثلي الشعب الكردي وهذا ما تهدف اليه الهيئة المشتركة للتحالف والجبهة في دعوتها لعقد مؤتمر قومي في هذه الظروف التاريخية دون اقصاء او تهميش احد ، ولكن مع ذلك لاتتردد بعض الاحزاب في رفض هكذا مبادرات وانما تحاول تغييب الجماهير عن هذه المحطات والشطب على ارادتها ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تقاوم هذه الأحزاب فكرة مشاركة تلك الشرائح والفعاليات في اتخاذ القرار والقيام بواجباتها النضالية ؟ الجواب هو ان هذه الاطراف المزاودة التي تعارض عقد المؤتمر (وحتى التي تريد عقده ولكن بشرط اقرار وثيقة معدة مسبقا وان لاتتطرح للتصويت في المؤتمر المزمع عقده) انما كانت تطرح شعار توحيد الحركة للتضليل فقط ، وإن عقد المؤتمر القومي يعتبر خط أحمر عندها لانها تدرك جيدا ان سياساتها المغامرة لن تصمد امام الاختبار في المؤتمر المنشود ، وعلى القراء الاعزاء ان يقدروا حجم التضليل الذي يمارسه هؤلاء الذين لايكفون عن التبجح بالدعوة الى توحيد صفوف الحركة بينما هم عمليا منخرطون في الانشقاقات حتى العظم ، كما انهم هم انفسهم الذين يتهربون ميدانيا من كل عمل مشترك قومي او وطني ، ويمانعون اية مبادرة جدية للتوصل الى عقد مؤتمر للتوصل الى خطاب سياسي مشترك واختيار مرجعية كردية طالما انتظرته الجماهير الكردية التي ملت المزاودات والشعارات الفارغة ..
 ويبقى النجاح في عقد المؤتمر بمن يحضر وبدون شروط مسبقة هو الامتحان الأخير الذي تراهن عليه كافة شرائح المجتمع الكردي وتحتكم اليه ، والهيئة العامة للجبهة والتحالف تتحمل مسؤلية تأخر انعقاده وتعطيله كل هذا الوقت باعتبارها صاحبة المبادرة ، ولان التجربة اكدت عدم جدية القوى المعرقلة في حواراتها لابل عدم ايمانها بعقد المؤتمر اصلا ، وهذا ما اعلنته بعض الاطراف صراحة ورات بانه لاداعي لعقده وانما الاكتفاء بتوافقات حزبية اثبتت التجربة عدم التزامهم بها ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…